ملفات وتقارير

هل يمهد قانون "قيصر" الأمريكي لإسقاط النظام السوري؟

العقوبات ستمنع تعويم النظام سياسيا من الأطراف العربية أو الدولية ما يتيح تحقيق نتائج في السعي لإسقاطه- جيتي

بعثت خسارة الليرة السورية لقيمتها مؤخرا، وهبوط لمستويات قياسية أمام العملات الأجنبية، بإشارات أولوية لحجم تأثر اقتصاد نظام الأسد بالعقوبات الأمريكية المنتظرة، حتى قبل تفعيلها، ما يتيح التساؤل عن آفاق تطبيق واشنطن لقانون "قيصر".

وفي الأسواق المحلية، هوت الليرة السورية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تعدى سعر الدولار الأمريكي الواحد حاجز الـ2500 ليرة سورية، بعد أن كان سعره بحدود 47 ليرة قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011.

 

وتوقع مصرفيون في حديث لـ"عربي21" استمرار انخفاض قيمة العملة السورية خلال الأيام القليلة المقبلة، نتيجة اقتراب دخول قانون "قيصر" حيز التطبيق، وذهب البعض إلى التكهن بوصول سعر الدولار إلى ما يقارب الـ5000 ليرة سورية، في غضون الشهر الجاري.

ووسط ذلك، تثار تساؤلات حول مدى قدرة العقوبات التي ستبدأ في 17 حزيران/ يونيو الجاري، على إسقاط النظام، وسط تباين في الآراء والقراءات.


عوامل مجتمعة تحتم السقوط

ويشير المحلل السياسي، أسامة بشير، في حديثه لـ"عربي21"، إلى أسباب عدة، تحتم من وجهة نظره سقوط النظام السوري.

ويوضح "بشير" أن ما يثير التفاؤل بسقوط النظام السوري، هو اجتماع عوامل عدة، إلى جانب العقوبات، ستقود في نهاية المطاف إلى سقوط النظام، ومنها الخلافات الداخلية، والانقسامات في الطائفة "العلوية"، إلى جانب الجمود السياسي، وامتناع الأطراف الدولية عن المساهمة بإعادة الإعمار.

 

وأضاف بشير، أن النظام في وضع سيء للغاية، والعقوبات القادمة ستزيد الشرخ في بينة النظام الداخلية، ومن غير المستبعد أن نشهد انتفاضة شعبية ضده، في أكثر المناطق موالاة له.

وحسب المحلل ذاته، فإن النظام غير قادر على تقديم شيء للسكان، متسائلا: "إلى مدى سيصبر الشعب السوري على الجوع".

محاسبة دائمة

بدوره يعتقد الوزير السابق في "الحكومة المؤقتة"، والكاتب السياسي، محمد ياسين نجار، أن إقرار قانون قيصر تجعل نظام الأسد تحت مجهر الفحص، والمحاسبة الدائمة من قبل الولايات المتحدة.

وحول تداعيات العقوبات على نظام الأسد، قال نجار لـ"عربي21": "النظام بدأ بالتأثر حتى قبل بداية العقوبات، وهذا ما شاهدناه من خلال الخلاف العلني غير المسبوق بين رأس النظام مع ابن خاله رامي مخلوف"، مضيفا أن "المتتبع لسعر صرف الليرة السورية يرى انهيارا ظاهرا على مدار الساعة، نتيجة ذلك".

من جانب آخر، أشار نجار إلى حالة التململ غير مسبوق التي تسود الساحل السوري، ما يشير إلى شرخ اجتماعي لأسباب اقتصادية، وقال إن بقاء الأسد في السلطة سيجعل من سوريا دولة هزيلة غير قادرة على النهوض مجددا.

 

اقرأ أيضا: دمشق تؤجر محطة الحجاز الأثرية.. وسوريون: الأسد يبيع ذاكرتنا

العقوبات لا تسقط أنظمة

خلافا للآراء السابقة، أكد الناشط السياسي، عمار جلو، أن العقوبات الاقتصادية- مهما كانت درجتها- غير قادرة لوحدها على إسقاط الأنظمة، وإنما الأمر يحتاج إلى تنسيق سياسي، وربما لتحرك عسكري.

وأضاف جلو لـ"عربي21"، أن العقوبات المنتظرة ليست جديدة على النظام السوري، فالأخير تعرض لعقوبات أميركية وأوروبية، ولا يزال يلتف عليها، وهو سيحاول فعل الشيء ذاته مع عقوبات "قيصر".

واستدرك بالقول إن "ما يميز العقوبات الأخيرة، إمكانية شمولها الأطراف المتعاملة والداعمة للنظام"، وأضاف: "من الواضح أن العالمية التي يحظى فيها القانون، سيؤثر حتما على النظام السوري، والشعب بطبيعة الحال".

منع تعويم النظام عربيا دوليا

واتفق الباحث بالشأن الاقتصادي السوري، يونس الكريم، على اعتبار أن القانون بذاته لا يسقط النظام، لكنه قال إن "عقوبات قيصر تمنع تعويم النظام سياسيا من الأطراف العربية أو الدولية، ما يفسح المجال أمام مساهمة العوامل المرتبطة بالوضع الاقتصادي المتردي، لإسقاطه".

وتابع في حديثه لـ"عربي21": "القانون تحول من أداة أمريكية لتطبيق القوانين الدولية ذات الصلة بالشأن السوري، إلى قانون عقوبات ذكي، يشمل الشخصيات والقطاعات الحيوية للنظام، وبالمقابل يضغط على الأطراف الداعمة للنظام (روسيا، إيران)".

وصدّق الكونغرس بشقيه، النواب والشيوخ، على القانون في 11 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعد ثلاث سنوات من الشد والجذب بين الجمهوريين والديمقراطيين.

ويشمل القانون في مرحلته الأولى يوم 17 حزيران/ يونيو، سلسلة عقوبات اقتصادية ضد النظام السوري وحلفائه، والشركات والأفراد المرتبطين به، فيما ستتبعها على مراحل إجراءات عقابية أخرى يتضمنها.

وينسب قانون "حماية المدنيين السوريين" إلى مصور عسكري في الطب الشرعي لقب بـ"القيصر" انشق عن النظام عام 2013، وانضم إلى المعارضة وبحوزته آلاف الصور توثق عمليات قتل واسعة ارتكبتها قوات النظام بحق خصومه خلال الحرب الدائرة في سوريا منذ 2011.