سياسة عربية

الأزمة المالية تدفع بالكاظمي لخفض رواتب الرئاسات الثلاث

خسر العراق 11 مليار دولار من عائدات بيع النفط للأشهر الأربع الأولى من العام الجاري بسبب تراجع أسعار النفط- صفحة الكاظمي في تويتر

دفعت الأزمة المالية الخانقة التي تعصف بالعراق، برئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، لاتخاذ قرار غير مسبوق بتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث، الجمهورية ووزراء الحكومة وأعضاء البرلمان وكبار موظفي الدولة.

جاء ذلك في بيان للحكومة، عقب اجتماع لها بالعاصمة بغداد، في ظل تدني أسعار النفط في الأسواق العالمية، في إعلان هو الأول من نوعه منذ تولي حكومة الكاظمي مهام مسؤوليتها في 7 أيار/مايو الماضي.

وقال الكاظمي: "قررنا خفض مرتبات الرئاسات والدرجات الخاصة والوظائف العليا، وإيقاف مزدوجي الرواتب والوهميين وترشيد الإنفاق الحكومي"، بحسب البيان.


 


ويبلغ إجمالي رواتب موظفي الدولة العراقية 6 تريليونات دينار (5 مليارات دولار) شهريا بحسب رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي هيثم الجبوري، فيما تبلغ الإيرادات الشهرية الحالية المتأتية من بيع النفط نحو ملياري دولار وفقا لوزارة النفط العراقية.‎

وصادرات العراق النفطية تشكل ما نسبته 98 بالمئة، من تدفقات العملة الأجنبية إلى البلاد، حيث يشكل النفط 45 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي و93 بالمئة من إيرادات الموازنة العامة.

وتضم الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان) أكثر من 6 آلاف موظف يتقاضون رواتب سنوية تبلغ 3 مليارات دولار، بحسب تقديرات سابقة أدلى بها الخبير المالي والمفتش العام السابق لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية جمال الأسدي‎. 

وخسر العراق 11 مليار دولار من عائدات بيع النفط للأشهر الأربع الأولى من العام الجاري بسبب تراجع أسعار النفط، أثر أزمة فيروس "كورونا، حسب وزارة النفط العراقية.

ويأتي التراجع الحاد للإيرادات بسبب الانخفاض الكبير بأسعار النفط بالاسواق العالمية جراء أزمة فيروس كورونا.


اقرأ أيضا :  لماذا لجأ العراق إلى السعودية لإنقاذه من أزماته الخانقة؟


واتخذ الكاظمي منذ توليه منصبه الشهر الماضي، سلسلة إجراءات في ظل تصاعد التظاهرات بالبلاد، منها إعادة قادة عسكريين تم إبعادهم من مناصبهم، وإطلاق سراح محتجين، وتشكيل لجان للتحقيق بقتلى الاحتجاجات، وحصر السلاح بيد الدولة.

وكانت زيارة قام بها وزير المالية العراقي عبد الأمير علاوي للسعودية، أواخر أيار/مايو الماضي، أثارت جدلا في ظل الظروف الاقتصادية العصيبة التي تعانيها حكومة بغداد، فاتحة المجال لطرح الكثير من التساؤلات حول انعكاسها على مستقبل العلاقات بين البلدين، وعن موقف القوى القريبة من إيران منها.

وتمت الزيارة في ظل حاجة العراق الفورية إلى النقد المالي لسداد رواتب الموظفين والعجز الحاصل بالموازنة، إضافة إلى حاجة البلد للطاقة الكهربائية، ورغبته في فتح أبواب الاستثمار أمام السعودية، حسبما أعلن وزير المالية عبد الأمير علاوي.

"حبل إنقاذ"

 
وتعليقا على الموضوع حينها، رأى المحلل السياسي نجم القصاب في حديث لـ"عربي21"، أن "الزيارة تعد حبل إنقاذ للطبقة السياسية العراقية، بما فيها التشريعية والتنفيذية في الأشهر المقبلة، وأن تخوف الطبقة السياسية قد جعلها لأول مرة تتوحد في الرؤى والخطاب، وبعدم اعتراضها على الزيارة".

وأضاف: "ما نشهده اليوم على العكس مما جرى مع رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، الذي وقع اتفاقيات كثيرة مع الجانب السعودي، لكن أفشلتها القوى القريبة من إيران، أما اليوم، فإن الأخيرة تختلف كما عليه في 2020، بالتالي فإننا عندما أرسلت حكومة العراق وفدا لم نر أي انزعاج أو اعتراض عليه".
 
وبخصوص لجوء العراق للسعودية، أشار القصاب إلى أن "البلد بحاجة إلى الطاقة الكهربائية، وخصوصا في الأشهر الثلاثة المقبلة، التي ترتفع فيها درجة الحرارة، وما لدينا لا يكفي لتغطية المدن العراقية، ويقابلها في الوقت ذاته احتجاجات مستمرة، ربما تكون شرارة لإسقاط النظام السياسي بالبلد".

وتابع: "لذلك فإن العراق يحاول استيراد هذه الطاقة، لأن الجانب الإيراني عليه عقوبات أمريكية، والحكومة لا تريد المرور بحرج مع الولايات المتحدة كما حصل مع حكومة عادل عبد المهدي، الذي ذهب مع الجانب الإيراني وترك كل الدول الأخرى".

وكان الكاظمي قد كشف بعيد تسلمه منصبه رئيسا للوزراء، أنه تسلم خزينة خاوية، وسيادة منقوصة، وسلاحا منفلتا خارج إطار الدولة.

وأضاف الكاظمي، في مقال نشرته صحيفة "بغداد اليوم": "لم أجد أثناء تسلمي مهامي إلا خزينة شبه خاوية، ووضعا لا نُحسد عليه بعد 17 عاما من التغيير، فسيادتنا استمرت منقوصة أو منتهكة أو معرضة للشكوك".

وأردف: "أراضي بلادنا يُراد أن تصبح ميدانا لصراع الآخرين، وأمن مواطنينا مهدد، لا من استمرار داعش وخلاياه النائمة، بل أيضا من السلاح المنفلت خارج إطار الدولة".

وأفاد بأن الأزمة تشمل كافة مؤسسات الدولة ونسيجها، وتعرقل نهوضها الاقتصادي، حيث لم يجر في الفترة الماضية النهوض بقطاعات حيوية مثل الصناعة والاستثمار والأمن الغذائي وغيرها.

ودعا الكاظمي الكتل السياسية بالبرلمان إلى دعم الحكومة الجديدة، عبر التصويت على مرشحي الوزارات الشاغرة.

وتابع: "إعادة هيبة الدولة تتطلب ألا تكون قوة أي طرف فوق الدستور والقانون، وأن يصبح السلاح بيد الدولة وقواتها المسلحة".