اقتصاد عربي

هل استنفدت مصر وسائلها في مواجهة أزمة كورونا؟

اقتصاديون: مصر استنفدت كل الوسائل الممكنة للضغط على المواطنين- جيتي

قال خبراء اقتصاد إن إقرار البرلمان المصري، الإثنين، تعديلات قانونية لتنمية موارد الدولة بنحو 15 مليار جنيه سنويا (955.4 مليون دولار) لمواجهة تفشي فيروس كورونا، يؤكد هشاشة الموقف الاقتصادي لمصر.

وتساءلوا في تصريحات لـ"عربي21"، أين ذهبت خطة الإصلاح وثمارها التي تحدث عنها رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي ووزراؤه؟ محذرين في الوقت ذاته من تداعيات زيادة الرسوم السلبية على ملايين المصريين الذين فقدوا وظائفهم جراء أزمة كورونا.

وأشاروا إلى أن الحزمة التي قدمتها الحكومة المصرية البالغة 100 مليار جنيه ذهبت لدعم رجال الأعمال والشركات على حساب المواطنين، وأن ما قدمته للعمالة غير الدائمة من منحة قدرها 500 جنيه لمدة ثلاثة شهور باليد اليمنى أخذت أضعافه باليد اليسرى، (الدولار 15.7 جنيها).

ويقضي القانون بزيادة الرسوم المفروضة على بعض الخدمات واستحداث أخرى جديدة على عدد من الأنشطة والسلع وسط جائحة فيروس كورونا.

وتضمنت الرسوم التي زادت قيمتها خدمات الشهر العقاري وعمليات الشراء من الأسواق الحرة والحفلات والخدمات الترفيهية التي تقام بالفنادق والمحال السياحية.

واستحدثت الحكومة رسوما جديدة على أجهزة المحمول ومستلزماتها بواقع خمسة بالمئة من قيمتها بجانب فرض رسوم بنسبة 2.5 بالمئة من قيمة فواتير الإنترنت للشركات والمنشآت ورسوم على التبغ الخام والبنزين والسولار.

ومن ضمن الرسوم المستحدثة نسبة تصل إلى عشرة بالمئة من قيمة عقود انتقالات الرياضيين ورسوم على تراخيص شركات الخدمات الرياضية وأغذية الكلاب والقطط والطيور الأليفة.

 

اقرأ أيضا: مصر تفرض رسوما جديدة على البنزين و"الموبايل" وسلع أخرى

وانتقد رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم (147) لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة والذي يقضي بفرض رسوم جديدة على البنزين والسولار بواقع 30 قرشا على كل لتر بنزين و25 قرشا على لتر السولار.

وأشار السادات، في بيان، "إلى أنه بدلاً من فرض ضرائب جديدة على المواطن فمن باب أولى أن يتم إعادة النظر وتقليل الإهدار وحالات الغموض التي ظهرت خلال المناقشات الأخيرة لمشروع الموازنة في مجلس النواب ولجانه سواء فيما يخص الاتفاقيات الدولية أو صندوق الإسكان الاجتماعي أو هيئة الاستشعار عن بعد التابعة لوزارة التعليم العالي وغيرهم.

"جيب المواطن"

وعلق الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، بالقول إن "من يطلع على مشروع البيان المالي للموازنة العامة للدولة يجد أن هناك تجاهلا تاما لجائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، وبالتالي جاءت توقعات الإيرادات الضريبية مبالغا فيها للغاية، فعلى سبيل المثال قدرت الحكومة زيادة الحصيلة الضريبية بنحو 12.6 بالمئة أي 964 مليار جنيه، وهو أمر غير منطقي في ظل مثل هذه الظروف".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21": "كان من الطبيعي أن تتوقع الحكومة أو تعدل نظرتها بانخفاض الإيرادات الضريبية المستهدفة بعد الأخذ في الاعتبار تأثيرات كورونا على الاقتصاد المصري، ولذلك لم تتوقف عن البحث عن وسائل جديدة لزيادة هذه الضرائب".

 

اقرأ أيضا: مصر "تقنن" رفع أسعار الوقود رغم انخفاضها عالميا

وأضاف ذكر الله أن "الحكومة المصرية خلال فترة ما بعد قرض صندوق النقد الدولي استنفدت كل الوسائل الممكنة للضغط على المواطنين، ولم تجد أمامها سوى الطريق السهل بأن تفرض رسوما ودمغات جديدة، ما يعني أن كل ما قامت به في برنامجها الاقتصادي قد تآكل".

وانتقد الخبير الاقتصادي "تجاهل الحكومة دعم الفئات المتضررة والمحتاجة، وتصميمها على تحميل المواطن المصري بأحمال إضافية فوق أحمال برنامج صندوق النقد الدولي؛ وبالتالي سيتم تعويض تراجع الضرائب المتوقعة من خلال جيوب المواطنين بتلك الرسوم والدمغات الجديدة".

موازنة مأزومة

رأى الخبير الاقتصادي، حسام الشاذلي، أن الجبايات الجديدة تعكس تضرر إيرادات الحكومة المصرية، وتأزم الوضع الاقتصادي للبلاد، قائلا: "لن تصمد أي منظومة اقتصادية تعتمد على الاقتراض والجباية من جيوب المواطنين البسطاء بفرض المزيد من الضرائب والدمغات".

وفي حديثه لـ"عربي21" أشار إلى أن "الدول أغلقت حدودها وانكفأت على مواردها الذاتية بهدف حماية اقتصادها، ولكن ليس لمصر ما تحميه؛ لأنها أنفقت الأموال والقروض على مشروعات عملاقة لا جدوى منها كالعاصمة الإدارية ومفاعل الضبعة والتسلح بمليارات الدولارات، وتجاهل مفاصل الاقتصاد المتمثل في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وعجلة الإنتاج".

وأكد الشاذلي "أنه لا يمكن تجاهل تصريحات رئيس الوزراء المصري في ما يتعلق باستراتيحية مواجهة الأزمة والتي لم تحتو على أي آلية محددة أو واضحة تتصل بوضع الشركات وبحالة العمالة اليومية وبتوفير المعدات والمستلزمات الصحية والغذائية".