كتاب عربي 21

رد عسكري قوي من الوفاق ضد حفتر له ما بعده

1300x600
فيروس كورونا في صعود خارجيا، وها هو يطرق باب الليبيين وحفتر مستمر في عدوانه ويشدد هجماته ليزيد من رعب الآمنين باستهداف المدنيين.

المئات من قذائف الهاون والهاوز تمطر العاصمة ومحيطها كل يوم منذ نحو شهر، وأكثر الضحايا من المدنيين، بل أكثرهم من الأطفال والنساء، وكأن حفتر في موعد مع مرض الدهر وجائحة الزمان ليجعل منها إحدى وسائل تحقيق غاياته.

حمم حفتر المروعة لم تكسر إرادة المقاومين للعدوان، وإمطار العاصمة بوابل من القذائف العشوائية المدمرة لم يحقق له ما يريد من فوضى وإرباك يسمحان له بتحقيق اختراق طالما سعى إليه منذ قرابة العام.

بل العكس تماما، لقد تأكد للكثيرين حتى من بين من ناصروه قبل حربه على طرابلس أنه لم يُرد خيرا بمدينتهم، وأنه من الباحثين عن المجد بأي ثمن، وأن شعار من دخل داره فهو آمن كان كذبا وتضليلا، وأن الماكثين في بيوتهم هم اليوم عرضة للخطر اليوم أكثر من غيرهم.

من جهة أخرى، فإن المجتمع الدولي الذي وقف على الحياد، السلبي، كما أراه، وجد نفسه في حرج شديد إزاء اعتداءات حفتر التي تعدت كل ما يمكن تغطيته بعذر أو تبريره بحجة، حتى أن ستيفاني ويليامز اضطرت (وأؤكد على لفظ اضطرت)، لإدانة القصف في مناسبتين مؤخرا وحمّلت جيش حفتر بشكل صريح مسؤولية الضحايا الذين قضوا في عين زارة الأسبوع الماضي.

التعويل على المجتمع الدولي وعلى البعثة فات أوانه، والمرحلة مرحلة إثبات الوجود كسلطة تقوم بأخص مسؤولياتها، وهي حماية أهل العاصمة من الموت المحدق بهم في كل لحظة جراء القصف العشوائي، وبالتالي يصير من واجبها عدم الالتفات إلى دعوات التهدئة، حتى يتم ردع العدوان ودفعه إلى مدى آمن.

أقول لقد صار من أوجب واجبات حكومة الوفاق اليوم أن تبعد خطر مدافع حفتر من مرمى نيرانها حماية للمدنين، ولقد كان الحراك العسكري في اليومين الماضيين مؤشرا على إمكان نجاح قوات الوفاق في إرجاع قوات حفتر إلى الحد الذي تأمن فيه العاصمة وسكانها من نيرانه.

لقد تحولت قوات الوفاق إلى الهجوم المبرمج لأول مرة منذ بداية الحرب (أقول الهجوم المبرمج)، وهو ما يميز هجوم اليوم عن غيره من التقدمات التي سبقت خلال الأشهر الماضية، فضرب قاعدة الوطية (120 كم جنوب غرب طرابلس)، ودخولها ولو مؤقتا حدث عسكري مهم وسابقة لم تقع حتى في حرب فجر ليبيا العام 2014م.

أيضا الهجوم المنسق الذي باغت قوات حفتر في منطقة المطار والمحاور القريبة منها، وفي الطويشة والرملة والتوغار والكازيرما، واستهداف مواقع ومعسكرات حيوية على مشارف ترهونة، قلب قوات حفتر المعتدية، إنما يشكل تحولا نوعيا في الحرب، ويمكن أن يكون له ما بعده.

هناك ما يؤشر على حلحلة بعض الخلافات بين القيادات السياسية والعسكرية حول طبيعة العمل العسكري الهجومي المطلوب، فقصف ودخول الوطية وأسر بعض القوة الموجودة بها ما كان ليقع لولا الاتفاق مع قيادات عسكرية كانت تتحفظ على مثل هكذا عمليات لأسباب اجتماعية، كما كان للضربات الدقيقة على مواقع عسكرية حيوية قرب ترهونة صدى كبير، ولو استمرت عملية "عاصفة السلام" على الوتيرة التي بدأت بها فإن نتائجها ستكون كبيرة في المدى القصير.

أعتقد أن حكومة الوفاق بدعم تركيا لا تتجه إلى عمل عسكري كبير بهدف تحطيم قوات حفتر وردها من حيث أتت، وأن الغاية هي تأمين العاصمة بدفع القوة المعتدية 20 أو 30 كم إلى الخلف لتبطل فاعلية مدافعها، أيضا تظهر مدى جهوزية قوات الوفاق ليكون لهذه الجهوزية أثرها في دفع حفتر وحلفائه إلى التنازل على طاولة التفاوض.