قبل
أيام قليلة، دعا المعارض المصري والمرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، إلى تشكيل تحالف
مدني ديمقراطي لخوض الانتخابات المقبلة، مؤكدا أهمية خوض تلك الانتخابات التي قال
إنها ستكون جسرا للتواصل مع المواطنين، ومطالبا بضرورة التوافق على "مشروع قانون
موحد للقوى الديمقراطية في مواجهة مشروع قانون موحد تقدمه أحزاب السلطة".
والدعوة
إلى تشكيل تحالف انتخابي يضم أحزاب المعارضة المدنية داخل مصر لا يُعد أمرا جديدا؛
فقد كانت هناك محاولة حثيثة لتشكيل تحالف انتخابي سياسي تحت شعار "تحالف
الأمل" خلال عام 2019، إلا أن قوات الأمن وجهت ضربة موجعة لهذا التحالف خلال
شهر حزيران/ يونيو 2019، حيث قامت بحملة اعتقالات طالت عددا من السياسيين والنشطاء
والصحفيين ورجال الأعمال.
وتستعد
الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر لإجراء ثلاثة استحقاقات انتخابية متمثلة في انتخاب
مجلس نواب جديد بعد انتهاء دور الانعقاد الخامس والأخير للبرلمان الحالي، وانتخابات
مجلس الشيوخ، ثم انتخابات المجالس المحلية.
والقوانين
المنظمة للانتخابات الثلاثة لم يقرها البرلمان حتى الآن، حيث لم تتقدم الحكومة أو نواب
البرلمان بمشروع قانون جديد للانتخابات مجلس النواب.
"قوانين انتخابات المعارضة"
والأحد
الماضي، عقدت أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية (7 أحزاب معارضة)، لبحث مشروعات قوانين
الانتخابات، والتي سيتم تقديمها للبرلمان في مواجهة قوانين السلطة.
وأحزاب
ونواب المعارضة في الداخل لديهم 4 مشروعات لقوانين الانتخابات، وهي مشروع قانون الحركة
المدنية، ومشروعي الحزب المصري الديمقراطي، وحزب المحافظين، ومشروع قانون أعدّه
البرلماني المعارض أحمد طنطاوي.
ومن
المقرر إجراء انتخابات البرلمان القادم، في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، قبل بدء
الانعقاد الجديد للبرلمان بـ 60 يوما، وفقا لما نص عليه الدستور المصري.
وكان
رئيس لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بالبرلمان، ورئيس حزب الوفد، بهاء الدين أبو
شقة، قد صرّح بأن انتخابات مجلس النواب ستبدأ معها بالتوازي انتخابات مجلس الشيوخ،
مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، لافتا إلى أنه "ليس هناك ما يمنع أن تكون
انتخابات مجلسي النواب والشيوخ والمحليات خلال هذا العام".
اقرأ أيضا: السيسي يدعو الجيش للاستعداد لتنفيذ أية مهام توكل إليه
"وعود السلطة"
وخلال
نهاية العام الماضي، وعقب الاحتجاجات النادرة التي دعا لها الفنان ومقاول الجيش
السابق محمد علي، روّج مسؤولون وبرلمانيون وإعلاميون مقربون من نظام السيسي لخطاب
يزعم تبني السلطة نهجا جديدا لإحداث إصلاحات سياسية وإعلامية واقتصادية، مع فتح المجال
للمعارضة. وذهب الكاتب الصحافي ياسر رزق، المُقرب من السيسي، إلى أن عام 2020
سيكون عاما للإصلاح السياسي.
إلا
أن وعود السلطة وتصريحات المُقربين منها بإحداث إصلاحات على صعد مختلفة لم تنعكس
على أرض الواقع، حيث أن ممارسات وسياسات النظام لاتزال كما هي، ولم يحدث فيها أي
تغييرات ملموسة أو حتى جزئية، بحسب مراقبين.
"شروط المعارضة"
وقالت
أحزاب الحركة المدنية سابقا إن هناك شروطا يجب تحقيقها قبل المشاركة في الانتخابات،
منها أن يتم إطلاق الحريات العامة من خلال الإفراج عن السجناء السياسيين وسجناء الرأي،
وإعادة النظر في القوانين والتشريعات المكبلة لها.
وفي
كانون الأول/ ديسمبر 2019 قدمت الحركة المدنية 15 توصية في مجال الحريات السياسية والاقتصادية،
لتجاوز الأزمة الراهنة التي يعيشها المجتمع المصري، إلا أن النظام لم يستجب
لمطالبهم بأي شكل من الأشكال حتى الآن.
"بدء العد التنازلي"
وفي
ضوء تلك المعطيات الراهنة، ومع بدء العد التنازلي لانتخابات للبرلمانية، والتي لم
يتبق عليها سوى نحو ثمانية أشهر، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل قد تنجح المعارضة
المصرية داخل مصر في تشكيل تحالف انتخابي ضد النظام؟ وهل قد يتعرض هذا التحالف
المزمع لضربات أمنية شرسة على غرار ما حدث سابقا مع "تحالف الأمل"؟ وما
هي فرص نجاح هذا التحالف لو استطاعت المعارضة الوصول إليه؟
"أسوأ من استفتاء الدستور"
من جانبه، قال المعارض المصري، والمتحدث الرسمي السابق باسم
الجبهة الوطنية للتغيير، سمير عليش، إنه شخصيا لا يؤيد تشكيل تحالف انتخابي، لأنه
لن تكون هناك انتخابات حقيقية من الأساس، لأن الانتخابات المقبلة برأيه ستكون "أسوأ
من الاستفتاء على التعديل الدستوري الذي حدث في نيسان/ أبريل 2019، والذي تم التلاعب
به وبنتائجه، وبالتالي فلا جدوى لهذا التحالف الانتخابي المأمول".
واستدرك عليش، في تصريح لـ"عربي21"، قائلا:
"رغم الحقائق التي نراها على أرض الواقع، إلا أنه لا ينبغي مصادرة خيارات وآراء
الآخرين، والتي قد نختلف معها، ومن يسعى لفعل أي شيء نحن لن نعترض طريقه أو نثبط
هممه، خاصة أننا لا نستطيع منع أحد من فعل أي شيء يريده".
وأشار إلى أنه كان دائما ضد خيار مقاطعة الانتخابات، بعكس
موقفه الآن، لكن النظام هو الذي "يدفع الجميع دفعا نحو هذا الأمر، بسبب ممارساته
الإقصائية والقمعية"، مضيفا: "حتى لو شاركت القوى السياسية في تلك
الانتخابات، وحازت على الكثير من الأصوات الانتخابية، فلن يتم إعلان الأرقام
الحقيقية، بل سيتم التلاعب بالنتائج مثلما كان الحال في الاستفتاء على التعديلات
الدستورية الأخيرة".
ولفت عليش، وهو عضو بالحركة المدنية الديمقراطية، إلى أن
"الأحزاب المدنية تتمنى وجود فرصة حقيقية لإجراء انتخابات حرة، وتسعى إلى ذلك
ما استطاعت إليه سبيلا، لكن المأمول والمنشود شيء بينما الواقع شيء آخر تماما،
وأرى أن وجود قانون انتخابي عادل، وإجراء انتخابات نزيهة حاليا، وإعلان النتائج
الحقيقية، يُعد ضربا من ضروب الخيال"، بحسب تعبيره.
"أحزاب صورية"
بدورها، قالت الباحثة في العلوم السياسية، سمر الحسيني،
إنه "لابد من توافر مجموعة من الشروط التي تتعلق بنزاهة وحرية العملية
الانتخابية، كي تكون حرة ونزيهة، وأول هذه الشروط هي فتح المجال العام، وإطلاق حرية
الأحزاب لضمان تكافؤ الفرص، وإمكانية المشاركة السياسية، وهي الشروط التي تنتفي تماما
في مصر".
وأكدت، في تصريحات لـ"عربي21"، أن أغلب الأحزاب
السياسية في مصر هي "أحزاب صورية تُعبر عن مصلحة وصوت الدولة فقط، وحتى الأحزاب
ذات التاريخ العريق تم تفريغها من كوادرها وقيمها، وأغلب القادة والكوادر السياسية
الحقيقية فيها إما في السجون أو خارج السجن تحت التهديد في كل لحظة أو خارج الوطن غير
قادرين على العودة".
وأشارت إلى أن "إقرار نظام القائمة المغلقة في
الانتخابات، وفقا لرغبة أحزاب السلطة، أمر غير منطقي في ظل الوضع القائم؛ فنظام القائمة
المُغلقة يعتمد على كون الأحزاب معروفة، وهناك مساحة للمواطن للتعرف على الحزب وبرامجه
وكوادره والتزام حزبي بفكر ما دون أشخاص ومساحة وفترة زمنية كافية للأحزاب لعرض رؤيتها
وأفكارها، وهو أمر غير متحقق في مصر".
وأوضحت الحسيني أن "أغلب الإرث الانتخابي في مصر يعتمد
على الأشخاص والعائلات، وبالتالي نظام القائمة المُغلقة يحد من تمثيل إرادة الناخب،
ويطلق يد الحزب في اختيار مرشحين دون اعتداد بنسب التصويت التي يحصلون عليها".
ورأت أن دعوات تشكيل تحالف مدني ديمقراطي لخوض الانتخابات
المقبلة هي "دعوات في جوهرها رغبة في البقاء، وأمل في التغيير، ولكن فرص نجاحها
تتلخص من وجهة نظري في الإفراج عن الناشط زياد العليمي والصحافي خالد داوود، والصحافي
حسام مؤنس، وغيرهم من الكوادر المدنية التي تحاول تقديم رؤية للإصلاح، وتود المشاركة
بسلمية في العملية السياسية".
وذكرت الحسيني أن "قوى المعارضة المدنية تستطيع طرح مشروع قانون موحد لها
في مواجهة مشروع القانون الذي ستطرحه أحزاب السلطة، ولو سُمح للمجتمع المدني فقد يُقدم
أيضا مقترح قانون يناسب الواقع المصري، ويلتزم بالمعايير الدولية لنزاهة وحرية العملية
الانتخابية".
واستدركت بقولها: "مصر لا ينقصها مقترحات؛ فدوما هناك
جهد يُبذل لتقديم توصيات للنظام الحاكم، ولكن المشكلة تكمن في دولة الفرد الواحد، وسيطرة
المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية في مصر، وبالتالي فلا مجال للاستماع أو تغيير
وجهة النظر. وأغلب الظن أنه مشروع القانون الذي ستقدمه الدولة سيُمرر في البرلمان،
كما مُررت مئات القوانين السابقة".
وأكدت أن "مسألة مقاطعة الانتخابات فقدت مغزاها؛ فمن
غير المنطقي أن تنسحب القوي المدنية في كل استحقاق انتخابي، ولذلك لابد من تطوير الأدوات
والوسائل، لأن المقاطعة ليست موقفا في حد ذاتها"، مضيفة: "ربما من الأفضل
أن تدعو القوى المدنية الناخبين لإبطال أصواتهم أو تقوم بعمل تصويت موازي، ولكن الانسحاب
التام من المشهد يعطي النظام فرصة أكبر في التسلط والانفراد بالمشهد السياسي في مصر".
مصر تحافظ على صدارتها عربيا بعدد السكان.. بهذا الرقم
برلمان السيسي يوافق على تعديل قانون "الكيانات الإرهابية"
السيسي وتبون يبحثان "التنسيق الأمني وتبادل المعلومات"