أثار إعلان رئيس سلطة الانقلاب العسكري في مصر، عبد الفتاح السيسي، طرح الشركات المملوكة للقوات المسلحة المصرية في البورصة المصرية، تساؤلات كثيرة في الأوساط الاقتصادية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حول مدى إمكانية تنفيذ ذلك في ظل السرية التامة المفروضة حول شركات الجيش وغياب الشفافية في إدارتها.
وقال السيسي خلال افتتاح مصنعين جديدين للكيماويات تابعين لوزارة الإنتاج الحربي الخميس الماضي: "الطروحات التي تجهزها الدولة لطرحها في البورصة لابد أن تكون هناك فرصة منها لشركات القوات المسلحة، ويصبح أمام المصريين فرصة لامتلاك أسهم في هذه الشركات".
وزعم السيسي أن تدخل الجيش بشركاته في القطاع المدني يعد "ضرورة لسد حاجات استراتيجية أو لتخفيض الأسعار"، مجددا دعوته للقطاع الخاص للمشاركة في هذه الشركات التي تتبع القوات المسلحة وغيرها.
ورغم تلقي البورصة المصرية حديث السيسي بتفاؤل، إلا أن خبراء اقتصاد ومحللين أبدوا خلال حديثهم مع "عربي21" قلقهم وتخوفهم من التلاعب في البورصة لصالح شركات الجيش و"عسكرة البورصة"، في حين استبعد آخرون حدوث ذلك مؤكدين أن هدفه تقليل حدة الانتقادات الموجهة لسيطرة الجيش على الاقتصاد المصري، ودللوا على ذلك بحديث السيسي عن أن عملية الطرح قد تستغرق وقتا طويلا لاستيفاء المعايير المطلوبة.
اقرأ أيضا: ما سر إشادة "صندوق النقد" بمصر.. وعواقب القرض الجديد؟
إجراءات وشروط الطرح
ووفقا موقع البورصة المصرية، فإن عملية القيد تتطلب سلسلة من الإجراءات وتنقسم إلى ثلاث مراحل أساسية أولها الإعداد للقيد وتجهيز المستندات المطلوبة وتقديمها للإدارة المختصة بالبورصة، ثم ثانيا تأتي مرحلة طرح الأسهم بغرض التداول بالبورصة وقبلها تقوم الشركة بنشر تقرير إفصاح شامل بغرض الطرح بعد مراجعته وتنفيذ الطرح بالبورصة، ثم تأتي المرحلة الثالثة والأخيرة وهي تداول أسهم الشركة في أحد أسواق البورصة.
ويجب على الشركة الراغبة في القيد بالبورصة المصرية، أن تكون شركة مساهمة مصرية، ويشترط تسجيل الشركة الهيئة العامة للرقابة المالية للتأكد من عدم وجود موانع رقابية تحول دون طرحها بالبورصة.
كما يجب أن يكون لدى الشركة قوائم مالية لسنتين ماليتين سابقتين على طلب القيد مصدق عليهما من الجمعية العامة العادية وتقديم آخر قوائم دورية صادرة، كما تعد القوائم المالية وفقا لمعايير المحاسبة والمراجعة المصرية، ويراجعها مراقب حسابات الشركة ومصدق عليها من الجمعية العامة العادية للشركة وموثقة من الجهة الادارية المختصة.
ويشترط للقيد تحقيق نسبة صافي ربح 5 بالمئة حدا أدنى من رأس مال الشركة المطلوب قيده، وذلك قبل خصم الضرائب على أن تكون تلك الأرباح متولدة من ممارسة النشاط الأساسي المحقق لغرضها في آخر قوائم مالية سنوية ودورية سابقة على طلب القيد.
اقرأ أيضا: هكذا تتلاعب الحكومة المصرية بأرقام الدين ومؤشرات الاقتصاد
"لهجة دفاعية"
ويرى الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، أن إعلان السيسي بطرح شركات القوات المسلحة في البورصة المصرية يأتي في إطار لهجة دفاعية تستهدف امتصاص الغضب المتصاعد محليا ودوليا حول توسع الجيش المصري في السيطرة على الاقتصاد المصري، وغياب الشفافية وقواعد الإدارة الصحيحة في شركات الجيش.
وقال الصاوي خلال حديثه مع "عربي21" إن "السيسي أراد أن يدفع كل هذه الانتقادات بحجر واحد وهو إعلان طرح شركات الجيش في البورصة"، مستبعدا حدوث ذلك كون السيسي لم يصدر قرار ببدء عملية الطرح، ولم يكلف جهة أو مؤسسة بالبدء في التجهيز والاستعداد لذلك.
وأضاف: "لو صدق السيسي وقام بطرح حصة ما من شركات الجيش في البورصة المصرية أيا كانت نسبتها فسيكون مجرد إجراء شكلي، وسيجبر الجيش الصناديق العامة وصناديق الاستثمار التابعة للجهات الحكومية على شراء أسهم الشركات العسكرية لتفويت فرصة تملك أسهم شركات الجيش على المستثمرين الأفراد سواء كانوا مصريين أو أجانب".
وتابع: "لو تمت عملية الطرح افتراضا فمن المتوقع أن يتم إداراتها بطريقة ما (من خلف ستار) لإظهار أنها تسير بشكل صحيح ومنطقي"، مرجحا في الوقت ذاته أن يتم حظر الجزء الأكبر من المعلومات المتعلقة بعملية الطرح أو بيع الأسهم في البورصة في حال نفذ السيسي ما قاله.
اقرأ أيضا: صحيفة "لوموند": الجيش المصري منافس اقتصادي مزعج
تفاؤل حذر
ومن ناحيته، أبدى المحلل المالي عمرو السيد، خلال حديثه مع "عربي21"، عدم تفاؤله من طرح شركات الجيش بالبورصة كون عملية الطرح تحتاج إلى معايير شفافية وحوكمة تفتقدها الشركات التابعة للقوات المسلحة.
وعرج السيد على حديثه قائلا: "الحكومة المصرية فشلت حتى الآن في طرح شركات القطاع العام في البورصة، لأمور أيضا ترتبط بالشفافية والإفصاح، فما بالك بشركات القوات المسلحة التي لا يعرف عنها أحد شيئا، ولن يسمح بذلك في الوقت القريب".
وأكد المحلل المالي، أنه "لو تم طرح شركات الجيش بالبورصة المصرية بطريقة صحيحة ومعايير سليمة فسينعكس بالإيجاب على أداء البورصة، سواء على صعيد زيادة أحجام التداول أو جذب مستثمرين جدد وهو ما يفسر سرعة التفاعل الإيجابي لمؤشرات السوق عقب تصريحات السيسي في هذا الصدد".
صحيفة "لوموند": الجيش المصري منافس اقتصادي مزعج
يحيى حامد: هذا هو حجم القروض والمساعدات بعهد نظام السيسي
اقتصاديون: تحقيق "عربي21" كشف فساد أراضي الجيش المصري