نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للنائبة الديمقراطية إلهان عمر، تقول فيه إن شجب عنصرية دونالد ترامب لا يكفي، محذرة من أن قيم الأمة تتعرض للتهديد، وعلى الأمريكيين واجب الدفاع عنها.
وتقول عمر في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الديماغوجيين استخدموا طوال التاريخ سلطة الدولة لاستهداف الأقليات وأعدائهم السياسيين، التي عادة ما تنتهي بعنف، واليوم نواجه تهديدا في بلدنا، فيقوم رئيس الولايات المتحدة باستخدام تأثير أعلى منصب لشن هجمات عنصرية على المجتمعات في أنحاء البلاد، وفي الأسابيع القليلة الماضية هاجم 4 من النواب الديمقراطيين الجدد في مجلس النواب: إلكسندريا أوكاسيو- كورتيز عن نيويورك، وأيانا بريسلي عن ماساسوشيتس، ورشيدة طليب عن ميتشغان، وأنا عن منيسوتا".
وتشير الكاتبة إلى أنه "في الأسبوع الماضي عندما كان الرئيس يراقب الحشود في أحد تجمعاته الانتخابية وهي تهتف (أعدها لبلادها)، الهتاف الموجه لي ولعائلتي فإنه تم تذكيرنا بالأوقات التي سمح فيها للمحرضين على الخوف بالازدهار، ولم أستطع إلا تذكر رعب الحرب الأهلية الصومالية التي فررت منها وعائلتي، وأمريكا التي توقعت أن أجدها والتي عشناها في الحقيقة".
وتجد عمر أن "تجمع الرئيس الانتخابي سيكون نقطة مهمة في التاريخ الأمريكي، فهو يذكرنا بالرهانات الخطيرة للانتخابات الرئاسية المقبلة، وأن القتال لا يتعلق بالأفكار المرتبطة بالسياسات، فهو معركة على روح الأمة والمثل التي قامت عليها، بما تعنيه من مساواة أمام القانون وتعددية وحرية دينية، التي تتعرض للهجوم، والأمر يعود إلينا للدفاع عنها".
وتلفت الكاتبة إلى أن نجاتها من الحرب الأهلية في بلدها جعلها تعتز بهذه المثل، "ففي العاصمة الصومالية مقديشو شاهدت طلاب مدرسة ابتدائية، في مثل عمري، يحملون البنادق في الشوارع، وقضيت أربعة أعوام في مخيم للاجئين في كينيا، حيث لم يكن هناك تعليم رسمي أو مياه صحية، لكني وعائلتي صمدنا وثابرنا من خلال التضامن العميق بيننا والتعاطف مع الآخرين، والأمل في مستقبل حياة أفضل في الولايات المتحدة".
وتقول عمر، إن "أمريكا التي وصلنا إليها كانت مختلفة عن تلك التي حلم بها جدي، فأرض الفرص التي تخيلها كانت مليئة بالتحديات، ونظر إلينا الناس على أننا أجانب؛ مهاجرون وسود، وتعلمت أن هذه الهويات تحمل معها وصمة عار، وعانيت من التحيز لكوني مسلمة واضحة في مظهرها".
وتستدرك الكاتبة بأن "جمال هذا البلد ليس في كون ديمقراطيتنا تامة، بل لكونها راسخة في دستورنا، والمؤسسات الديمقراطية هي الوسائل التي تجعلها أفضل، وفي مجتمع منيسوتا المتنوع -المجتمع الذي تلقاني بالأحضان بعدما هاجمني ترامب الأسبوع الماضي- تعلمت القيم الحقيقية للديمقراطية، وبدأت المشاركة في الاجتماعات السياسية مع جدي الذي كان يعتز بالديمقراطية، بصفته شخصا جرب غيابها، واكتشفت سريعا أن الطريقة الوحيدة للتأكد من وجود صوت لمجتمعي، هي من خلال المشاركة في العملية الديمقراطية".
وتعلق عمر قائلة: "اليوم يتعرض هذا الوعد الأساسي للتهديد، فقد تمت عسكرة مؤسساتنا الديمقراطية، وحاولت إدارة ترامب تقييد الناس عن ممارسة حقهم الانتخابي، وعملت على إضعاف الإجراءات الرقابية الأساسية على دستورنا عندما لم يحترم دعوات الكونغرس القانونية له، واستخدم الرئيس الخطاب العنصري لإثارة الخوف والانقسام في المجتمعات الملونة والأقليات الدينية حول البلاد".
وتنوه الكاتبة إلى أن "هذه الفكرة تجسدت في قانون عبر أمر رئاسي، يحظر على المسلمين من دول ذات غالبية مسلمة الدخول إلى البلد، وهي ليست مجرد سياسة، بل تهديد لليبرالية الديمقراطية، بالإضافة إلى أن الهتافات التي أطلقها العنصريون البيض عام 2017 في تجمعهم في شارلوتسفيل، وقبلها ضمنيا الرئيس، (لن يحل اليهود محلنا)، هي هجمات مباشرة على الحرية الدينية المركزية التي قامت عليها أمتنا".
وتعتقد عمر أن "عسكرة الانقسام ليست جديدة؛ لأن الخوف العنصري يمنع الأمريكيين من بناء جسور بين مجتمع وآخر، والمجتمع هو شريان الحياة لأي ديمقراطية فاعلة".
وتؤكد الكاتبة أن "اللغة العنصرية استخدمت طوال التاريخ الأمريكي لضرب الأمريكيين بعضهم ببعض، ومن أجل خدمة النخبة الثرية، ففي كل مرة يهاجم فيها ترامب اللاجئين كان يمكن قضاء الوقت لمناقشة عدم استعداد الرئيس لرفع الحد الأدنى من الأجور الفيدرالية لما يقرب من 33 مليون أمريكي، وفي كل مرة يهاجم فيها النائبات الأربع في الكونغرس هي لحظة لا يحتاج فيها الحديث عن سبب اختياره وزيرا للعمل، قضى عمله وهو يدافع عن بنوك وول ستريت وول مارت على حساب العمال، وعندما يهاجم حرية الإعلام، فإنه لا يتحدث عن وكالة حماية البيئة التي ترفض منع مبيد حشري له علاقة بتلف دماغ الأطفال".
وترى عمر أن "محاولاته تأليب الأقليات الدينية بعضها ضد بعض نابع من الحيلة ذاتها، فلو انشغلت الطبقة الأمريكية العاملة بالخلافات فيما بينها، فلن تتاح لنا فرصة لمعالجة المشكلات الحقيقية التي تعاني منها البلاد، من التغيرات المناخية إلى عدم المساواة المتزايد، وغياب العناية الصحية المتاحة".
وتعتقد الكاتبة أن "الطريقة الوحيدة لمواجهة هذا كله، هو من خلال الدفاع عن القيم الأمريكية، فشجب عنصرية ترامب لا يكفي في حد ذاته، بل يجب مواجهة السياسات العنصرية بحزم، سواء كانت وضع المهاجرين الأطفال في أقفاص، أو اعتقال على الحدود، أو منع المهاجرين المسلمين، أو السماح بالفصل العنصري في الإسكان، بالإضافة إلى أن شجب فساد الإدارة التي لا تخدم إلا نفسها لا يكفي، بل يجب دعم السياسات التي تحسن من حياة الطبقة العاملة، بما في ذلك تشجيع المساومة الجماعية، وزيادة الحد الأدنى من الأجور، وتأكيد الضمانات العامة للوظائف".
وتبين عمر أن "هذه المعركة لن تترك تداعياتها على أمريكا فقط، بل على العالم أيضا، فالقومية اليمينية المتطرفة في هنغاريا وفرنسا وروسيا وبريطانيا وغيرها، تزحف للأمام بطريقة لم تشاهد منذ عقود، وكانت أمريكا صخرة المثل الديمقراطية في العالم، ولو استسلمنا لحمى القومية المتطرفة فإنها ستترك آثارها أبعد من حدودنا".
وتختم عمر مقالها بالقول: "حانت اللحظات التي تدعونا للفخر، من إعلان تحرير العبيد إلى حركة الحريات المدنية والكفاح ضد الفاشية، وعندما نقاتل لحماية وتوسيع الحقوق الديمقراطية الأساسية، واليوم تتعرض الديمقراطية للهجوم، وحان الوقت للرد بنوع من الاعتقاد الذي كان سببا في جعل أمريكا عظيمة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الغارديان: عنصرية ترامب لها هدفان سياسيان.. ما هما؟
واشنطن بوست: هذه خطورة ترامب العنصري على قيم أمريكا
هافنغتون بوست: إلهان عمر أمريكية قبل السيدة الأولى ميلانيا