الخبر الذي أعلنه المتحدث باسم العاصمة الإدارية، نال كثيرا من غضب وسخرية المصريين وتندرهم على إصرار النظام على تحقيق الأرقام القياسية في الوقت الذي يعاني فيه الشعب من الفقر والغلاء.
"سمة الدكتاتورية"
وفي رؤيته التاريخية لأسباب إصرار الأنظمة على الظهور عبر الأرقام القياسية وتصديرها صورة مغايرة للوطن والشعب الفقير، يعتقد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر الدكتور صبري العدل، أن "أي نظام ديكتاتوري غالبا يفتقد التأييد الشعبي ومن هنا يحاول أن يصنع هذا التأييد عبر فعاليات وهمية ذات مظاهر شعبوية مصطنعة بهدف التعبئة (الزفة الكدابة بالمصطلح الشعبي)".
الأكاديمي المصري، أضاف لـ"عربي21"، أنه "بدلا من دراسة المشكلات والبحث عن حلول علمية يلجأ الديكتاتور لصناعة إنجازات وهمية لا تفيد بحل أي مشكلة بل على العكس تزيد من تفاقم المشكلات بسبب المصروفات والبذخ الذي يصاحب مثل هذه الفعاليات الوهمية".
وأشار العدل إلى حالة مصر والمنطقة العربية عبر "بناء أكبر معبد وأكبر جامع وأكبر كنيسة وأطول برج وأكبر رغيف شاورمة، إلخ، وفعاليات وهمية ذات طابع دولي مثل إقامة أكبر مائدة رحمن للفقراء بدلا من حل مشكلات الفقر".
وقال إنه "غالبا يحاول الديكتاتور، أن يصل لموسوعة جينيس بطريق بحثه عن عولمة الوهم الذي يصدره لجهلاء شعبه، ونحن نرى ذلك واضحا في منطقتنا مضيفا أنه "لا أمل من وراء مثل هذه الأعمال لأنها لا تحل مشكلة للشعوب وإنما تفاقمها".
اقرأ أيضا: لماذا تراجعت العديد من مظاهر رمضان الخيرية والاحتفالية بمصر؟
ويرى الباحث بمعهد إسطنبول للدراسات الاقتصادية والتعاون الدولي، معاذ علوي، أن "النظام يحاول أن يظهر أمام الناس بأن لديه مقدرة وسعة مالية قادرة على مجابهة دول نفطية مثل دبي وغيرها".
وأضاف علوي، لـ"عربي21": "كما يحاول النظام الظهور أمام الرأي العام المصري والعربي أنه لا توجد أزمة اقتصادية لديه، والكل يعيش حياة سعيدة".
وتابع: "يريد النظام أيضا أن يؤكد على مسألة عدم تآكل شرعيته وشعبيته وأنه مازال موجودا، كما أن تلك الموائد تكسبه رصيدا ميدانيا وشعبيا لا أقول على المدى البعيد لأنها تجعله قادر على البقاء".
"نجاحات وهمية"
وفي تعليقه قال عضو المكتب السياسي لحزب البناء والتنمية، أشرف توفيق، إنه "بعد الفشل الذريع للنظام بكافة المجالات يحاول أن يحقق أي نجاحات ولو وهمية لاتعود بفائدة".
توفيق، أضاف لـ"عربي21": "في الوقت الذي تفتتح فيه تركيا أكبر مطار، وأكبر مستشفى بالعالم؛ تفتح مصر أكبر مائدة إفطار بمكان لا يدخله الفقراء وربما الصائمون".
ويعتقد السياسي المصري، أن تقليد النظام لدبي ببناء أكبر برج وأطول مائدة وغيرهما هو للفت النظر عن المكايدة السياسية مع تركيا، مبينا أنه مع دبي، لا يملك سوى تنفيذ رغباتها لا منافستها.
اقرأ أيضا: تصريحات وزراء السيسي بعدم وجود مخصصات لوزارتهم تثير جدلا
من جانبه يعتقد رئيس حزب الوفاق القومي محمد محمود رفعت، أن "الأهم هو أن تقوم سياسات الحكم علي توفير احتياجات الشعب من خلال أجور تتفق مع الدخول العالمية، وأسعار يستطيع الفرد العيش وسد احتياجاته وأسرته منها".
وأكد رفعت لـ"عربي21"، أنه "لا يجوز أن يعمل عامل ويجتهد ولا يجد ما يكفي أسرته من طعام، وأم تذهب للسوق لشراء احتياجاتها ولاتجد مايكفيها من مال"، مشيرا إلى أن "السياسات القائمة على تقديم الإعانات والإحسان لا تجوز".
وجزم رفعت، بأن إقامة أكبر مائدة طعام "يعني أن الدولة تصر على أن تظهر بمظهر من يقدم الصدقات للشعب وليس القائمين عليها موظفين يعملون لخدمة الشعب؛ بل ويتباهون بأنهم يمدون يد الإحسان لشعب لايجد قوت يومه"، متوقعا أن "ترتد مصر لما قبل ثورة يوليو 1952 ليعيش الشعب علي تلقي إحسانات الحكومة".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي سخر مصريون من الخبر ووصفه بعضهم بـ"الفنكوش العالمي"، فيما علق السفير فوزي العشماوي مخاطبا النظام: "بطلوا مراهقة".
وتساءل المحامي عبدالرحمن الجوهري: "هل أهداف العاصمة الإدارية الأطول والأكبر والأعلى والأعرض؟"، قائلا: "ارحموا فقرنا والناس الغلابة".
نظام السيسي يسعى لتجميل صورته بمعارض "أهلا رمضان"
كيف فضح القرض الصيني لمصر هروب المستثمرين من العاصمة الإدارية؟
كيف سقط "الوفد" و"التجمع" بفخ التعديلات الدستورية؟