نشر موقع "لايف ساينس" تقريرا لتشارلز تشوي عن مخاطر تعرّض الأرض لعواصف شمسية.
وقال التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إن الأرض تعرضت لعاصفة شمسية قبل حوالي 2600 عام، أقوى بعشر مرات من أي عاصفة شمسية تم تسجيلها في العصر الجديد.
وتشير هذه النتائج إلى أن مثل هذه الانفجارات حصلت بانتظام في تاريخ الأرض، وقد تتسبب بدمار كبير إن حصلت هذه الأيام، خاصة على اعتبار مدى اعتماد الناس على الكهرباء.
ويمكن للشمس أن تقصف الأرض بجزيئات تحمل طاقة كبيرة تعرف بأحداث بروتونية. وهذه "العواصف البروتونية" يمكن أن تعرض الناس والإلكترونيات في الفضاء وفي الجو للخطر.
كما أنه عندما تضرب عاصفة بروتونية غلاف الأرض المغناطيسي (الغلاف المكون من جزيئات مشحونة كهربائيا) يقوم الحقل المغناطيسي للكرة الأرضية بحبسها. وعندما تحدث العاصفة الشمسية اضطرابا في الغلاف المغناطيسي لكوكبنا، تسمى عاصفة جيومغناطيسية، بإمكانها إحداث دمار واسع على شبكات الكهرباء في العالم. فمثلا تسبب انفجار شمسي عام 1989 بانقطاع الكهرباء عن إقليم كوبيك بكامله خلال ثوان، متسببا بأضرار للمحولات حتى "نيوجيرسي". وكاد أن يغلق شبكات الكهرباء من وسط الأطلسي إلى الشمال الغربي الباسفيكي.
وقام العلماء بتحليل العواصف البروتونية لأقل من قرن. ولذلك ليست لديهم تقديرات جيدة عن مدى تكرار العواصف الشمسية الشديدة، أو إلى أي مدى يمكن أن تصل شدتها.
وقال كبير الباحثين ريموند موستشيلر، أستاذ الفيزياء البيئية في جامعة لوند في السويد: "اليوم لدينا الكثير من البنى التحتية التي قد تصيبها أضرار كثيرة، ونسافر في الجو وفي الفضاء، حيث نتعرض للمزيد من الإشعاعات عالية الطاقة".
وقد تكون ما يسمى حادثة كارينغتون عام 1859 أنتجت 10 أضعاف طاقة الانفجار الذي تسبب بانقطاع الكهرباء في إقليم كوبيك عام 1989، وهو ما يجعلها أقوى عاصفة جيومغناطيسية، بحسب دراسة عام 2013 قامت بها شركة لويدز في لندن.
ولكن الأسوأ هو أن العالم أصبح أكثر اعتمادا على الكهرباء منذ حادثة كارينغتون، وإذا أصابت الأرض عاصفة جيومغناطيسية قوية الآن، فقد يستمر انقطاع الكهرباء أسابيع وحتى أشهر وحتى سنوات، بينما تقوم الخدمات باستبدال الأجزاء الأساسية في شبكات الكهرباء، بحسب دراسة 2013.
ووجد الباحثون حديثا ذرات مشعة محبوسة في الثلج في غرينلاد، وهو ما يدل على أن عاصفة بروتونية كبيرة ضربت الأرض حوالي عام 660 قبل الميلاد، وهي عاصفة قد تجعل من حادثة كارنغتون تبدو ضئيلة.
وأظهرت الأبحاث السابقة أن العواصف البروتونية يمكن أن ينتج عنها ذرات مشعة مثل بيرليام -10 وكلوراين -36 وكربون -14 في الجو. ويمكن أن نجد الأدلة على تلك الحوادث في حلقات جذوع الشجر، وفي العينات اللبية الجليدية، وهي تعطي العلماء طريقة للبحث في النشاطات الشمسية القديمة.
وبفحص عينات لبية جليدية تم أخذها من غرينلاند، لاحظ العلماء ارتفاعا في نسبة ذرات البيرليام – 10 المشع وكلوراين -36 المشع قبل حوالي 2610 سنوات، وهو ما يتطابق مع دراسات على حلقات جذوع الأشجار توصلت إلى نتائج قريبة، حيث أشارت تلك الدراسات إلى ارتفاع مفاجئ في الكربون – 14 المشع في الفترة ذاتها.
كما أن أبحاثا سابقة توصلت إلى عاصفتين بروتونيتين قديمتين بطريقة مشابهة، إحداهما حصلت عام 993-994، والثانية حصلت عام 774- 775، والأخيرة كانت هي أكبر ثورة شمسية معروفة لحد الآن.
وفيما يتعلق بعدد البروتونات ذات الطاقة العالية، فإن عاصفتي 660 قبل الميلاد وعام 774-775 كانتا أشد بعشر مرات من أقوى عاصفة بروتونية في العصر الحديث، والتي حصلت عام 1956، بحسب موستشيلر. أما عاصفة 993-994، فكانت أقل من العاصفتين القديمتين بمرتين أو ثلاثة.
ويبقى من غير الواضح كيف تقارن تلك العواصف البروتونية القديمة مع حادثة كارينغتون؛ لأن تقديرات عدد البروتونات من حادثة كارينغتون غير أكيدة، بحسب موستشيلر الذي أشار إلى أنه اذا ارتبطت الانفجارات الشمسية القديمة بعاصفة جيومغناطيسية، فإنه يتوقع أن تتجاوز أسوأ تقدير لحادثة مثل حادثة كارينغتون.
وقال موستشيلر إن هناك حاجة للمزيد من البحث لتقدير مدى الدمار الذي قد تحدثه مثل تلك الانفجارات، ولكن هذا البحث يشير إلى أن "هذه الأحداث العظام هي صفة متكررة للشمس، ولدينا الآن ثلاث مناسبات كبيرة خلال 3000 عام.. وقد يكون هناك المزيد مما لم نكتشفه بعد".
وأضاف: "نحتاج للبحث المنهجي عن تلك الحوادث في الأرشيف البيئي للحصول على فكرة جيدة عن الإحصائيات التي تمثل المخاطر لتلك الأحداث وللأحداث التي هي أقل منها.. والتحدي يتمثل في اكتشاف الأحداث الأصغر، والتي قد تكون أكبر من أي شيء قمنا بقياسه في العقود الأخيرة".