مقالات مختارة

سقوط حفتر.. ونهوض ليبيا!

1300x600

الطريقة الغامضة التي اختفى بها الجنرال القوي في ليبيا، خليفة حفتر، تجعلنا نعتقد أن إبعاده عن المشهد سواء لمرض مفاجئ، أو حتى إقالته والتوقف عن دعمه وتحديدا من طرف مصر والإمارات، سيساهم بشكل كبير في العثور على حلول عاجلة للأزمة الليبية.

حفتر ومنذ 4 سنوات، لم يفعل شيئا في ليبيا سوى إغراقها في مزيد من الخلافات والانقسامات والفتن، فهو منذ أن أمسك بالسلطة وصادر بنغازي بالكامل لصالحه، طغى وتجبّر، مرة بحجة محاربة تنظيم الإخوان وتمدد الإسلاميين، ثم بمبرر مواجهته لداعش رغم أنه لم يقم بشيء يذكر ولم يحقق إنجازا واحدا ما عدا إطلاق العنان لبعض قياداته من أجل تعذيب المختلفين معه سياسيا!

وها هو اختفاؤه أو حتى إطلاق إشاعات عن وفاته في فرنسا، حيث يتلقى علاجا عن مرض مفاجئ ألمَّ به أو نزيف في المخ، كشف للجميع، حجم الفراغ الكبير الذي كان يحكمه، وبأن الجيش الذي كان يدعي صلابته وقوته لم يكن سوى مجموعة غير متناسقة من المليشيات، وبأن “عملية الكرامة” التي أحكم قبضته على السلطة تحت رايتها لم تكن سوى مجرد شعار فارغ!

ويبدو هنا بأن الرؤية الجزائرية حول خليفة حفتر لم تخطئ منذ البداية؛ ففي الوقت الذي راهنت عليه مصر والإمارات، قالت الجزائر، التي لا يحبُّها الجنرال القوي، مبديا ذلك صراحة في حوار شهير لمجلة مصرية، إن التدخل الأجنبي لن يساهم إلا في تعقيد الأمور أكثر، والجزائر لا يمكن أن تكون منحازة لطرف على حساب آخر يتمتع بالشرعية الدولية ولا يمكن إسقاطه من المعادلة السياسية بجرّة قلم.

ثم لماذا هذا التمسك الكبير بخليفة حفتر؟ فالرجل الذي بدأ حياته ضابطا في سلاح المدفعية وساهم في انقلاب عسكري على الحكم الملكي رفقة معمر القذافي، كما لعب دورا بطوليا في حرب أكتوبر 73 ضد جيش الاحتلال الصهيوني، ليس هو حفتر الذي احتضنته المخابرات الأمريكية عقب هزيمته في تشاد وتخلي القذافي عنه، حيث آوته ورعته وأسكنته فيلا فاخرة مدة عقدين، كما وفرت له المال والسلاح من أجل الانقلاب على بلاده وفشل في ذلك أكثر من مرة، قبل أن يعود مستغلا ثورات الربيع العربي، ليطالب بحقه في السلطة تحت مسمى “مجلس إنقاذ ليبيا”؟!

حفتر الأمريكي، حاول أيضا أن يتحالف مع الروس وينقلب على الفرنسيين، وليس مستبعدا أن فتحه أكثر من خط، في وقت واحد، وتعامله مع أكثر من جهة استخباراتية كان سببا في إصابته المفاجئة بنزيف في المخ، وقد يكون الأمر شبيها بالتخلص منه، وهنا لا نعرف إن كان بوسع المجلس الرئاسي وفائز السراج ملء الفراغ والتمدد للحكم من أجل توحيد ليبيا، أم أن الأمر سيساعد سيف الإسلام القذافي ليكون البديل عن خليفة حفتر مع استنساخ أزمة جديدة؟!

الشروق الجزائرية