نفى أمين لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة، محمد سودان، صحة ما نشرته وسائل إعلام مؤيدة لسلطة الانقلاب
العسكري بشأن دعوته لجماعة
الإخوان المسلمين بالمشاركة في
انتخابات الرئاسة المقبلة المزمع إجراؤها منتصف العام المقبل.
وأشار في مقابلة مع
"عربي 21" إلى أنه تم اجتزاء وتحريف تصريحاته التي أدلى بها، مساء الثلاثاء، لقناة الحوار الفضائية، حيث أكد أنه تم إخراجها عن سياقها ومضمونها، مؤكدا أنه "لم يدع الإخوان بأي حال من الأحوال إلى المشاركة في انتخابات الرئاسة المزعومة".
وقال:" لقد كان كلامي واضحا، فأنا لم أبح بموافقتنا على المشاركة في انتخابات يقيمها العسكر، ولكن قلت إنه لابد من لعب سياسة والوصول إلى أي مخرج لحلحلة الأزمة للتخلص من حكم العسكر، وظني أن الفرصة سانحة خلال الفترة القادمة لحلحلة الأزمة لإخراج جميع المعتقلين من السجون، وإسقاط جميع القضايا المدنية والعسكرية عنهم، وخاصة المعرضين للإعدام في أي وقت، ووقف هذه المهازل التي تحدث على منصات القضاء المسيس".
وقال:" لم أذكر أبدا بأننا نتفاوض مع العسكر - كما فهم البعض- فهذا الكلام غير وارد أبدا عني ولا في بؤرة تفكيري، ولا أظن أن أي عضو في الجماعة أو الحزب يوافق على ذلك، لكن الوصول إلى حل سياسي لإسقاط حكم المؤسسة العسكرية هو الهدف الذي يجب أن نسعى إليه ليس فقط الإخوان، بل كل الأطياف السياسية الحرة متضامنين".
واستطرد "سودان" قائلا:" أما عن حقوق الشهداء والمعذبين، فهذه القضايا لا تسقط بالتقادم، ونحن لم ولن نفرط أبدا في حق شهيد واحد مهما كان انتماؤه أو حتى ديانته، ولكن لن نحصل على هذه الحقوق إلا بعد إسقاط هذه الطغمة العسكرية وإبعادها عن الحكم والسلطة أولا".
وذكر أن "السيسي الآن في أزمة كبيرة، خاصة أنه غارق في المشاكل المالية والديون وفوائدها التي تكبل أيادي وأعناق الشعب
المصري، وكان طوق النجاة الوحيد بالنسبة له هو تعديل الدستور لمد فترة رئاسته إلى ست سنوات، حتى يجتاز صراعه مع منظومة مبارك، لأنه في حال حدوث انتخابات فإنه لن يستطيع تزويرها هذه المرة رغم عدم وجود إشراف قضائي".
وأكمل:" أما وأنه فقد هذا الطوق لأسباب مختلفة يبدو أهمها تطورات خارجية، فعلينا جميعا استغلال تلك الفرصة السانحة لإحداث التغيير، من خلال استغلالها بذكاء سياسي وشكل صحيح بدلا من الجلوس في مقاعد المتفرجين والصامتين".
وأضاف:" الواقع أثبت أن قوى الثورة وحدها غير قادرة على هزيمة العسكر ومنظومتهم المجرمة والفاشية والمستبدة، وبالتالي فما أقصده باستغلال الفرصة هو التفاهم مع من يمكنه التصدى للطغمة العسكرية في الوقت الحالي، ولذلك فعلينا جميعا – إخوان وغير إخوان- العمل على الاستفادة من الخلافات والصراعات الموجودة بداخل سلطة الانقلاب نفسها".
وتابع:" صمودنا في مواجهة العسكر لن يستمر للأبد، وهذا الثبات والصمود لن يهدم منظومة العسكر التي تلقت دعما إقليميا ودوليا كبيرا، ولذلك فعلينا اتخاذ خطوات للحركة حتى يكون لنا دور وتأثير من أجل حلحلة المشهد المتأزم للغاية، والذي يدفعه ثمنه الجميع، ويجب على الجميع التفكير بالعقول قبل القلوب، حتى نتسم بالمنطق والواقعة دون الاستمرار في دغدغة مشاعر الشعب بالمطالب والشعارات التي بالتأكيد نأمل أن تتحقق، لكن للأسف جزء منها يصطدم بالواقع ومستجداته المحلية والإقليمية والدولية".
وأردف:" إذا ما حدث تفاهم ما بين قوى الثورة والقوى التي يمكنها التصدي للطغمة العسكرية سنصبح حينها قادرين على النجاح في فرض معادلة التغيير، وإذا ما كنا بحاجة لمثل هذا التفاهم فهم بكل تأكيد بحاجة ماسة لهذا الأمر"، مشيرا إلى أن هناك من وصفهم بالشرفاء والأحرار داخل كل مؤسسات الدولة، وإن كانوا غير فاعلين أو مؤثرين في المشهد، إلا أنهم موجودون بالتأكيد، فضلا عن أنه لا يصح القول إن جميع مؤسسات الدولة فاسدة ويجب هدمها تماما.
وأضاف:" هناك صراع ربما غير واضح للعلن بين منظومة مبارك وبين المؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى الصراعات الكائنة داخل قيادات المؤسسة العسكرية ذاتها، ووضح ذلك في التغيرات التي تحدث منذ فترة في القيادات العسكرية وإقالة العديد من القيادات التي شاركت فعليا في الانقلاب بل وفي قتل المتظاهرين المناهضين للانقلاب والمؤيدين لـ 25 يناير".
وأردف:" نحن الآن أمام مشهد نري فيه العديد من الصراعات السياسية على أرض الواقع، ونرى محاولات من منظومة مبارك والدولة العميقة لاسترداد السلطة التي سلبتها منهم المؤسسة العسكرية في الساعة الرابعة عصرا يوم 28 يناير 2011، إبّان أحداث 25 يناير، وكذلك نرى صراعات خفية داخل المؤسسة العسكرية ذاتها التي قُتل أو حُبس فيها العديد من القيادات العسكرية لرفضهم مسار عبد الفتاح السيسي".
ورأى أنه "من الحنكة السياسية والحكمة في مثل هذه المواقف أن نستغل فرصة هذه الصراعات لحلحلة الأزمة التي يعيشها أكثر من 80 ألف معتقل وأسرهم وأكثر من 100 ألف مطارد في الداخل والخارج وأسرهم، ووقف المزيد من الدماء التي تُهدر كل يوم لشباب أبرياء في مقتبل أعمارهم، ورفع المعاناة عن كل هؤلاء، فلابد من استخدام الذكاء السياسي واستغلال هذه الفرصة".
وشدّد "سودان"، وهو قيادي بجماعة الإخوان مقيم في بريطانيا، على أن استمرار السيسي في الحكم معناه مزيد من المعتقلين، ومزيد من القتلى، ومزيد من حالات التعذيب، ومزيد من قتل الشباب الأبرياء دون وجه حق وخارج إطار القانون".
وشدّد على أن "السيسي لا يستطيع هزيمة منظومة مبارك، خاصة في حالة التردي الاقتصادي والأمني والسياسي التي تعاني منه البلاد، لكن على ما يبدو أن أمريكا لم تعطه الضوء الأخضر لتعديل الدستور وكذا الجوار الإقليمي، وعلى ما يبدو أنهم يريدون إفطامه لكثرة طلباته، وبالتالي السيسي الآن في ورطة كبيرة لا يُحسد عليها، فمصر تحتاج على الأقل 64 مليار دولار سنويا، والسيسي ومؤسسته العسكرية الآن غير قادرين في الوقت الحالي على الإيفاء بهذه الالتزامات نحو احتياجات البلاد".
ونوه إلى "تدهور إيرادات قناة السويس، وإهدار أكثر من 20 مليار دولار في مشروعه الفاشل بتفريعة قناة السويس، ثم تعويم الجنيه والمصائب التي حلت بالاقتصاد بعدها، وتردي أعداد السياح وتقلصهم خاصة بعد وقف رحلات السياحة الروسية والبريطانية، وتقلص التصدير، وتقلص إرسال المغتربين مدخراتهم إلى مصر، وكثرة السرقات بكل أنواعها، وتقاعس الشرطة عن حماية الشعب، ومؤخرا انقطاع الأرز الخليجي عن السيسي رغم انبطاحه خاصة بعد هبوط أسعار البترول وامتناعه عن المشاركة في عاصفة الحزم والتسريبات التي أوضحت أمتهانه وسخريته هو وعصابته من أمراء وملوك الخليج، وكذلك وقف جزء من المعونة الأمريكية عن مصر بحجة اضمحلال حقوق الإنسان في مصر تحت حكم السيسي".
ونوه "سودان" إلى أنه أكد أن ما طرحه يمثل رأيه الشخصي بعيدا عن القرار الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين أو حزب الحرية والعدالة، مضيفا:" أنا مسؤول وحدي عما أقول".
واختتم بقوله إن "هناك معذبين في سجون السيسي، وهناك أهالي معتقلين يعانون منذ أكثر من أربع سنوات معاناة قاهرة، وهناك شباب أبرياء يقُتلون كل يوم في الشوارع وداخل البيوت. من يستطيع أن يوقف هذه الآلام وهذه الدماء المهدرة ظلما وعدوانا وهذا التعذيب بأي وسيلة ولم يقدم عليها فهو آثم في حق هؤلاء، ولا ننسى أبدا أن صلح الحديبية أعتراض عليه كل الصحابة، بينما انفرد به الرسول صلى الله عليه وسلم".