أربعة أعوام مرت على وقوع انقلاب الثالث من يوليو المشؤوم في مصر المحروسة عام 2013.
كل شيء تحول وتبدل وتأخر ولم يتقدم قيد أنملة، لا الشعب تقدم ولا الدولة تقدمت، ولا الحياة حافظت حتى على نسقها السابق على الانقلاب، على العكس كل الأمور تشير إلى تحقق نبوءة الجنرال والذي توقع إذا وقعت مصر في يد العسكر فسوف تتأخر أربعين سنة وبنص كلامه "ما تسألوش عن مصر كمان ثلاثين أربعين سنة".
الأخبار الجيدة أن المصريين لم ينتظروا ثلاثين أو أربعين سنة لكي يسألوا عن بلدهم بل باتوا يطرحون الأسئلة من العام الأول للانقلاب، صحيح أن البعض تأخر في إدراك ما جرى وما يجري، إلا أن المحصلة هي أن مصر لن تنتظر بأي حال لخمس أو عشر سنوات أخرى من الهلاك والدمار والتخلف.
اليوم وقبل نشر هذا المقال ربما بساعات انطلقت مبادرة جديدة يهدف مؤسسوها إلى إعادة الحياة إلى الواقع المصري الجديد، وإثبات أن الثورة حية وأن الأمل موجود وممكن وليست صعبا ولا مستحيلا.
وفي نفس التوقيت تقريبا خرج بيان يساند شرعية الرئيس مرسي ويطالب بالقصاص، هذا فريق وذاك فريق وقد تقول لي أليس هذا هو الشتات بعينه؟ وأقول لك لا ليس الشتات وليس أيضا التوحد كما تريده وأريده، ولكنها خطوة مهمة أو خطوات مهمة على الطريق نحو العودة إلى الثورة قبل استعادة السلطة لأن الثورة أولا ثم السلطة ثانيا والاثنين بيد الشعب إن أراد ثار وإن أراد منح صوته لمن يريده.
لا يوجد في السياسة شيء اسمه السكون، هذا السكون الموهوم هو عين التخلف والتراجع، لأن الحياة متحركة بطبيعتها تحرك الليل والنهار والشمس والقمر، وفي أي لحظة تتوقف عن التحرك فيها اعلم أنك تتأخر بأميال عن غيرك لذا فمن المهم أن نتحرك جميعا نحو هدف واحد.
هنا يطرح البعض سؤالا مهما وهو ما الهدف من إقامة جبهة هنا أو تكتل هناك؟ وهو سؤال يعرضه البعض خوفا من أن تتحول الثورة إلى معارضة ترضى بما يعرض عليها ويتم إهمال أهم إنجازات الثورة ومكتسباتها من الرئيس محمد مرسي أو الدستور، أو إهمال ما جرى من مجازر واعتقالات ومصادرات، أو تمرير ما تم من اتفاقيات وصفقات وبيع أراض وجزر.
هذا كلام مهم يتطلب من الجبهة التي أعلن عنها قبل ساعات أن ترد عليه وبوضوح:
ماذا هي فاعلة في الانقلاب؟
ماذا هي فاعلة في المجازر والمصادرات وقوائم الإرهاب؟
ماذا هي فاعلة في الإعدامات التي تمت عبر المحاكم أو عبر قناصد الشرطة والفرق الخاصة؟
ماذا هي فاعلة في الاتفاقيات التي وقعها الجنرال وقادة الانقلاب؟
ماذا هي فاعلة في الجزر التي بيعت؟
ماذا هي فاعلة في العدوان على ليبيا، ودعم بشار والتحالف مع أولاد زياد وآل سعود ضد قطر وتركيا وغيرهما؟
ماذا هي فاعلة عقب سقوط الانقلاب؟ وكيف ستتعامل مع السيد الرئيس محمد مرسي ونواب الشورى والدستور؟
إلى آخر هذه القائمة من الأسئلة التي يطرحها الناس في الشارع الثوري أو ما تبقى منه.
أما الذين أصدروا بيانا يؤيدون فيه الرئيس محمد مرسي ويتمسكون بشرعيته ويطالبون بالقصاص، وبالطبع أنا متفق معهم تماما وأؤيد كل هذه المطالب فأوجه إليهم بعض الأسئلة التي أوجهها لنفسي أحيانا ومنها:
هل أنتم جبهة موازية أو مضادة للقوى الثورية الأخرى أم أنكم جزء من تيار الثورة ومعارضة الانقلاب؟
هل أنتم وحدكم تمثلون الثورة ومطالبها أم تؤمنون بالشراكة من أجل إنقاذ الوطن؟
هل لديكم استراتيجية أو خطة واضحة للتخلص من الانقلاب؟
وهل دعوتم الآخرين ورفضوا الانضمام إليكم؟
ما هي شروطكم للتحالف أو الاصطفاف مع الآخرين ولو عبر مشاريع ثورية؟
البعض للأسف لا يتعب نفسه بقراءة الأحداث الراهنة ولا يفكر إلا فيما فكر فيه من قبل واستقر في رأسه ولا يعلم أن التغيرات الراهنة في المنطقة على سودايتها قد تمثل فرصة ذهبية لن تتكرر من أجل الخلاص من الطاغية.
في ذكرى الانقلاب اتسع الخرق على الراقع واتسعت مساحة الصراع لتشمل دول الخليج ولا أتصور أنها بمنأى عما يجري منذ الانقلاب وحتى اليوم، بمعنى أنها وفي رأيي المتواضع ستقع في فخ الانقلابات والدماء كما وقعت مصر وأن الشعوب قد نما وعيها وارتفع خلال السنوات الفائتة بدرجة كبيرة وأن كسر محاولة الانقلاب في تركيا وقطر إنما جاء نتيجة لهذا الوعي، وأستدرك فأقول أن بعض حكام الخليج لن يهدأ لهم بال حتى يوقعوا المنطقة بأسرها في حزام الانقلابات وربما الحروب التي قد تنشأ في أي لحظة لأنهم اختاروا الصدام مع الشعوب مباشرة وهذا خيار صعب ومكلف للغاية بعد استفاقة الشعوب العربية ولو بشكل بسيط في الوقت الراهن.
في ذكرى الانقلاب الصورة تبدو قاتمة في بلادي، ولكنني أكثر إيمانا بأن هذه القتامة هي بالضبط المطلوب قبل ساعات من بزوغ الفجر بإذن الله.