شكك خبراء اقتصاديون ومصرفيون، في أهداف حكومة الانقلاب بمصر من
طرح شركات قطاع الأعمال في البورصة قريبا؛ بزعم تنشيطها وإصلاح الاقتصاد، مؤكدين أن هذا الطرح يأتي في سياق سد عجز الموازنة البالغ 330 مليار جنيه، ودفع جزء من أقساط الديون وفوائدها، واستجابة لطلب صندوق النقد الدولي.
وقال رئيس حكومة
السيسي، شريف إسماعيل، الاثنين، إنه "يتم العمل حاليا على إجراءات الطرح لشركات قطاع الأعمال في البورصة خلال شهرين، والبدء بشركة إنبي للبترول، ثم تليها شركات من قطاع الأعمال العام والبنوك؛ من أجل تنشيط البورصة".
وتعتزم حكومة الانقلاب طرح 50 شركة بنسب تتراوح ما بين 10 و35 بالمئة من شركات القطاع العام والأعمال العامة، وستبقي الدولة على حصص تتراوح بين 30 و67 بالمئة من الشركات الكبرى.
وفي ضوء خطة الهيكلة الإدارية التي تقوم بها؛ قامت وزارة قطاع الأعمال العام الانقلابية بالإطاحة بثلاثة رؤساء شركات قابضة هي "القابضة للصناعات المعدنية، والقابضة للصناعات الكيماوية، والقابضة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية"، بالإضافة إلى تغيير 16 عضو مجلس إدارة في هذه الشركات، وتغيير 30 رئيس شركة، من إجمالي 121 شركة تابعة للوزارة، بالإضافة إلى تغيير 28 عضو مجلس إدارة.
غياب صناع القرار
وقال خبير أسواق المال، وائل النحاس، إن "خبر طرح الحكومة شركات للبيع في حد ذاته إيجابي، ولكن الحكومة لا تمتلك آليات لتنفيذ البرنامج بشكل ناجح؛ لأن نجاح أي طرح يعتمد على وجود فوائض سيولة لدى الأفراد، وتداولات البورصة لا تزال محدودة الحجم، وخاصة بعد فرض الحكومة لضريبة الدمغة على تعاملات البورصة".
وشكك في قدرة الحكومة على طرح الشركات بقيمتها الحقيقية، مؤكدا أن "مجرد الطرح لا يعني نجاحه، فهناك فرق بين الطرح وإنجاح الطرح".
وأضاف النحاس لـ"
عربي21" أن
مصر "تفتقر إلى صناع سوق حقيقيين كما كان في عهد حسني مبارك"، ذاهبا إلى القول بأن من يدير المشهد الاقتصادي في البلاد "ليسوا صناع قرار، وإنما موظفون".
سداد الديون وعجز الموازنة
من جهته؛ رأى أستاذ التمويل والصيرفة الإسلامية، أشرف دوابة، أن طرح الشركات هدفه سداد الديون وسد عجز الموازنة.
وقال لـ"
عربي21" إن "السيسي كان واضحا في ما يتعلق بخصخصة شركات قطاع الأعمال، ومن بينها قطاع البترول والأدوية، وأرى أنها تأتي في إطار دفع جزء من الديون وفوائدها، وسد عجز الموازنة؛ ليس إلا".
وأكد أن طرح الشركات بالبورصة "لن يضيف جديدا للاقتصاد؛ لأنه لن ينعكس على تخفيض حجم البطالة، أو تحسين الوضع الاقتصادي، بل قد يزيد البطالة نتيجة تسريح العمالة بعد الخصخصة".
وأضاف دوابة أن "كل شيء قابل للبيع لدى السيسي، بدءا من الإنسان، وانتهاء بتراب الوطن، مقابل حفنة من الأرز الخليجي"، مؤكدا أن مشروع السيسي يتلخص في "العمل على تجريف موارد مصر".
صندوق النقد
وذهب أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية، مصطفى شاهين، إلى القول بأن إجراءات الطرح "تأتي استجابة لقرارات صندوق النقد الدولي".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "ما يحدث هو تكرار لسيناريو 1991 في عهد مبارك، حيث باع شركات ومصانع الدولة، ما تسبب في انهيار اقتصادي".
وتابع شاهين: "الدولة بتصرفها آنذاك أبادت الشركات، وشردت العمال، وأضاعت الحقوق، واستغل كثير من أصحاب المصانع والشركات الجدد الأرض، وباعوها بأثمان باهظة، ولم يستفد منها الشعب في شيء".
حجم الأزمة
وقال رئيس حزب الأصالة، إيهاب شيحة، إن "هذا الملف يخضع لتعليمات صندوق النقد الدولي، وأعضاء الحكومة ليسوا سوى سكرتارية تنفيذية لدولة تدار بواسطة شخص واحد".
وأضاف لـ"
عربي21" أن السيسي يسعى إلى "توريط مصر في براثن الديون؛ بسبب شح مصادر الدخل في البلاد، وغياب التنمية، في ظل قرارات اقتصادية خاطئة وغير مدروسة"، محذرا في الوقت نفسه "من تلاشي الطبقة المتوسطة التي تمثل عماد أي مجتمع؛ اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا".
وبشأن حجم الأزمة الاقتصادية؛ أوضح أنه "يجب أن ندرك حجم الكارثة؛ فنحن في دولة وصل إجمالي دينها العام الداخلي والخارجي إلى ثلاثة تريليونات و676 مليار جنيه، حسب تقرير نهاية الربع الأول من 2017، أي ضعف ما كان عليه في 2011".
وتابع شيحة: "بالنظر إلى معدل التضخم؛ نجد أنه ارتفع من 10.3 بالمئة عام 2013، وهو معدل عال نسبيا، إلى 30.6 بالمئة في مطلع عام 2017؛ وهي نسبة كارثية لا يحتملها المواطن العادي، وخصوصا في ظل ارتفاع غير منطقي للسلع والاحتياجات الأساسية، دون أن يقابله زيادة تذكر في الدخول".