تحت شعار" نتحد.. نغير"، أعلنت شخصيات
مصرية معارضة في الداخل والخارج من توجهات سياسية مختلفة (إسلامية وليبرالية ويسارية ومستقلة) عن تدشين كيان وطني جامع حمل اسم "الجبهة الوطنية المصرية – تحت التأسيس"، ليكون مظلة جامعة لكل القوى الراغبة في التحرك والخلاص مما وصفوه بالحكم العسكري الاستبدادي على اختلاف توجهاتهم الأيدولوجية والفكرية.
جاء ذلك في مؤتمرين صحفيين عُقدا، ظهر اليوم الإثنين، بمدينتي جنيف السويسرية وإسطنبول التركية، بحضور عدد من الشخصيات المصرية المعارضة بالخارج، تم الإعلان خلالهما بشكل رسمي عن تدشين الجبهة الوطنية المصرية ومبادئ العمل المشترك بينهم.
وحضر المؤتمر الصحفي الذي عُقد بنادي الصحافة في مدينة جنيف السويسرية وزير الشؤون القانونية والبرلمانية المصري الأسبق، محمد محسوب، والبرلماني السابق حاتم عزام، والقيادي بحزب البناء والتنمية أسامة رشدي، ونائب رئيس إتحاد طلاب مصر سابقا أحمد البقري.
كما حضر مؤتمر تركيا كل من، زعيم حزب غد
الثورة أيمن نور، وأستاذ العلوم السياسية سيف الدين عبد الفتاح، ووزير الإعلام الأسبق صلاح عبد المقصود، ورئيس حزب البناء والتنمية السابق طارق الزمر، والكاتب الصحفي قطب العربي، ومحافظ البحيرة السابق أسامة سليمان، والقيادي بحزب غد الثورة منذر عليوة، ورئيس حزب الأصالة إيهاب شيحة، والناشط السياسي محمد كمال.
وأكد زعيم حزب غد الثورة والمرشح الرئاسي الأسبق، أيمن نور، أن ما تم الإعلان عنه هو خطوة في اتجاه
الاصطفاف الوطني الكامل وإعادة ترميم الجماعة الوطنية بكافة أطيافها، مضيفا:" ربما ليست هذه هي الخطوة الأولى، ومن المؤكد لن تكون الخطوة الأخيرة، إلا أنها هي الخطوة الأهم والأكبر".
وشدّد "نور" على ضرورة وجود مصالحة وطنية واسعة لا تعرف الإقصاء أو الإفلات من العقاب بالنسبة للمتورطين في دماء المصريين، معبرا عن أمله في أن تكون هذه الخطوة هي البداية الصحيحة لتغيير الأوضاع في مصر.
وأضاف: "في اليوم الذي تفرقت فيه الجماعة الوطنية ومارست فيه السلطة سياسة فرق تسد نبدأ خطوة جادة باتجاه وحدتنا الآن وستبدأ وحدة المصريين، وعندما نتحد سيصبح الأمل قائما، وستسقط كل الإحباطات".
وقال: "انتظرنا هذا الإعلان منذ سنوات، وعملنا بجهد ودأب لقاءات وحوارات كي يخرج هذه المشروع كأول مظلة وطنية جامعة لكافة أطياف الحياة السياسية المصرية، مشدّدا على أن "مصر في خطر، ولن تخرج من أزمتها إلا بوحدة أبنائها".
وأشار "نور" إلى أن الظروف حالت دون الإعلان عن جبهتهم من داخل مصر، كما حالت ظروف فنية دون الإعلان من عواصم أخرى خارج مصر لم تسمح.
وشدّد على أن "هذه المظلة قادرة على بناء جسور تواصل مع الجميع من أقصى اليمن إلى أقصى اليسار"، مضيفا:" اليوم يبدأ العمل مع كافة شركاء ثورة يناير، لتجمعنا قيم واستحاقات وأهداف ثورة يناير، ونحن نمد أيدينا لكل رموز وشرفاء الداخل الذين اتخذوا مواقف متقدمة ومتأخرة".
وذكر أستاذ العلوم السياسية سيف الدين عبدالفتاح أن مبادرات الداخل موصولة بمبادرات الخارج، لافتا إلى أن الجميع اتفقوا على أن تكون هذه الجبهة مفتوحة لكل من يستطيع مقاومة الانقلاب والإسهام في معارضته، مشدّدا على دعمهم لكل حراك داخلي في مواجهة الانقلاب الذي قال إنه يمثل رأس حربة للثورة المضادة.
وقال وزير الإعلام الأسبق صلاح عبدالمقصود إن الجبهة تضم مختلف أطياف الحركة الوطنية المصرية بتنوعاتها الأيدلوجية والحزبية والمستقلة، مؤكدا أنها تفتح أبوابها للجميع، وداعيا لتجاوز خلافات الماضي، كي لا ينجروا لأي معارك جانبية مع أحد.
من جهته، قال وزير الشؤون القانونية والبرلمانية المصري الأسبق، محمد محسوب، إن الجبهة لا تطالب بأن يتنازل أحد عن وجهة نظره، وليس الهدف منها إنهاء الاختلاف بين الجميع، وأنما التنسيق بين المختلفين لإثراء الحوار الوطني، مشدّدا على أن الجبهة لا تعبر عن رؤية جماعة أو حزب بعينه، بل هي رؤية وطن وشعب واحد.
وأضاف "محسوب" :"الجيش المصري فريد من نوعه، فهو من أبناء الشعب ويمثل جميع أطيافه، ولن نسمح بمجموعة من الضباط أن تختطف هذه المؤسسة الوطنية لمصالحها الخاصة لتضر بالأمن القومي المصري والعربي"، لافتا إلى أنهم أيضا لن يسمحوا لأحد باختطاف تمثيل الشعب المصري.
وضمت الهيئة التنسيقية للجبهة الوطنية المصرية كل من السفير إبراهيم يسري (رئيسا شرفيا)، وبعضوية كل من: صلاح عبد المقصود، وطاهر عبد المحسن، وقطب العربي، وأسامة سليمان، وأيمن نور، ومنذر عليوة، ومحمد محسوب، وحاتم عزام، ونيفين ملك، وطارق الزمر، وأسامة رشدي، وإيهاب شيحة، ومحمد كمال، وعبد الرحمن يوسف، وسيف الدين عبد الفتاح.
ونصت وثيقة "مبادئ العمل المشترك"، التي تمثل الوثيقة التأسيسية للجبهة الوطنية المصرية، على:
حرصا على إنقاذ الوطن، وترسيخا لاستقلاله، وسعيا لاسترداد كرامة وإرادة شعبه، ودفاعا عن سيادته وترابه وحدوده ومياهه وثرواته، وتمسكا بمباديء ثورة 25 يناير ومكتسباتها، ووفاء لأرواح شهدائنا الأبرار، وتأسيسا لدولة مدنية ديمقراطية حديثة، لا مكان فيها لظلم أو استبداد ولا لتبعية أو فساد، ولا لفقر أوبطالة، ولا لجوع أو خنوع، وتطلعا نحو مستقبل أفضل للمصريين ينعمون فيه بالعيش والحرية والكرامة والعدالة، نعلن هذه المبادئ الجامعة التي توفر أرضية مشتركة للقوى والمؤسسات السياسية والمجتمعية للعمل المشترك، مع احتفاظ الموقعين بحقهم في التعبيرعن رؤاهم الخاصة.
1) هُوية مصر عربية إسلامية شارك في بنائها كل أبناء مصر من مسلمين ومسيحيين، تقوم على احترام قيم الحرية والعدل والمساواة والكرامة الإنسانية.
2) حماية الاستقلال الوطني الكامل لمصر، ورفض التبعية والهيمنة من أجل الحفاظ على الأمن القومي والمصالح الاستراتيجية العليا للوطن.
3) رفض الانقلابات العسكرية وتجريمها، والعمل المشترك لإنهاء الحكم العسكري وكل آثاره، بعد ما عاناه المصريون من الانقلاب على ثورة يناير واستحقاقتها الديمقراطية والإرادة الشعبية.
4) كل الدم المصري حرام، وكل اعتداء على حقوق الإنسان وأولها الحق في الحياة مرفوض مستنكر، والإرهاب بكل صوره مُجَرَّمٌ مرفوضٌ ولا تبرير له، أيا كان مصدره.
5) الالتزام بوحدة صف القوى الوطنية، وتجاوز خلافات الماضي والتركيز على المستقبل، والإقرار بالمسئولية المشتركة عما وصلنا إليه.
6) أساس العمل الوطني هو المصلحة المشتركة التي تجمع القوى الوطنية على اختلاف توجهاتها السياسية وانتماءاتها الفكرية، والتي تتمثل في الالتفاف حول هدف وطني جامع وهو بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تقوم على العدل وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، والحريات الأساسية ومنها حرية التعبير والاعتقاد، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
7) عودة الجيش إلى ثكناته للقيام بوظيفته المتمثلة في حماية حدود البلاد والدفاع عن الوطن، والإغاثة في الكوارث، مع العمل على تقويته ورفع جاهزيته، ووضع الضمانات لخضوعه للمؤسسات المدنية الدستورية المنتخبة، وعدم تدخله في السياسة والاقتصاد.
8) العمل في إطار مظلة جامعة تضم القوى الوطنية في الداخل والخارج لتحقيق مطالب ثورة 25 يناير واسترداد مكتسباتها، وتضع الرؤى والغايات الكبرى والمسارات المرحلية، وتطور كوادر وقيادات مدنية يلتف حولها الشعب.
9) الالتزام الكامل بالسلمية واللاعنف كمبدأ أصيل واستراتيجية ثابتة، والحفاظ على ممتلكات الشعب وثرواته ومؤسساته.
10) استعادة حيوية المجتمع بكل مؤسساته المدنية والأهلية والدينية، وتحريره من هيمنة السلطة التنفيذية، وتمكينه من أداء دوره الريادي كقاطرة للتنمية والنهوض.
11) إدارة المرحلة الانتقالية على أسس توافقية وتشاركية لا تعتمد على منطق الأغلبية والأقلية على أن تتخذ كل القرارات بالتوافق وفي القرارات المصيرية والمختلف عليها يحتكم للشعب، ويكون من أولويات المرحلة ما يلي:
أ– الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين، وتحقيق القصاص العادل، الذي يضمن عدم الإفلات من العقاب، وسرعة الوفاء بحقوق الشهداء والمصابين والمضارين من خلال نظام مستقل للعدالة الانتقالية يضمن كشف الحقائق، وجبر الأضرار، وإصلاح المؤسسات، والمصالحة المجتمعية.
ب– البدء بتحقيق منظومة للعدالة الاجتماعية وإنهاء الظلم الاجتماعي، وضمان حقوق الفقراء ومحدودي الدخل، وخاصة العمال والفلاحين والفئات المهمشة، وتبني استراتيجية شاملة لمكافحة الفساد، واستعادة الأموال المنهوبة، وإنهاء أسباب الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة.
ج– بناء منظومة عدالة تضمن إعادة صورة القضاء المصري المستقل، واتخاذ الإجراءات الدستورية المناسبة لذلك.
وفي 13 أيار/ مايو الماضي، انفردت "
عربي21"، بنشر نص وثيقة مبادئ العمل المشترك، وتفاصيل تدشين كيان وجبهة وطنية جديدة تضم كل من يوافق على هذه المبادئ، والتي تم تأجيل الإعلان عنها أكثر من مرة لأسباب مختلفة.
وكانت مصادر مطلعة ذات صلة بوثيقة "مبادىء العمل المشترك"، قد قالت لـ"
عربي21" إن "الوثيقة تركت الحق لكل فصيل في التعبير عن رؤاه الخاصة تجاه بعض القضايا التي لم ترد فيها، والتي على رأسها البند الخاص بشرعية الرئيس مرسي، بالطريقة التي يراها ووفق قناعاته السياسية، وهذا لا يعني مطلقا أن هذه الوثيقة تستهدف التخلي عنه (مرسي) أو الاتفاق عليه، إذ أنها ليست وثيقة تسوية أو مصالحة مع النظام، بل هي تبحث أساسا عن نهاية للحكم العسكري الحالي".
اقرأ أيضا: "عربي21" تنفرد بنشر تفاصيل الإعلان عن جبهة وطنية لقوى يناير
وكشفت وثيقة داخلية لجماعة الإخوان المسلمين عن موافقة الجماعة على وثيقة "مبادىء العمل المشترك"، مُقرة بأن من سلبيات تلك الوثيقة، عدم النص صراحة على عودة "مرسي" وعودة الشرعية التي أفرزها الشعب المصري في كل انتخاباته، مستدركة بالقول:" لكنها تتضمن بشكل غير مباشر من المترادفات ما يعبر عما نطالب به".
وأشارت جماعة الإخوان إلى أن وثيقة "مبادىء العمل المشترك" أكدت في مضمونها صراحة على أنه في المسائل الخلافية يحق لكل فريق التعبير عن موقفه الخاص بشأنها.
وشدّدت الجماعة على تمسكها بعودة الشرعية، وفي مقدمتها عودة الرئيس مرسي باعتبار أن الشرعية هي المكتسب الأبرز لثورة يناير، لافتة إلى أن التمسك بالشرعية ليس أبدا انحيازا لتيار أو تمكينا له أو سعيا لسلطة أو رغبة فيها، لكنه استمساك بحق الشعب الذي لو تم التفريط فيها هذه المرة، فأنه يفتح الباب في المستقبل لسلسلة من التنازلات.
اقرأ أيضا: الإخوان يحددون 6 مبادئ للاصطفاف في ذكرى الانقلاب
جدير بالذكر أن المجلس الثوري وشخصيات أخرى رافضة للانقلاب العسكري أعلنوا رفضهم بشكل قاطع لوثيقة مبادئ العمل المشترك، مشدّدين على ضرورة التمسك بالشرعية كاملة، وعلى رأسها الرئيس مرسي، والحفاظ على ما وصفوه بثوابت ثورة يناير.