مافيا الآثار مصر تنشط في مصر.. والسلطة تعترف بعجزها
القاهرة- عربي2109-Apr-1704:20 PM
0
شارك
يؤكد خبراء أن غالبية القطع الآثرية في المنطقة هي قطع كبيرة
يراود حلم الثراء آلاف السكان بمناطق المطرية وعين شمس وعرب الحصن العشوائية، شرق القاهرة. فبينما يعاني الأهالي من تردي أحوالهم المعيشية، اكتشفوا فجأة أنهم يعيشون فوق أهم الكنوز الأثرية بمصر.
وإثر اكتشاف بعثة ألمانية، في 9 آذار/ مارس الماضي، تمثالين أثرييين للملك بسماتيك الأول، بمنطفة المطرية الشهر الماضي، تحول عدد من أهالي المنطقة إلى التنقيب عن الآثار؛ خاصة مع الإعلان عن أن الكشف الأخير كان على مقربة من مترين إلى أربعة أمتار فقط من سطح الأرض.
استفزاز الأهالي
وتزايدت عمليات تنقيب الأهالي عن الآثار الفرعونية بالمنطقة؛ قبل أن تعود إليها البعثات الأثرية، وخاصة بعد مطالبات مختصين بالآثار بنزع ملكية الأراضي في هذه المنطقة، ونقلهم لمناطق أخرى مع تعويضهم ماديا.
ورأى مراقبون أن وزير الآثار المصري الأسبق، زاهي حواس، استفز الأهالي ودفعهم لمواصلة الكشف عن الآثار، بعدما أكد أن منطقة عين شمس والمطرية "عايمة على الآثار وتحت كل بيت في المطرية، مقبرة آثرية"، وقال أيضا إنه تم اكتشاف ثراء منطقة المطرية بالآثار عند بناء سوبر ماركت خاص بالحكومة وتم إيقاف بنائه لوجود آثار أسفله.
كما أكد مختار الكسباني، المستشار العلمي لوزير الآثار، أن "منطقة المطرية بها أعظم آثار مصر، وتفوق منطقة الأقصر الأثرية بالصعيد"، متهما أهالي المنطقة بالتنقيب عن الآثار وبيعها.
التنقيب ليلا
وأوقف أمن القاهرة، السبت، ثمانية أشخاص، داخل أحد العقارات بمنطقة عين شمس، أثناء قيامهم بالتنقيب عن الآثار ليلا، فيما نقلت صحف مصرية عن مصدر أمنى تأكيده وجود تشديدات أمنية لوقف محاولات هدم المنازل بحثا عن الآثار في تلك المناطق.
وسبق أن اعترفت وزارة الآثار؛ بعجزها عن حماية الآثار، فقد ذكر خالد محمد أبو العلا، مدير عام منطقة الأثار بالمطرية وعين شمس، الشهر الماضي، أنه "لن نتمكن من السيطرة على عمليات التنقيب والبحث على الآثار بالبيوت".
وينص القانون رقم 117 لسنة 1983؛ على عقوبة السجن لمدة تتراوح بين خمس إلى سبع سنوات، والغرامة من خمسة آلاف جنيه إلى سبعة آلاف جنيه، لجريمة العبث بالآثار.
وتنتشر عدوى التنقيب عن الآثار بقرى ومحافظات مصر، ويقودها بعض المشعوذين والسحرة الذين يقنعون الأهالى بالحفر أسفل منازلهم بدعوى وجود آثار.
وأكد بعض أهالي منطقة عرب الحصن لـ"عربي21"، أن عمليات تنقيب الأهالي مستمرة منذ ثورة 25 يناير 2011، إلا أنها عادت للرواج إثر الكشف الأثري الأخير بسوق الخميس بالمطرية.
وأكد صاحب محل بقالة، رفض ذكر اسمه، أن "هناك مقاولين وسماسرة ينتشرون بالمنطقة لشراء أي عقارات قديمة مع دفع مبالغ مغرية، دون أن يذكر قيمة هذا المبالغ، مشيرا إلى "قيام بعض المقاولين بهدم تلك البيوت بغرض بناء عمارات سكنية ولكنهم في الأصل يبحثون عن الآثار".
نزع الملكية وطرد المافيا
ويرى عاطف أبوالدهب، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعللى للآثار سابقا، أنه لحل أزمة التنقيب العشوائي عن الآثار في تلك المنطقة، "يجب نزع ملكية الأهالي وإخلاء البيوت"، مطالبا "الدولة بالتدخل السريع".
وأضاف لـ"عربي21": "لا يهمنا كم ستتكلف الدولة بقدر حماية آثار المطرية وعين شمس وعرب الحصن"، واصفا هذه المناطق بـ"المناطق الأثرية مئة بالمئة، ولا تحتاج دليلا على أهميتها"، وفق قوله.
وأكد أبو الدهب، لـ"عربي21" أن "الدولة ممثلة في وزارتي الآثار والداخلية، على علم بما يحدث من عمليات شراء واسعة لبيوت الأهالي من قبل مافيا الآثار والتنقيب، وما يتم ليلا من عمليات حفر داخل تلك البيوت"، وأشار إلى "استخدام البلطجية المسلحين لحماية تلك العمليات"، منتقدا "صمت المسؤولين وعجز شرطة حراسة الآثار عن وقف تلك الجرائم".
وتحدث أبو الدهب عما أسماها "عمليات النصب التي تحدث للمواطنين، وإيهامهم بوجود كنوز أثرية تحت بيوتهم، في حين أن تلك المنطقة منطقة معابد وليست فيها مقابر، وآثارها عبارة عن تماثيل ثقيلة الوزن كبيرة الحجم"، مؤكدا "أن التماثيل الصغيرة والكنوز الذهبية التي يتم التنقيب عنها وتهريبها للخارج توجد بمناطق المقابر، أما تلك المنطقة فاستفادة المهربين تكون باقتطاع لوحة أثرية أو نقشا من حجر، وهو ما يعني تشويه تلك الآثار وتحطيم أجزاء منها"، على حد قوله.
مرشد لوزارة الآثار
وقال أبو الدهب لـ"عربي21": "المشكلة الأكبر تكمن في ترشيح وزير يعمل في الإرشاد السياحي وغير متخصص في الآثار لوزارة الآثار"، ورأى الوزير الحالي، خالد العناني، "لا يدرك أهمية تلك المنطقة ولا غيرها من المناطق الأثرية، ولا قيمة الكشوف الأثرية في جذب انتباه العالم لمصر، ولا يعرف كيف يحمي تلك الآثار"، مشيرا لما أسماه بـ"الفضيحة والكارثة على مرأى ومسمع من العالم؛ أثناء استخراج تمثال بسماتيك الأول محطما في المطرية، وفي حضور الوزير نفسه".
وأثارت الطريقة التي استخرج بها تمثال بسماتيك الأول، استهجان وسخرية على نطاق واسع، إلى جانب انتقاد المتخصصين في الآثار.
أهمية المنطقة
وتعرف المنطقة تاريخيا باسم "مدينة الشمس"، أو "أون" بالمصرية القديمة، أو "هليوبوليس" بالإغريقية، وكانت على مدى التاريخ الفرعوني مركزا رئيسيا لعبادة الشمس، وشيدت بها معابد للملك زوسر. وفي الدولة الوسطى شيد الملك أمنمحات الأول؛ معبدا لإله الشمس؛ زيّن مدخله ابنه سنوسرت الأول بإقامة مسلتين من الجرانيت ما زالت إحداهما قائمة. وفي الدولة الحديثة شيد تحتمس الثالث وامنحتب الثالث ورمسيس الثاني ورمسيس الثالث ورمسيس التاسع؛ معابد وتماثيل بها.
ومعبد "أون" من أكبر معابد مصر القديمة، حيث بلغ حجمه ضعف معبد الكرنك بالأقصر، وتعرض للتدمير خلال العصور اليونانية الرومانية ونقلت العديد من المسلات و التماثيل التي كانت تزينه إلى مدينة الإسكندرية وأوروبا.