صحافة دولية

صحيفة روسية: كيف تخدم فوضى ليبيا سياسة بوتين في المنطقة؟

تقول الصحيفة إن بوتين يسعى لتكريس الفوضى عبر دعم حفتر - أرشيفية
تقول الصحيفة إن بوتين يسعى لتكريس الفوضى عبر دعم حفتر - أرشيفية
نشرت صحيفة "أبوستروف" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن المخطط الذي تسعى روسيا لتحقيقه، بهدف تعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، إذ يشمل التدخل في ليبيا.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ليبيا تندرج ضمن المخطط الروسي العام التي تسعى من خلاله إلى تعزيز النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تعدّ ليبيا البلد الجديد الذي يمكن أن تؤدي فيه روسيا دور "صانعة السلام". ولكن، على عكس الوضع في سوريا، فموسكو تقف إلى جانب الجهة المسلحة التي تفتقر للشرعية في ليبيا، حيث تدعم حليفها خليفة حفتر.

ويبدو التدخل الروسي في الشؤون الليبية جليا، كما أن خطط روسيا تبدو أكثر وضوحا. في المقابل، ما زالت إلا أهداف وطموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من التدخل في ليبيا، غامضة.

وأوضحت الصحيفة أن نوايا بوتين من التدخل في ليبيا التي مزقتها الحرب، لم تعد تقتصر فقط على الزيارات الدبلوماسية المنظمة، وإنما وصلت إلى الخطط العسكرية الدقيقة. ولعل وجود القوات العسكرية الروسية في قاعدة سيدي براني المصرية، على بعد 100 كيلومتر من الحدود الليبية، أكبر دليل على ذلك.

وذكرت الصحيفة أن حفتر قام بزيارتين إلى روسيا سنة 2016، وطالب بالدعم العسكري الروسي لقواته على المستويين المادي والمعنوي.

وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات المصرية نفت وجود قوات روسية خاصة على أراضيها. لكن المتحدث باسم الرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، أكد بشكل غير مباشر أن روسيا لديها مصالحها الخاصة في ليبيا. أما حفتر، فقد أشاد في أكثر من مناسبة بجهود روسيا في مكافحة الإرهاب ومحاولة الحفاظ على استقرار ليبيا.

وتحدثت الصحيفة عن الأهداف الروسية في ليبيا. فوفقا للخبير الدولي، فلاديمير فرولوف، فإن روسيا تسعى لتحقيق ثلاثة أهداف. أولا، مواصلة إحياء مكانتها كقوة عالمية، وهذا يشمل الحد من نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية. ثانيا، مقاومة ثورات الربيع العربي، التي تعتبرها روسيا انتفاضات مدعومة من الغرب. ثالثا، استعادة شبكة الدول العميلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ونوهت الصحيفة إلى أن حفتر شخصية لها تاريخ حافل، إذ كان من حلفاء الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، ثم تحول إلى أحد ألدّ أعدائه، ما دفعه إلى الفرار إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتخطيط للإطاحة بالقذافي. وهذا يعني أن حفتر يعد حليفا لا يمكن الوثوق به، بالإضافة إلى أنه لا يتمتع بأية شرعية قانونية أمام الدول الغربية، كما تقول الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا تصر على أهمية الحوار بين جميع الأطراف المتنازعة في ليبيا، وتدعو إلى مشاركة جميع الحركات الاجتماعية، والسياسية، والجماعات القبيلة، والمجموعات القومية، في الحكومة الليبية. كما لا شك أن هذا الوضع المتأزم في ليبيا من شأنه أن يخدم المصالح الروسية هناك، خاصة أن بوتين على يقين من استحالة اتفاق هذه الأطراف.

وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من افتقاد حفتر للشرعية القانونية، إلا أن الدول الغربية "تحسب له حسابا". فبالإضافة إلى تقارير الأمم المتحدة حول جرائم التعذيب التي تقوم بها قواته، يسيطر الجنرال على الجزء الأكبر من شرق ليبيا.

وعلى الرغم من أن حفتر فقد خلال الأيام القليلة الفارطة ميناء النفط رأس لانوف ووفاق سدر، إلا أنه تمكن من استرجاعها في فترة وجيزة.

وأكدت الصحيفة أن النشاط الروسي في ليبيا يزيد من مخاوف أوروبا، إذ إن موقع ليبيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط قد يحولها إلى نقطة عبور للاجئين والمهاجرين من بلدان عديدة في إفريقيا، ما سيجدد أزمة الهجرة في أوروبا.

وأضافت الصحيفة أن المراقبين العسكريين الروس يقرون بأن ليبيا تندرج ضمن لعبة جيوسياسية بالنسبة لروسيا. فالعمليات العسكرية الروسية في الشرق الأوسط، لم تكن لها أهداف مادية. أما ليبيا، فتعد من بين أهم الخيارات المتاحة أمام الجانب الروسي لنشر طائراته.

وأوضحت الصحيفة أن شركة "روسنفت" النفطية الروسية تأمل في تطوير مصالحها في ليبيا، إذ من المؤكد أن تطوير هذه المشاريع يتوقف على التدخل العسكري والسياسي في ليبيا. وللتمكن من تنفيذ هذه الصفقة، يجب دعم حفتر حتى يتمكن من بسط سيطرته الكاملة على أهم المناطق الليبية.

وأكدت الصحيفة أن السلطات الروسية تفهم حدود قدرات حفتر، وعجزه عن التمكن من إيجاد حلول سياسية ناجعة، فضلا عن عدم استطاعته الانضمام للحكومة الجديدة. لذلك، تقدم موسكو له دعما عسكريا كبيرا للإبقاء على المناطق التي تخضع لسيطرته ولمحاولة السيطرة على بقية الأراضي الليبية.

وقالت الصحيفة، وفقا للخبراء، إن روسيا تحاول أن تظهر للعالم أنها تفتقد لأية استراتيجية واضحة في ليبيا، إلا أنها تعمل على دعم حفتر لتوسيع سيطرته. ولتحقيق ذلك، لا ينوي الكرملين البدء في عملية عسكرية واسعة النطاق، وإنما يقتصر تدخله على المشاركة في العمليات الاستفزازية التي تطمح لرفع درجة الصراع وتكريس الفوضى في ليبيا. وبالتالي، من الممكن أن يؤثر ذلك على مصالح دول الاتحاد الأوروبي الواقعة على الجانب الآخر من البحر المتوسط.

وأضافت الصحيفة، وفقا للخبير الدولي السياسي، ألكسندر جولتس، أنه من الصعب أن نفترض أن روسيا تسعى إلى توحيد ليبيا. بل على العكس، لا تسعى موسكو سوى لخلق حالة من الفوضى في الشرق الأوسط تمتد إلى شمال إفريقيا. فهذه الأوضاع من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، وتطوير تجارة الأسلحة، والطيران الروسي. علاوة على ذلك، تصر روسيا، من خلال هذا التدخل، على إظهار نفسها كقوة عظمى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

لكن الصحيفة رأت أن حفتر لا يمكن مقارنته ببشار الأسد في سوريا، ولا يمكن اعتباره حليفا جديدا لروسيا. ففي حين حاولت روسيا، في خضم الحرب السورية، الحفاظ على النظام الحاكم قائما، تحاول دعم القوة المسلحة في ليبيا، ما يكشف مدى تناقض السياسة الروسية التي لا تعمل إلا على حماية مصالحها التي تتغذى من الفوضى والدماء.
التعليقات (0)

خبر عاجل