تساءل مراقبون عن مصير مجلس النواب الليبي في
طبرق، بعد قرار مجموعة تتكون من 75 عضوا من أعضاء المجلس
الانشقاق عنه والمغادرة إلى طرابلس، ومدى تأثير ذلك عن المشهد السياسي في
ليبيا.
وكانت المجموعة أعلنت، في بيان، رفضها لقرار رئيس المجلس عقيلة صالح وبعض مؤيديه بالتصويت على رفض
الاتفاق السياسي (اتفاق الصخيرات)، حيث اعتبر المحتجون هذا التصرف "مجازفة بمستقبل ليبيا"، مطالببن، خلال اجتماع تحضيري في العاصمة طرابلس بعد مغادرتهم مدينة طبرق (شرق ليبيا)، بتشكيل لجنة الحوار السياسي بسرعة، ودعم الاتفاق السياسي، كما طالب المعترضون المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في طرابلس بتطبيق بنود اتفاق الصخيرات، بحسب بيان المجموعة.
وأكد عضو مجلس النواب، مصباح أوحيدة، وهو أحد موقعي البيان، أن "هناك اجتماعا لهؤلاء النواب الرافضين لقرار رئيس
البرلمان، سيعقد في 15 آذار/ مارس الجاري في طرابلس، لاستكمال تذليل الصعاب أمام الوفاق الوطني، وإجراء إصلاحات داخل البرلمان، بحسب تصريحات تلفزيونية له.
وألغى مجلس النواب في طبرق، الثلاثاء الماضي، قرارا سابقا اعتمد بموجبه الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية برعاية دولية وأممية؛ وذلك اعتراضا على سيطرة سرايا الدفاع عن بنغازي على الموانئ النفطية".
خطوة للتصحيح
من جهته، أكد المحلل السياسي الليبي، أحمد الروياتي، أن "ما فعلته هذه المجموعة من النواب خطوة حقيقية، وإن كانت متأخرة، وتشكل ضربة قاصمة للأقلية المتحكمة في قبة البرلمان، التي تصر على وضع العصاة في دولاب المنطق والممكن، وهو التوافق"، كما قال.
وأضاف لـ"عربي21": "إذا استطاعت الأكثرية الانعقاد بشكل حقيقي وصحيح في أي مكان من ليبيا، فستجبر هذه الأقلية على تغيير معادلاتها، وإلا ستظهر بشكل جلي لكل العالم بأنهم المعرقلون لأي توافق".
لكن وزير التخطيط الليبي الأسبق، عيسى تويجر، رأى في حديث لـ"عربي21" أن "المصلحة الشخصية هي الدافع وراء تحرك هؤلاء النواب المنشقين عن عقيلة صالح"، معتبرا أنهم "رأوا الفرصة سانحة للعودة إلى العاصمة بعد وصولهم إلى طريق مسدود، ولا يُستبعد أن يستغلوا الوضع الراهن للاستمرار في البحث عن هذه المصالح دون مراعاة للوضع المأساوي الراهن"، بحسب تعبيره.
بلطجة
من جهته، رأى الناشط السياسي الليبي، فرج فركاش، أن "البرلمان منقسم أصلا منذ جلسة البلطجة الشهيرة، التي مُنع فيها الداعمون (للاتفاق السياسي) من حق التصويت ومنح الثقة لحكومة الوفاق الوطني".
وقال: "هذا الانقسام كان نتاجا واضحا لاختطاف أقلية متطرفة من البرلمان لقرارات أعضاء المجلس بمباركة عقيلة صالح شخصيا"، على حد قوله.
وتابع في حديث لـ"عربي21": "هذه الأقلية المتعنتة والرافضة للحوار منذ البداية مستمرة في ألاعيبها، لكن أتوقع أن يكون هناك دعم دولي للنواب الداعمين للاتفاق، وإلا فسيتم تهميش مجلس النواب كليا من الخارطة السياسية"، وفق تقديره.
وقال الناشط الليبي، أسامة كعبار، إن "ما يفعله عقيلة صالح وزمرته هو عبث، وكان رد النواب الرافضين لهيمنة عقيلة وبلطجيته بمحاولة نقل اجتماعات البرلمان إلى طرابلس"، مضيفا لـ"عربي21": "لكن في تقديري لن تنجح هذه المناورة؛ لأن غالبية الأعضاء متورط، ويتم تحريكهم عن بعد"، على حد تعبيره.
انقسام البرلمان
وأكد الكاتب والمؤرخ الليبي، شكري السنكي، أن "من حق الأعضاء المؤيدين للحوار أن يلتقوا للتشاور وتبادل الرأي، لكن يجب عدم الاستجابة لأي مقترح يضفي على هذه النوعية من الجلسات صفة الرسمية؛ لأن تراكمات ذلك ستؤدي إِلى انقسام البرلمان".
وأضاف لـ"عربي21": "في الوقت نفسه، نحمل المسؤولية لرئيس البرلمان ومناصريه بالوقوف وراء عقد جلسة غير كاملة النصاب واتخاذ قرار بـ38 نائبا من أصل 200 نائبا، وهو ما يخالف قرارات المجلس السابقة، ويتعارض مع قرارات الأمم المتحدة الراعية للاتفاق، ويعرض المجلس للانقسام، وقد يأتي على حساب وحدة البلاد الوطنية"، وفق قوله.