يقود رئيس أركان الجيش
المصري، الفريق
محمود حجازي جهودا مستمرة منذ أشهر عدة للوساطة بين أطراف وقيادات سياسية ليبية وأعضاء في مجلس النواب المنحل، في محاولة لحل الأزمة القائمة منذ أكثر من خمس سنوات.
وكان
السيسي قد أصدر قرارا في شهر آب/ أغسطس من العام الماضي بتشكيل اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي، وعيّن على رأسها صهره الفريق حجازي، ومنحها الصلاحيات كافة، والاستقلالية التامة، للتعامل مع الملف الليبي المعقد من جوانبه جميعها، الأمنية والعسكرية والسياسية، بالتنسيق فقط مع رئاسة الجمهورية، بعد أن كان هذا الملف مع وزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة لسنوات عدة.
وعقد حجازي خلال الأشهر الأربعة الماضية لقاءات عدى بأطراف فاعلة في المشهد الليبي، كان آخرها ثلاثة اجتماعات عقدها في القاهرة في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، الأول حضره عشرات الشخصيات السياسية من توجهات متنوعة.
وبحسب بيان صادر عن القوات المسلحة، فإن الاجتماع جاء "استكمالا للجهود الرامية لمعالجة نقاط الخلاف التي تسببت في حدوث الانسداد السياسي في
ليبيا خلال المرحلة الماضية، وإشراك جميع الأطراف وعلى رأسها أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس الدولة الليبي لتحقيق تسويات تمكن من وضع الاتفاق السياسي موضوع التنفيذ بما يساهم في حل الأزمة في ليبيا".
والتقى بالمبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، وأعقبه لقاء ثالث بالمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي.
وضع ملتبس
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس، جمال سلامة، إن الوضع الليبي الآن ملتبس سياسيا وعسكريا، بعدما تحولت البلاد إلى ما يشبه الدويلات الصغيرة المتنازعة، والنظام المصري يعتبر ليبيا خطا أحمر، كونها تمثل وضعا استراتيجيا لمصر، وبوابتها الغربية.
وأضاف سلامة لـ"
عربي21" أنه "من الطبيعي أن يكون الجيش هو المسؤول عن هذه العلاقة الآن، وليست وزارة الخارجية، لأن الوضع لم يعد دبلوماسيا بحتا، بل له علاقة أكثر بالأمن القومي المصري، خاصة أن النظام المصري الآن يدعم قوات خليفة حفتر ويمدها بالسلاح والعتاد منذ ثلاث سنوات، لمواجهة الجماعات التي يعتبرها "متطرفة" خاصة تنظيم الدولة، حتى بات جزء كبير من السلاح الذي يمتلكه الجيش الليبي سلاح مصري بدعم مالي إماراتي"، وفق قوله.
وحول تكليف الفريق حجازي بإدارة الأزمة الليبية، قال سلامة إنه ليس مستغربا من هذا القرار، فرئيس الأركان هو المسؤول عن كل صفقات السلاح التي منحتها مصر لحفتر، ومن الطبيعي أن يكون هو المسؤول عن حل الأزمة والتفاوض مع الأطراف المتنازعة هناك.
ووافقه الرأي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية أحمد عبد ربه، الذي قال إنه يوجد في ليبيا الآن حكومتان، حكومة المجلس الانتقالي وجيشها، المسؤولة عن غرب ليبيا، وحكومة أخرى تسيطر على بنغازي ومناطق شرق ليبيا التي تنسق معها مصر بشكل كبير في النواحي السياسية والعسكرية وتدعمها بالأسلحة والتدريبات، لأنها تمثل أهمية استراتيجية كبرى لمصر على حدودها الغربية.
وأضاف عبد ربه، لـ"
عربي21" أن الفريق محمود حجازي مسؤول مناطق شرق ليبيا وعمليات التنسيق مع قوات حفتر فقط، فيما تقوم وزارة الخارجية المصرية بالتنسيق مع المجلس الانتقالي، وهناك حوادث عديدة لاحتجاز مصريين في ليبيا، خاصة في المنطقة التي تسيطر عليها قوات المجلس الانتقالي.
وقال: "بفضل تنسيق وزارة الخارجية عادوا إلى مصر، وهو ما يشير إلى أن التنسيق المصري الليبي موجود على المستويين الدبلوماسي والعسكري، لكن من الممكن أن يكون الشق العسكري أكبر من الشق الدبلوماسي، نظرا لطبيعة الأوضاع في ليبيا، وأهميتها الاستراتجية لمصر".
تقديم أهل الثقة
ويقول مراقبون إن تكليف قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لصهره حجازي، الذي كان رئيسا لجهاز المخابرات الحربية، يعكس عدم ثقة السيسي في مؤسسات الدولة المدنية، ومن بينها وزارة الخارجية، والاعتماد بشكل كبير على القوات المسلحة وأجهزتها المختلفة في إدارة الملفات الحساسة.
وبدأت ظاهرة سحب الملفات الدبلوماسية من وزارة الخارجية وإسنادها للأجهزة الأمنية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي كلف جهاز المخابرات العامة بإدارة العلاقات المصرية الإسرائيلية والمصرية الفلسطينية، لكن السيسي توسع في هذا الأمر، وأوكل العديد من الملفات الدبلوماسية والسياسية للمخابرات العامة، وعلى رأسها الأزمة الليبية والسورية واليمنية.
من ناحية أخرى، يرى محللون أن اعتماد السيسي على صهره حجازي يأتي امتدادا لتكليف أقاربه وأصهاره في المناصب والملفات الحساسة، حيث يتولى كل أبنائه وأشقائه وأصهاره مناصب رفيعة بالدولة، خاصة في المؤسسات الأمنية والعسكرية والرقابية التي تتحكم في المشهد العام في البلاد.
ويعمل نجله الأكبر مصطفى ضابطا في هيئة الرقابة الإدارية، فيما يعمل نجله الثاني حسن في إحدى شركات البترول، وهو متزوج من ابنة محمود حجازي رئيس أركان الجيش، التي تعمل بالنيابة الإدارية.
أما نجله الأصغر محمود، فيعمل ضابطا في المخابرات العامة، وهو متزوج من ابنة اللواء فريد التهامي الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات.
كذلك، فإن شقيق السيسي الأكبر أحمد، يشغل منصب نائب رئيس محكمة النقض، وتم تعيينه مؤخرا رئيسا للجنة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وأصدر السيسي قرارا بتعيين نجل شقيقه، عبد الرحمن، في النيابة العامة.