تضاربت الأنباء حول طريقة انسحاب عناصر من مقاتلي تنظيم "
داعش" من بعض أحياء مدينة
بنغازي (شرق
ليبيا)، بإتجاه وسط البلاد، وسط اتهامات لقوات اللواء المتقاعد خليفة
حفتر بالتواطئ مع مقاتلي التنظيم وتوفير ممرات آمنة لهم للفرار، وهو ما نفاه المتحدث باسم قوات حفتر، خلال تصريحات صحفية، الجمعة 6 كانون ثان/يناير الجاري.
وانسحب نحو ستين من مسلحي التنظيم فجر الخميس من منطقة الصابري (شمالي بنغازي) في رتل مؤلف من 13 عربة، في حين انسحب نحو ثمانين من منطقة قنفودة المحاصرة غربي المدينة، بحسب مصادر محلية في بنغازي.
عدة روايات
أكد القيادي في مجلس "شورى ثوار بنغازي"، زياد بلعم، أن عملية "
الهروب" لـ"داعش" تمت بتنسيق واتفاق مع قوات حفتر، وخاصة ضابط الصاعقة "محمود الورفلي" المكلف بهذه المهمة"، موضحا أن "قوات داعش كلها انسحبت من الشرق الليبي واجتازت مدينة إجدابيا، وأن هدف حفتر من ذلك، هو ترحيل المشكلة إلى الغرب لإثارة القلاقل واستنزاف قوات الغرب وخاصة قوات مصراتة"، بحسب تصريحات تلفزيونية مساء الجمعة 6 كانون ثان/يناير الجاري.
وذكرت رواية أخرى أن المنسحبين من منطقتي الصابري وقنفودة في بنغازي، التقوا في رتل واحد غرب بنغازي، ويعتقد بأنه وصلوا إلى منطقة وسط ليبيا تقع بين مدن مصراتة وسرت وبني وليد، للانضمام إلى فلول "داعش" التي فرت في وقت سابق من مدينة سرت الساحلية.
لكن القوات التابعة للحكومة المؤقتة بقيادة حفتر، كانت لها رواية مغايرة، حيث أكدت أن الفارين استغلوا الحالة الأمنية لمدينة بنغازي، وقاموا بعملية مفاجئة لمحاولة الفرار، لكنها –أي القوات-تصدت لهم وقتلت معظمهم واعتقلت الباقين، نافية وجود أي تواطؤ.
من جهته، وصف تنظيم الدولة في بيان صدر اليوم عما يسمى "ولاية برقة" انسحاب مقاتليه من بنغازي بأنه "عملية نوعية". وأضاف أن الانسحاب جاء بعد التأكد مما سماه "مكيدة" يعد لها مجلس شورى ثوار بنغازي ضد مقاتلي التنظيم.
ورغم استمرار التضارب والتلاسن بين قوات حفتر وشورى بنغازي، إلا أن الحدث يطرح عدة تساؤلات حول، هروب قوات "داعش" من بنغازي، ومع من كانت تتحالف هناك؟ ولمصلحة من عملية الفرار الأخيرة؟ وما دور حفتر وعلاقته بالتنظيم شرقا وغربا؟.
خروج وليس فرار
وأكد رئيس المجلس العسكري بمدينة صبراتة(غرب طرابلس)، العقيد الطاهر الغرابلي، أن "ما حدث في بنغازي هو عملية خروج منظم بعد تفاوض وتنسيق وليست فرار، خروج بعد حوار بين قوات حفتر ومسؤولي تنظيم داعش على كيفية الخروج والطريق الآمن لهم".
وأضاف لـ"
عربي21": "وصلتنا معلومات أن هناك مفاوضات من فترة بين الطرفين "داعش وحفتر" حول الخروج، والمستفيد الأكبر من هذه العملية هو "حفتر" لأنه يستطيع بعدها طلب الدعم، ناهيك عن محاولته إرباك المشهد السياسي".
وقال الضابط برئاسة الأركان الليبية بطرابلس، العقيد عادل عبد الكافي، إن "قوات حفتر هي من وفرت الممر الآمن لعناصر "داعش" من حى الصابرى فى عمق مدينة بنغازى، والدليل أن "الدواعش" مروا على 11 نقطة تمركز لقوات حفتر وتحت طيرانه ولم يتصد لهم إلى أن وصلوا جنوبا لمنطقة "زلة" ومن ثم إلى منطقة بنى وليد"، حسب كلامه.
وكشف عبد الكافي لـ"
عربي 21" أن "أهمية توقيت عملية السماح لعناصر "داعش" بالفرار، هو تعزيز القوات التابعة لحفتر في الجنوب، وخاصة قوات اللواء 12 مجحفل، بقيادة العقيد "محمد بن نايل، وكذلك بعض عناصر "داعش" الفارة من سرت والمتمركزة الآن في الجنوب، بهدف السيطرة على الجنوب ومن ثم التحرك نحو العاصمة طرابلس".
مغالطة
من جانبه، نفى المتحدث باسم قوات "حفتر"، العقيد أحمد المسماري، وجود أي تنسيق أو "تواطؤ" من قبل قيادات في قواتهم، وأنها مجرد "شائعات مغرضة" من قبل مجلس "شورى بنغازي" للتبرؤ من علاقته بتنظيم "داعش".
وقال المسماري لـ"
عربي21": "ما حدث هو محاولة هروب من قبل "إرهابيين" حوالي 50 مسلحا من مناطق الاشتباك بإرسال سيارات مفخخة وانتحاريين في المقدمة لفتح ممر لهم، وأنه تم ملاحقة هذه العناصر خلال الهروب واعتقال بعضهم، وقتل البعض الآخر، مشيرا إلى وجود "أجانب" تابعة للتنظيم من بين القتلى، منهم تونسي"، حسب روايته.
وقال الناشط السياسي من بنغازي، فرج فركاش، لـ"
عربي21" إن "الأهم الآن ليس من فر ومن ساعده، لكن الأهم هي الخطوة القادمة والتي يجب أن تكون في إطار الحكمة في التعامل مع ما تبقى من مجموعات مسلحة في بنغازي، وفتح قنوات تواصل لوقف الحرب، ومحاسبة كل من أخطأ وفق العدالة والقانون".