شن مفتي عام
ليبيا، الصادق الغرياني، هجوما عنيفا على كل من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، واللواء المتقاعد خليفة
حفتر، متهما إياهما بأنهما "السبب في الفساد العام وتردي الدولة" وأنهما "وجهان لعملة واحدة".
وكرر الغرياني طلبه بضرورة "إسقاط" الاتفاق السياسي الموقع في
الصخيرات، ومخرجاته، مقدما "مبادرة جديدة كبديل عن الاتفاق السياسي، تتلخص في: "تشكيل جسم تشريعي بديلا عن المؤتمر والبرلمان يكون أعضاؤه "وجوه جديدة من قوائم الانتخابات التي أجريت عام 2012، وكذلك اختيار وثيقة واحدة من بين الوثائق العديدة الوطنية كدستور مؤقت للمرحلة الانتقالية وتقديمها للأمم المتحدة"، بحسب قوله خلال برنامجه الأسبوعي على قناة "التناصح" الليبية، الأربعاء.
وتعد تصريحات المفتي الليبي تصعيدا كبيرا وجديدا ضد
حكومة الوفاق في الغرب، وضد قوات حفتر في الشرق. وتكمن أهمية هذه التصريحات في قدرة المفتي على تحريك الشارع، خاصة في مدينتي مصراتة وطرابلس، ضد أي جسم قائم.
لكن هذا التصعيد من جانب المفتي يطرح عدة تساؤلات، مثل: لماذا تصاعد الصدام بين المفتي والرئاسي الليبي؟ وهل سينقلب الشارع على فائز السراج ومجلسه الرئاسي بسبب المفتي؟.. وهل مبادرة المفتي بتكوين جسم وطني أمر مقبول الآن؟
رد فعل
من جانبه، قال الباحث الليبي ومدير مركز "بيان" للدراسات، نزار كريكش، إن "المعادلة في ليبيا أوسع من السراج وحفتر، لذا فالمقاربة لا أعتقد - مع احترامنا لرأي المفتي - أنها تصب في هذا المنظور، بل إن الاتفاق السياسي فتح مجالا أكبر من التدخلات الخارجية، وهذا نتيجة طبيعية لضعف الدولة الليبية".
وأضاف لـ"عربي21": "بخصوص مقترح المفتي بتكوين جسم وطني، فهو أمر جيد شريطة أن يعي المعادلة الدولية، وأن يشمل الجميع؛ لأن فهم المعادلة الدولية هو شرط أساسي لنجاح أي مشروع سياسي في ليبيا، والتاريخ الليبي خير شاهد ودليل"، كما قال.
وقال وزير التخطيط الليبي الأسبق، عيسى تويجر، إن "تصريحات المفتي وربطه بين حفتر والمجلس الرئاسي، قد تكون ردة فعل على إصرار المجتمع الدولي على فرض حفتر على المشهد السياسي".
واعتبر توير أن المجلس الرئاسي "يتشابه مع حفتر في مواقفه، مثل عدم مطالبته بإيقاف الحرب في بنغازي، وعدم اعتراضه على قصف حفتر للمناطق التي تقع تحت سلطته"، كما قال.
وأوضح تويجر، في حديث لـ"عربي21"، أن "اقتراح جسم وطني بديل عن اتفاق الصخيرات؛ هو حل جيد ويوفر ضمانات لكل الأطراف"، وفق تقديره.
تأجيج وتحريض
لكن الكاتب السياسي الليبي، وليد ماضي، رأى من جانبه؛ أن "تصريحات المفتي الأخيرة تعكس
أزمة عميقة في الفكر والخطاب الديني في ليبيا، متجسدا في دار الإفتاء"، مضيفا لـ"عربي21": "المفتي والدعاة كان يعوّل عليهم في ظل هذا المنزلق الليبي أن يكونوا دعاة صلح وسلام ورؤية لترميم الشرخ الاجتماعي، بدلاً من أن يكونوا محرضين لكن للأسف أصبح بعضهم مؤججين للعنف والحرب الأهلية كما نراهم اليوم"، على حد وصفه.
ورأى الناشط السياسي الليبي، من بنغازي، فرج فركاش، لـ"عربي21"، أن "المفتي أصبح يتدخل في السياسة بشكل فج، وأصبح هو نفسه عامل انقسام، وبدأت شعبيته تتناقص بسبب مواقفه، ومنها تصريحاته الأخيرة والتي تتشابه مع تصريحات سابقة ساوى فيها بين حفتر وداعش"، بحسب تعبيره.
لماذا الآن؟
من جهته، رأى المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، أن "توقيت تصريحات المفتي لها دلالة"، وقال إنها "إشارة إلى أن هناك تغييرات قادمة أو يدفع بها من أجل تغيير السراج ومجلسة، وربما الاستقالات التي حصلت مؤخرا هي مؤشر لهذا".
وأشار كعبار، في حديث لـ"عربي21"، أن "هذه التصريحات لها ثقلها وتداعياتها، لكنها لن تحرك الشارع ضد السراج أو حفتر، أما مبادرته بتكوين جسم بديل، في تقديرى لن تنجح، فليس هناك خيار أمام الليبيين إلا المضي قدما في مسار المشروع السياسي للصخيرات وتعديلاته"، على حد قوله.
وسبق أن دعا الشيخ الصادق الغرياني، المتواجد في طرابلس حاليا، إلى تكوين حكومة واحدة تنبثق عن مجلس من المنطقتين الجنوبية والغربية، ضد حفتر الذي وصفه بـ"الظالم"، معتبرا أن الاتفاق السياسي تجاوز مدته القانونية، وفقد شرعيته، بحسب قوله في 22 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.