كشفت الوثائق الجديدة المسربة من الموظف السابق في "وكالة الأمن القومي"، إدوارد
سنودن، أن الولايات المتحدة وبريطانيا تجسستا لسنوات طويلة على الأردن الذي يعد واحدا من أقوى حلفائهما في الشرق الأوسط.
ونشرت
التسريبات أن أمريكا وبريطانيا تجسستا على
الديوان الملكي الهاشمي في الأردن والسفارة الأردنية في واشنطن.
وتثير هذه التسريبات -إن صحت- تساؤلات حول كيفية تعاطي الدولة الأردنية مع مثل هذه المعلومات، وهل سيؤدي ذلك إلى إثارة حفيظة السياسيين في الداخل الأردني، وتدفع نحو حذر أكبر في علاقة المملكة مع حلفائها؟
من جهته، تحفظ الكاتب الصحفي إيهاب سلامة على ما طرح في الوثائق التي سربها سنودن، منتقدا أنها أصبحت تعامل بقداسة مطلقة في وسائل الإعلام.
وقال لـ"
عربي21"، الأحد، إنه لا بد من الأخذ بالاعتبار أنه "لا غرابة مطلقا بقيام المخابرات الأمريكية أو البريطانية بالتجسس على أي دولة أو أشخاص، فهذه وظيفة الأجهزة الاستخباراتية الأزلية لكل دول العالم، وليس هناك صديق أو عدو أو حليف يخرج من إطار العمل الاستخباري بين الدول"، وفق قوله.
وأضاف أن الأردن يعي أن لكل دولة أجهزتها الاستخبارية التي تجمع لها المعلومات من شتى بقاع العالم، وهو أمر ليس بالجديد على المملكة، أو أي دولة أخرى.
ومجيبا عن سؤال حول الأثر المتوقع الذي قد تتركه هذه التسريبات على السياسة الأردنية، وما إذا كانت تدفع نحو جعلها أكثر حذرا مع علاقتها بواشنطن ولندن، أشار سلامة إلى أن السياسة الأردنية واضحة وضوح الشمس بالنسبة للولايات المتحدة وبريطانيا، فهي ثابتة لا تتغير بتغير الأحداث.
وقال إنه لا يوجد أجندات مخفية تحتم لأحد
التجسس عليها أو تقصيها في الأردن، معتقدا بأن وثائق سنودن -إن صحت- لا تعد كشفا عجيبا أو مثيرة للدهشة أبدا، فاستخبارات الدول كلها تمارس اللعبة ذاتها فيما بينها دون استثناء، وتسعى للحصول على معلوماتها من هنا وهناك.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي له تاريخ حافل بالتجسس على الولايات المتحدة في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي والعديد غيره، وكذلك تفعل واشنطن إذ إنه كشف النقاب مؤخرا عن قيامها بزرع أعين لها في إسرائيل منذ 18 عاما، وتمكنها من اختراق الشفرات السرية التي يستخدمها مسؤولوها في اتصالاتهم ومراسلاتهم العسكرية.
يضاف إلى ذلك أنشطة التجسس الأمريكية المتعلقة بمنظومة الطائرات الإسرائيلية دون طيار، التي أحدثت عاصفة داخل إسرائيل، وفقا لما يراه سلامة.
وقال: "أعتقد بأن صانع القرار في الدولة الأردنية لديه حساباته الخاصة التي يعي كيف يدير من خلالها ملفاته السياسية مع مختلف الدول، ويفترض أن لا تغيب عن باله بتاتا، فطبيعة التحالفات الأردنية مع أي دولة أخرى خاضعة لمعايير أردنية أردنية، وحسابات سياسية داخلية".
وعلقت صحيفة "لو موند" الفرنسية على هذه التسريبات بالقول إن التجسس على الأردن جاء على الرغم من التحالف الاستخباراتي الوثيق بين الوكالة الأمريكية وجهاز الاستخبارات الأردنية.
وأكدت في تحقيق لها ترجمته "
عربي21" أن واشنطن ولندن وضعتا نظاما كاملا للتجسس على جميع الاتصالات الهاتفية أو حتى على الهواتف المستخدمة على متن الطائرات، شاملا جميع الرحلات الخاصة أو الرسمية، وحتى الرحلات التجارية.
وعلل الجانبان هذا الأمر بأنه جزء من خطة أمريكية اعتمدت عقب أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001، تجنبا من استخدام طائرات لشن هجمات إرهابية.
ووافق الناشط السياسي، سلطان العجلوني، ما ذهب إليه سلامة، قائلا إن "التجسس بين الحلفاء ليس بالأمر الجديد، ولم يقتصر على الأردن"، مؤكدا أن أمريكا تتجسس على كل حلفائها مثل ألمانيا وفرنسا وإسرائيل، وحلفاؤها يتجسسون عليها.
ورأى العجلوني في حديثه لـ"
عربي21"، أن هذه التسريبات لن تؤثر أبدا ولا بأي درجة على العلاقات بين الأردن وأمريكا وبريطانيا، حتى وإن عد البعض أن تجسسا مثل هذا إن صح حدوثه يعد مساسا بسيادة الدولة.
وعلل ذلك بالقول إن العلاقة مع هاتين الدولتين "علاقة تبعية"، والمسؤولون في الأردن يؤمنون بأن هذا من حق الدول الكبرى، وأنه أمر طبيعي.
وختم بالقول إن تسريبات سنودن الأخيرة حول تجسس لندن ووشنطن على الديوان الملكي الأردني "لن تحدث أي ردة فعل رسمي أو شعبي".