لم تمتثل
المصارف اللبنانية للتهديدات المبطنة وأحيانا الظاهرة التي ظهرت في تصريحات مسؤولي ومناصري
حزب الله السياسيين تجاهها، وبدؤوا بتجميد حسابات لشخصيات محسوبة على "حزب الله"، تطبيقا للائحة العقوبات الأمريكية.
وأدرج النظام التطبيقي الخاص بالقانون الأمريكي الذي صدر عن وزارة الخزانة الأمريكية في 15 نيسان/ أبريل الماضي، نحو 100 اسم في لائحة العقوبات الأمريكية.
وقام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونائبه محمد بعاصيري بزيارة إلى أمريكا، وتباحث مع المسؤولين في وزارة الخزانة الأمريكية لحماية القطاع المصرفي اللبناني.
ويتخوف اقتصاديون في لبنان من إدراج المصارف اللبنانية في لائحة العقوبات "SDN" الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية "OFAC" في وزارة الخزانة الأميركية، وتاليا إقفال المصارف الأمريكية والأوروبية المراسلة حساباته لديها وقطع التعامل معه.
من جهته أكد وزير الاقتصاد والتجارة ألان حكيم في حديث صحفي، أن "قانون
الحظر الجديد لا يستهدف حزب الله بمقدار ما يستهدف البيئة الحاضنة لحزب الله، وهذا الواقع صعب ولا يستهان به".
وأشار إلى أن "القضية لم تعُد ترتبط بالتفاوض مع الأمريكيين، لأن النظام المالي العالمي بات يطبق القانون، وبالتالي، فإن مشكلة أي مصرف يرتكب خطأ ما، ستكون مع النظام المالي العالمي".
ولفت حكيم إلى أن إقرار القوانين المالية في جلسة الضرورة النيابية التي عقدت العام الماضي، والتي ساهم فيها حزب الله، ووافق نوابه فيها على تلك القوانين هي التي سمحت بإصدار القانون الأمريكي الأخير، وبالتالي، فإن حزب الله هو الذي ساهم مع النواب في التمهيد لصدور هذا القانون".
وذكر حكيم بأن هناك نحو 156 مليار دولار ودائع في المصارف، وهي كنز لبنان وينبغي الحفاظ عليه، وهذا الأمر من مسؤولية المصارف، وعلينا أن لا ننسى أن ثلث هذه الودائع هو لأبناء الطائفة الشيعية، وبالتالي، من مصلحة الجميع بلا استثناء تحمل المسؤولية، وأنا أدعو حزب الله علنا إلى تحمل مسؤوليته".
وقال الخبير الاقتصادي لويس حبيقة لـ"
عربي21": "لا أتوقع أن تتأثر المصارف اللبنانية بما يحدث في مسألة الحظر المصرفي على حزب الله، فقد كانت هناك تجربة فيما يخص الحظر على إيران".
وتابع لويس حبيقة أن المصارف اللبنانية "نفذت كل ما طلب منها وفق القواعد المالية العالمية وأخذت إجراءات الحظر على حزب الله بمهنية وحرفية عاليتين، وبالتالي فإن موقفها سليم وليست في مأزق على المستوى العلاقات المالية والاقتصادية الدولية لاسيما مع الولايات المتحدة".
ورأى لويس أن "المشكلة تكمن في سوء التفسير، وأقصد بالنسبة للبنانيين"، وشدد على أن "القطاع المصرفي اللبناني، من أنقى القطاعات العاملة في لبنان لكنه يتعرض في الفترة الأخيرة لهجمة مكثفة تحاول تشويه صورته".
وحول موقف المصارف المتردد في مسألة التعاطي مع ضغوطات حزب الله قال: "القطاع المصرفي مرتبك من هذه الأزمة، لجهة الزوبعات والضغوطات سياسية، لكنني أعتبر أن هذه الحالة غير مبررة".
وحول دور إيران في مسألة الحظر المالي على حزب الله قال: "من المثير للاستغراب التناقض الحاصل لدى دول القرار في مسألة العقوبات، فعندما كانت العقوبات قائمة على إيران كان حزب الله بمنأى عنها شكليا، لأنه بشكل مباشر تأثر بها، فهو من دون المد المالي الإيراني غير قادر على الاستمرار بالقوة والزخم نفسه".
وأضاف: "المواقف الدولية تجاه الحظر المالي تتبدل بين ليلة وضحاها بحسب السياسات والمواقف، فكما كان عرفات ومنظمة التحرير تتعرض لحظر مالي قبل أن يتبدل ذلك بعد اتفاق أوسلو عام 1993 بين القيادة الفلسطينية وإسرائيل، تبدلت الأحوال مع الغرب تجاه إيران".
وتابع: "ليس مستغربا أن نسمع بعد قليل أن العقوبات رفعت عن حزب الله في حال رضيت دول القرار عنه".
ورأى أن إسرائيل تسعى إلى تخريب القطاع المصرفي اللبناني بشتى الوسائل الممكنة لضرب استقرار البلاد بشكل عام، وهم قادرون على التأثير في الوضع الاقتصادي لأن يدهم قادرة على ضرب الاقتصاد اللبناني.
وشدد على أن مصرف لبنان حريص مع باقي المصارف على تطبيق العقوبات المستندة إلى قوانين مسوغة وواضحة وفقا للنظام المالي العالمي، وهناك قناعة من جميع اللبنانيين بمن فيهم حزب الله بأن لبنان غير قادر على مواجهة ما يفرض على المستوى الدولي لجهة العقوبات المالية، غير أن الكثير من المزايدات تكثر في هذه الأوقات لأهداف سياسية بحتة.