أمر الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، في قرار فاجأ المراقبين، بسحب قواته من
سوريا، وهو ما أثار الشكوك حول استمرار موسكو بدعمها لرئيس النظام السوري بشار
الأسد.
وتقول صحيفة "التايمز" البريطانية، في تقرير أعده الكاتب روجر بويز، إنه بعد لقاء بوتين مع قادته العسكريين في الكرملين، فقد أعلن أن أهداف العملية العسكرية في سوريا قد تحققت، وقال إن القوات السورية، وبدعم من الطيران الروسي، كانت قادرة على تحقيق تقدم مهم في الحرب ضد الإرهاب الدولي "ولهذا أصدر أمري لوزارة الدفاع كي تبدأ من يوم غد بسحب قواتنا العسكرية من الجمهورية العربية السورية".
ويورد التقرير نقلا عن بوتين قوله إنه أمر وزير الخارجية بتكثيف المشاركة الروسية في جهود السلام لحل الأزمة، مشيرا إلى أن القرار جاء مفاجئا للولايات المتحدة، حيث أخبر بوتين رئيس النظام السوري بشار الأسد بقراره عبر الهاتف.
وينقل الكاتب عن محللين قولهم إن بوتين قرر التحرك والخروج من سوريا لتجنب التورط في حرب طويلة هناك.
وترى الصحيفة أن القرار سيسهم على المدى القصير بدعم جهود السلام، التي ستبدأ اليوم في جنيف، في ذكرى مرور خمسة أعوام على الحرب السورية، أو قد يحرر
روسيا من اللوم في حال فشل المحادثات.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن بوتين قد أمر قواته بالتدخل في سوريا في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر 2015، حيث أسهم الطيران الروسي بدعم جيش النظام السوري لتحقيق تقدم في عدد من الجبهات، وقال وزير الدفاع الروسي إن المقاتلات الروسية شنت خلال الفترة الماضية تسعة آلاف غارة، وإن ما مجموعه 400 بلدة وقرية ومجمع سكني تم تحريرها.
ويشير بويز إلى أن التدخل الروسي ساهم بحرف ميزان الحرب لصالح الأسد، وأن هناك مخاوف من أن يؤدي الانسحاب الروسي إلى تراجع القوات حتى قبل أن تبدأ العملية السياسية، بحسب تعبير الصحيفة.
وتورد الصحيفة نقلا عن الكرملين قوله إنه سيحتفظ بحضور له في سوريا، من أجل مراقبة الهدنة، مشيرة إلى أن روسيا ستبقي وجودها العسكري في قاعدة طرطوس البحرية والقاعدة الجوية في حميميم قرب اللاذقية، التي تعمل منها 48 مقاتلة، وكانت روسيا قد نقلت منذ بداية الحملة حوالي 2400 جندي.
وينقل التقرير عن المحلل السياسي يفيغيني مينشنكو، قوله إن القرار يعني انسحاب روسيا وهي متقدمة، بدلا من التورط في الحرب، ويضيف: "أكبر خطر للعملية في سوريا هو الانجرار في حرب طويلة، وهذا لم يحدث".
ويعلق الكاتب على قرار بوتين قائلا إنه "لن يؤدي إلى استعراض نصر في الساحة الحمراء؛ لأن النصر لم يتحقق، فالهدف الرئيس لدخول الروس في الحرب السورية كان مواجهة تنظيم الدولة، ولا يزال التنظيم يسرح ويمرح في العراق وسوريا، وكل ما فعله الكرملين هو أنه وجه ضرباته ضد المعارضة المعتدلة، وأضعفها قبل أن تبدأ محادثات السلام هذا الأسبوع".
وتنوه الصحيفة إلى أن الهدف الثاني لبوتين هو تعزيز موقع الأسد، مستدركة بأن تحول بوتين المفاجئ من قائد عسكري إلى صانع سلام، قاد إلى سلسلة من التكهنات في الغرب؛ الأول: أن بوتين قرر التخلي عن الأسد، فمن خلال سحب القوة العسكرية، فإنه عبر عن دعمه لتشكيل حكومة انتقالية، وسيقود هذا إلى التخلص من العقبة الكبيرة لنجاح المحادثات، وكان بوتين يعاني من مشكلات مع الأسد، وربما عثر عن نسخة أخرى مختلفة له من المؤسسة العسكرية، وذات صلات مع المخابرات الروسية.
ويذكر التقرير أن الاحتمال الثاني هو: انسحاب تكتيكي قبل انهيار المحادثات التي تتوقعها روسيا، ولاعتقاد موسكو أن القوات السورية في وضع جيد للتعامل مع قوات المعارضة الضعيفة الآن، ويمكن مساعدة الأسد من خلال المخابرات والوحدات الإلكترونية والصواريخ طويلة المدى في داغستان.
ويشير بويز إلى أن الاحتمال الثالث متعلق بالحملة في أوكرانيا، حيث لا تستطيع القوات الروسية القتال إلا على جبهة واحدة، ويريد بوتين أن يجعل من روسيا حليفا مهما للولايات المتحدة، ويحصل من خلال ذلك على تخفيف العقوبات المفروضة عليه، ومن ثم إعادة الحملة من جديد.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الاحتمال الرابع هو النفط، فالملك السعودي الملك سلمان يخطط لزيارة موسكو المرتبطة بوقف القصف الروسي في سوريا، ويحتاج بوتين إلى اتفاق مع
السعودية حول أسعار النفط، في ضوء انخفاض أسعاره في السوق العالمي.