نشر موقع "باز فيد" الأمريكي، تقريرا تحدث فيه عن تواصل استهداف قوات بشار الأسد لمدينة
داريا في ريف دمشق، بالصواريخ والبراميل المتفجرة، رغم عدم وجود أي عناصر "متشددة" بوسط المدينة أو محيطها، في ظل تحذير المعارضة من أن تواصل هذا القصف قد يعني إلغاء
الهدنة.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن ريف دمشق الذي لطالما استهدف بقصف طيران النظام السوري وروسيا؛ أصبح نقطة خلاف بارزة، وعقبة خطيرة، أمام الجهود الدولية الرامية إلى فرض وقف إطلاق النار في
سوريا، الذي بدأ في منتصف ليل الجمعة.
وأضافت أن الطائرات الروسية والسورية تواصل قصف مدينة داريا المحاصرة بالليل والنهار، باستعمال البراميل المتفجرة والصواريخ، وهو ما أدى إلى حد الآن إلى مقتل أكثر من ألفي شخص، وتدمير أغلب مباني هذه المدينة، التي كانت في يوم من الأيام تضم 200 ألف ساكن، "فيما يدعي النظام السوري أن خُمس المدينة تسيطر عليه
جبهة النصرة، التي لا يشملها اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية وروسية".
وأشار التقرير إلى أن جميع الخبراء العسكريين والمتابعين للشأن السوري، والسكان المحليين؛ يؤكدون أن جبهة النصرة التي تمثل فرع تنظيم القاعدة في سوريا؛ غير متواجدة بتاتا في مدينة داريا، كما أن
تنظيم الدولة أيضا فشل في فرض سيطرته على أي من أجزاء المدينة، ولذلك فإن قادة الجبهة الجنوبية للجيش السوري الحر؛ حذروا من أنهم سيرفضون الالتزام بأي هدنة إذا لم يشمل الاتفاق مدينة داريا.
وذكر أن سكان داريا يعيشون حصارا منذ قرابة ألف و200 يوم، ويعانون من انقطاع الكهرباء، ووسائل التدفئة، ومياه الشرب، بالإضافة إلى الدمار الذي لحق بمساكنهم، كما أن 30 من جملة 40 مسجدا في المدينة تم تدميرها. ونقل عن شادي مطر، المسؤول في المجلس المحلي في داريا، قوله: "بعد غروب الشمس؛ يتوجه أغلب المدنيين للأقبية تحت الأرض، حيث يقضون ليلتهم خوفا من القصف العشوائي على المنازل".
وذكر التقرير أن مدينة داريا تتعرض في بعض الأيام لسقوط أكثر من 50 برميلا متفجرا، ترميها طائرات الهليكوبتر والمقاتلات الروسية، وقد أحصى مركز توثيق في المدينة سقوط ستة آلاف و25 برميلا متفجرا على داريا منذ اندلاع الأحداث في سوريا، فيما بلغ عدد هذه البراميل في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي 765، أي بمعدل 25 برميلا يوميا، وهو ما أدى إلى مقتل حوالي ألفين و114 شخصا، كما أن 98 بالمائة من مباني المدينة تعرضت لتدمير كلي أو جزئي.
ونقل التقرير في هذا السياق عن "أبي عمر"، وهو أحد الناشطين في مركز التوثيق في المدينة، قوله إن "النظام يحاول بكل الطرق كسر إرادة سكان داريا؛ من أجل استعادة السيطرة على المدينة بكل السبل".
واعتبر التقرير أن مدينة داريا لطالما كانت شوكة في حلق النظام، حيث أظهرت المعارضة في هذه المدينة صمودا لافتا. ونقل عن مطر سعيد، أحد أبناء المدينة، قوله إن "القصف المتواصل الذي يستهدف داريا هو نوع من الانتقام، ويهدف إلى تدمير المدينة بالكامل".
وأضاف سعيد: "البراميل المتفجرة تستغرق حوالي 30 ثانية لتصل إلى الأرض، وهو ما يمنحنا بعض اللحظات الثمينة للهرب من الموقع، ولكن في الليل نمتنع عن التجول في الشوارع، ونلتزم بالبقاء تحت الأرض، لأن طائرات الهليكوبتر تقوم برمي هذه البراميل، ولا نستطيع رؤيتها، وبالتالي لا يمكننا تجنبها".
وأشار التقرير إلى أن الحياة في مدينة داريا أصبحت أكثر صعوبة منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، بعد أن بدأت الطائرات والأسلحة الروسية باستهداف هذه المدينة، وقد تكثفت الجولات الاستطلاعية، بينما كان النظام يحاول غلق المنافذ بين داريا ومعضمية الشام التي تسيطر عليها أيضا فصائل
الثورة.
وقال إن النظام السوري ادعى في السابق أن مدينة داريا لا يوجد فيها مدنيون، بل فقط مقاتلون، إلا أن سكان المدينة كذبوا ادعاءاته من خلال تنظيم مظاهرة حضر فيها عدد كبير من النساء والأطفال.
وأوضح أنه "في الأيام الأخيرة أثناء التفاوض على وقف إطلاق النار بين روسيا والولايات المتحدة؛ أبدى مسؤولو النظام السوري إصرارا على مواصلة تدمير مدينة داريا، التي تتميز بموقع جغرافي استراتيجي قرب مطار المزة العسكري، يؤهلها لتعطيل نشاط الطائرات الروسية والسورية".
وذكر التقرير أن سكان داريا يسخرون من ادعاءات النظام السوري كونهم مرتبطين بجبهة النصرة، في حين أنهم قاموا في الفترة الأخيرة بإحباط محاولة مجموعة من المقاتلين تأسيس فرع لتنظيم الدولة في مدينتهم.
ونقل عن مطر سعيد قوله: "90 بالمائة من مقاتلي مدينة داريا ينتمون لكتيبة شهداء الإسلام التابعة للجبهة الجنوبية للجيش السوري الحر، أما العشرة بالمائة الآخرون؛ فينتمون لفصيل من الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، والنظام يسعى باستمرار للإيهام بأن مقاتلي داريا ينتمون لجبهة النصرة، أو تنظيمات متشددة أخرى، إلا أن كل من يحملون السلاح هنا هم من أبناء المدينة، ولا يوجد غرباء بينهم، بل بالعكس؛ هم يناصبون تنظيم الدولة العداء، لأنهم يرفضون دكتاتورية بشار الأسد، ودكتاتورية أبي بكر البغدادي".