قرر
المغرب تأجيل عقد
القمة العربية التي كانت مقررة في نيسان/أبريل المقبل، واعتبر أن سبب التنازل عن حقه في استضافتها يعود إلى الظروف الموضوعية التي تحكم على القمة بالفشل، رافضا قمة للكلام فقط.
وقالت وزارة الخارجية المغربية في بلاغ صدر الجمعة: "بتعليمات من
الملك محمد السادس، أبلغ صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، قرار المملكة المغربية بإرجاء حقها في تنظيم دورة عادية للقمة العربية".
وأضافت الخارجية المغربية أن "الظروف الموضوعية لا تتوفر لعقد قمة عربية ناجحة، قادرة على اتخاذ قرارات في مستوى ما يقتضيه الوضع، وتستجيب لتطلعات الشعوب العربية".
وتابع المصدر ذاته أنه "نظرا للتحديات التي يواجهها العالم العربي اليوم، فإن القمة العربية لا يمكن أن تشكل غاية في حد ذاتها، أو أن تتحول إلى مجرد اجتماع مناسباتي".
وفي تعليقه على الموضوع، قال الخبير الاستراتيجي خالد يايموت، إن "القرار المغربي راجع إلى أمر ملكي مباشر، وهذا يجد تفسيره في قلة حضور ملوك المغرب إلى القمم العربية (العادية)، وحرصهم على المشاركة أو استضافة قمم تتميز بقررات تاريخية أوناجحة".
وتابع خالد يايموت في تصريح لـ"
عربي21"، أن "المغرب يعي تماما أن العالم العربي اليوم يسير وفق سياسة محاور، وأنه اختار بشكل غير مسبوق التنسيق مع المحور السعودي الذي يقود العالم العربي، حيث تجاوز حجم الفعل السعودي في المرحلة الأخيرة دور الجامعة العربية".
وأضاف يايموت أن "المؤسسة العربية الثانية بعد جامعة الدول العربية، وهي مجلس التعاون الخليجي، تتماشى مع المحور السعودي، رغم وجود نوع من (المقاومة أو التشويش) الإماراتي".
وأوضح: "لقد انحاز المغرب للعمل بشكل استراتيجي مع السعودية، في وقت تم تجميد الوضع الدولي لمصر، والتي بدأت تبتعد تدريجيا عن المحور العربي والتنسيق مع محور إقليمي آخر (روسيا إيران)".
وسجل أن "المغرب لا يريد من جهة فشل القمة على أرضه، وثانيا لا يريد أن تكون القمة المقبلة على أرضه بداية علنية لانقسام عربي بين محور سعودي ومحاور أخرى".
وذكر بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون أنه تم اتخاذ هذا القرار طبقا لمقتضيات ميثاق جامعة الدول العربية، وبناء على المشاورات التي تم إجراؤها مع عدد من الدول العربية الشقيقة، وبعد تفكير واع ومسؤول، ملتزم بنجاعة العمل العربي المشترك، وبضرورة الحفاظ على مصداقيته.
وشددت الوزارة في بلاغها: "أمام غياب قرارات هامة ومبادرات ملموسة يمكن عرضها على قادة الدول العربية، فإن هذه القمة ستكون مجرد مناسبة للمصادقة على توصيات عادية، وإلقاء خطب تعطي الانطباع الخاطئ بالوحدة والتضامن بين دول العالم العربي".
وأوضحت أن "العالم العربي يمر بمرحلة عصيبة، بل إنها ساعة الصدق والحقيقة، التي لا يمكن فيها لقادة الدول العربية الاكتفاء بمجرد القيام، مرة أخرى، بالتشخيص المرير لواقع الانقسامات والخلافات الذي يعيشه العالم العربي، دون تقديم الإجابات الجماعية الحاسمة والحازمة، لمواجهة هذا الوضع سواء في العراق أو اليمن أو سوريا التي تزداد أزماتها تعقيدا بسبب كثرة المناورات والأجندات الإقليمية والدولية".
وأفادت: "كما لا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي أمام المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للشعوب العربية، أو الاقتصار على دور المتفرج، الذي لا حول له ولا قوة، على المآسي التي تمس المواطن العربي في صميمه".
واعتبرت أن المغرب "لا يريد أن تعقد قمة بين ظهرانيه دون أن تسهم في تقديم قيمة مضافة في سياق الدفاع عن قضية العرب والمسلمين الأولى، ألا وهي قضية فلسطين والقدس الشريف، في وقت يتواصل فيه الاستيطان الإسرائيلي فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة وتنتهك فيه الحرمات ويتزايد فيه عدد القتلى والسجناء الفلسطينيين".
وأضافت أن "المملكة المغربية كجميع الدول العربية الشقيقة، تتطلع إلى عقد قمة للصحوة العربية، ولتجديد العمل العربي المشترك والتضامني، باعتباره السبيل الوحيد لإعادة الأمل للشعوب العربية".
وأكدت أن "هذا ما ألهم المساهمة البناءة والدور المشهود به للمغرب في دعم المسار السياسي بليبيا والذي أفضى إلى (اتفاق الصخيرات) التاريخي وتشكيل حكومة وحدة وطنية في هذا البلد المغاربي".
وأشارت الوزارة إلى أن "التملك الجماعي والبناء المشترك لمستقبل الدول العربية هما خير ضمان للاستقرار، والحصن الواقي ضد تفاقم التوترات الجهوية، وتنامي نزوعات التطرف والعنف والإرهاب، التي تقوض الأسس التي تقوم عليها الدولة الحديثة، وتمس بقيمنا الأصيلة".
وختمت الوزارة بأن "المغرب سيواصل عمله الدؤوب في خدمة القضايا العربية العادلة، ومحاربة الانقسامات الطائفية، التي تغذي الانغلاق والتطرف، من أجل تطوير دور جامعة الدول العربية كمحفز للمشاريع المجتمعية الكبرى".
وكان من المقرر عقد القمة العربية رقم 27 في آذار/مارس 2016، قبل أن يتم تأجيلها إلى نيسان/أبريل، ليعلن المغرب فيما بعد رفضه احتضانها بشكل نهائي.