تساءل الكاتب الشيعي
اللبناني عماد قميحة عما وصفه "إخافة" تفجيرات برج البراجنة لحزب الله، في الضاحية الجنوبية، التي راح ضحيتها 44 شخصا، مشيرا إلى أن رد فعل الحزب على التفجيرات كان "ملفتا للنظر".
وأضاف قميحة، في مقال له على موقع "جنوبية" الشيعي اللبناني المعارض لسياسات
حزب الله، أن "كلمة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، عقب عملية التفجير، اتسمت بأعلى درجات الهدوء والدعوة إلى التلاقي، مع مبادرة صريحة بالسعي نحو تسوية سياسية تضع حدا لكلّ ما يعانيه البلد من تعثر لمؤسساته الرسمية"، مشيرا إلى أنه كان "لافتا أيضا الغياب التام لنبرة التحدي والإصرار على المواقف، والاستفادة من الحدث؛ لشحذ الهمم وتعبئة الجماهير، كما كان يحصل بالعادة بعد كل استهداف طال الضاحية الجنوبية".
وأوضح قميحة أن نصر الله "كان يشكك بأصل التفجيرات السابقة وخلفياتها، وأن الهدف الحقيقي وراءها إنّما هو تبرير التدخل بالحرب السورية، وممّا كان يساعد هؤلاء المشككين حينها هو حجم الأضرار البشرية المعدومة التي كانت تخلفها، ونستذكر أنّ بعضها لم تقتل إلاّ الانتحاري نفسه فقط لا غير".
واعتبر أن تفجيرات برج البراجنة كانت "أمام نمط انتحاري مختلف تماما، وأمام عملية مدبرة بإتقان هذه المرة، مع طبيعة مختلفة وتخطيط جديد كليا، وهذا ما يمكن أن يفسر حجم الضحايا الكبير".
ونفى قميحة أن يكون قدد القتلى سببا كافيا "يجعل من حزب الله يغيّر من نسق تعاطيه مع الحدث"، مشيرا إلى أن حزب الله "لا يتوقف كثيرا عند الضريبة البشرية التي يمكن أن تكلفه طالما أنها تصب في خدمة الوصول إلى الهدف المرسوم، ما يعني أن متغيرا كبيرا طرأ على الأجندة التي يعمل وفقها الحزب، وجاءت هذه الجريمة مؤشرا على مرحلة جديدة يخشى حزب الله الدخول فيها"، بحسب تعبيره.
وربط قميحة بين ردة فعل حزب الله والتدخل الروسي في
سوريا، قائلا إن "الدخول الروسي المباشر وإمساكه لخيوط اللعبة على الساحة السورية، ووضع اليد على كل عدة الشغل المستعملة من قبل النظام، وفي مقدمتها رأس الهرم بشار الأسد، واستعمالها وفق خريطة الطريق التي تخدم مشروعه هو، والتي من ضمن العدة المعتمدة، هي المجموعات الإرهابية التي كان النظام يشرف عليها ويربيها ويستعملها لمآربه"، هي السبب لذلك.
وأوضح أنه "مع انتقال النظام السوري وارتمائه في الحضن الروسي، وخروجه عن الطاعة الإيرانية، في ظل تنسيق إسرائيلي روسي يعلن عنه كل يوم، فإنّ هذه المجموعات، وفي مقدمتها المجموعات الإرهابية العاملة تحت اسم تنظيم الدولة، هي الآن في صندوق العدة الروسي حصرا، ما يعني إمكانية تحوّلها بين ليلة وضحاها إلى عدو حقيقي لحزب الله وبيئته، مترافقا هذا كله مع حاجة بشار الأسد وخلفه حليفه الجديد لتقديم أوراق اعتماد كبيرة عشية لقاءات فيينا وما يدور في أروقتها من مباحثات تحدد من خلالها مستقبل النظام".
وأشار إلى أن حزب الله الذي يعرف حق المعرفة بأن "بشار الأسد مستعد لبيع أمه مقابل بقائه في الحكم"، بحسب تعبير قميحة، "حاضر لبيع ورقة تنظيم الدولة لأعداء حزب الله من أجل الغاية ذاتها، ويؤكد على هذا الكلام ما قيل عن اكتشاف بطاقة تابعة للأمن السوري في منزل المجرم عدنان سرور الذي تولّى نقل الانتحاريين إلى مكان الجريمة، وعلاقته الوطيدة مع النظام ودخوله إلى سوريا وخروجه منها عبر الطريق العسكري".
واختتم قميحة بوصفه شعور حزب الله بـ"السخن"، مضيفا أن هذا ما دفعه "نحو الداخل اللبناني ونحو أحضان الأفرقاء اللبنانيين الذين نسيهم طويلا، علّه يجد الآن ما قد لا يجده بعد تكرار الضربات"، بحسب تعبيره.