سجناء التيار السلفي في موريتانيا يطالبون بحوار فكري

دعا سجناء من التيار السلفي في موريتانيا، ومن بينهم سجناء محكوم عليهم بالإعدام وآخرون بالسجن المؤبد، السلطات الموريتانية إلى بدء حوار فكري معهم يقوده كبار العلماء في البلد، مؤكدين أن تجربة الحوار السابق مع بعض سجناء التيار السلفي مشجعة، وقد تكون منطلقا لحوار شامل مع كافة سجناء التيار السلفي.

ويقبع في السجون الموريتانية العشرات من السجناء السلفيين، وجهت لهم تهم تتعلق بحمل السلاح ضد الدولة، والانتماء لجماعات "إرهابية"، وتهديد أمن واستقرار البلاد.

وقال السجناء السلفيون في رسالة موجهة لعلماء موريتانيا، وصلت "عربي21" نسخة منها، إن الاستجابة للحوار والدعوة له مطلب أساسي "لأصحاب هذه العريضة، وهم على ذلك الأساس مستعدون له في كل وقت، ويرون أن هناك ضرورة ملحة وأهمية كبيرة ليكون حوارا شاملا وبناء وهادفا إلى تقديم رؤية متكاملة لكل المشاكل المطروحة، بما في ذلك مسألة من صدرت في حقهم أحكام بالإعدام على خلفية أعمال معينة منسوبة إليهم" بحسب ما جاء في الرسالة.

مقارعة الفكر بالفكر

وأضافت الرسالة: "الحوار هو الوسيلة المثلى الناجعة لإنهاء هذه الأزمة وحلها". وأضافت: "التجارب فيها مشجعة، وتغنينا تجربتنا في موريتانيا عن النظر إلى غيرنا".

ورأت الرسالة أن تجربة الحوار في موريتانيا "سجلت نجاحا كبيرا، ومع هذا لم نرى من السلطات تكريسا لنتائجه واستثمارا لتجربته، وجعله معيارا للحسم في حل هذه المسائل الشائكة، واتخاذ هذا الجزء من المقاربة الموريتانية الحل الأول والأنجع لإنهاء هذه المشاكل التي مرجعها إلى الفكر".

ونبهت الرسالة إلى أن الفكر "لا ينفع فيه إلا فكر مثله، فكلاهما من عالم المعنويات، والمعنويات إذا حلت بالماديات المحضة والمجردة من غير رجوع إلى مستندات روحية وركائز معنوية أحدثت شرا وفسادا عظيما. ولقد أدرك العلماء في هذا البلد هذا الأمر كما ظهرت جليته في الحوار الأول" وفق الرسالة.

تزييف الحقائق وخلط المفاهيم

وتأتي الرسالة بالتزامن مع انطلاق مؤتمر دولي في نواكشوط، يبحث قضايا التطرف وثقافة السلم والاعتدال، بمشاركة نخب فكرية وممثلون عن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ودول أفريقية.

وقال رئيس الحكومة الموريتانية يحيى ولد حدمين، في افتتاح المؤتمر، إن "الشطط الملاحظ في ربط ظاهرة الإرهاب والتطرف بدين بعينه أو ثقافة بذاتها، ينطلق من تزييف واضح للحقيقة وخلط متعمد في المفاهيم والأحكام، خاصة حين يتعلق الأمر بالدين الإسلامي، دين الرحمة والتسامح والاعتدال والسلام".

وأشار ولد حدمين، إلى أن دول المنطقة اقتنعت بضرورة تنسيق الجهود وتكثيف التعاون في الأطر الثنائية ومتعددة الأطراف القائمة، وإنشاء أطر أخرى جديدة، كمسار نواكشوط التشاوري وإطار دول الميدان، ومجموعة دول الساحل الخمس التي تحتضن مقرها".

بدوره، رأى رئيس "مركز التجديد والترشيد" في لندن، عبد الله ولد بيه، أن العالم الإسلامي بات بحاجة لخطط شاملة من أجل إشاعة ثقافة السلام، مضيفا أن الحروب التي تشهدها بعض مناطق العالم سببها انعدام ثقافة السلم.

وعزا ولد بيه انتشار ما سماه "الفكر المتطرف" إلى عوامل عدة، بينها عوامل خارجية وأخرى اقتصادية واجتماعية، مشددا على ضرورة التنازل المستمر عن بعض الحقوق من أجل حقن الدماء ونشر السلام.