تستمر الاشتباكات التي وصفت بالعنيفة؛ في مدينة
سرت الليبية، وتحديدا بالحي الثالث، بين بعض أهالي المدينة من قبيلتي "الفرجان" و"القذاذفة" مدعومين بعناصر من التيار السلفي المعروف بـ"المدخلي"، من جهة، وتنظيم الدولة الذي يسيطر على المدينة إثر انسحاب الكتيبة 166 المكلفة من رئاسة أركان
المؤتمر الوطني العام بحمايتها وتأمينها من مشروع النهر الصناعي وقاعدة القرضابية الجوية.
من جانبه، قال عضو بالمؤتمر الوطني العام لـ"
عربي21"، مفضلا عدم ذكر اسمه لدواع أمنية، إن عدد القتلى من المدنيين في الحي الثالث وفق تقديرات أولية يتجاوز المئة قتيل، إلى جانب عشرات الجرحى، إضافة إلى حرق منازل المواطنين، وإضرام النار في المستشفى الميداني بمن فيه من الجرحى.
وكان سلاح الجو التابع لرئاسة أركان المؤتمر الوطني العام في طرابلس؛ قد قصف في اليوم الأول من انتفاضة الأهالي بعض مواقع التنظيم في المدينة، إلا أنها لم تسفر إلا عن بعض الأضرار المادية دون سقوط قتلى أو جرحى.
مصادر عسكرية من داخل مدينة سرت قالت لـ"
عربي21" إن اتفاقا أبرم بين المنتفضين داخل المدينة والكتيبة 166 من مدينة
مصراتة؛ يقضي بتدخل الكتيبة بما يقارب الألفي مقاتل وحوالي مائتي عربة وأسلحلة ثقيلة ومتوسطة لمحاصرة عناصر التنظيم، والبدء في عملية إخراجهم من المدينة وتعقبهم.
المصادر ذاتها أوضحت أن الكتيبة 166 لم تتدخل وفق الاتفاق المبرم، رغم حصولها على التمويل والأسلحة التي سبق أن طلبتها من رئاسة أركان المؤتمر الوطني العام، وبما يعادل العشرين مليون دينار ليبي حصلت عليها على دفعتين، ما أثر على سير المعارك داخل المدينة ورجحان كفة عناصر التنظيم الذين ردوا بمختلف أنواع الأسلحة على الهجوم المنفذ ضده، ما كان سببا في سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى بين الأهالي المنتفضين، وتيار السلفية المدخلية المساند للأهالي داخل الحي الثالث بمدينة سرت.
إجراءات أبو سهمين
ودعا الوضع الإنساني المتأزم داخل سرت رئيس المؤتمر الوطني العام والقائد الأعلى للقوات المسلحة التابعة له، نوري أبو سهمين، إلى مطالبة من وصفهم بـ"الثوار" في مدن غرب
ليبيا التوجه إلى مدينة سرت، وقتال
تنظيم الدولة إلى جانب الأهالي والمداخلة، وذلك في كلمة ألقاها أمام حشد من المنتسبين للجيش التابع للمؤتمر الوطني في ذكرى تأسيس الجيش الليبي الخامسة والسبعين، بساحة الشهداء وسط العاصمة الليبية طرابلس.
كما طلب أبو سهمين من المدعي العام العسكري الليبي بالتحقيق العاجل مع الكتائب التابعة لرئاسة الأركان والمكلفة بتأمين مدينة سرت، بسبب انسحابها دون إذن مسبق من رئاسة الأركان، وعدم التحاقها السريع لمقاتلة تنظيم الدولة في المدينة، محملا تلك الكتائب ما آلت إليه الأوضاع بالمدينة، وذلك حسب المكتب الإعلامي للمؤتمر.
تحذير من الدخول دون استعدادات
وفي المقابل، حذر مراقبون من الاستجابة السريعة لدعوة رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبوسهمين بقتال تنظيم الدولة في سرت؛ دون الاستعداد العسكري لها من ناحية العتاد والتدريبات ونوعية الأسلحة والخبرة بطرق قتال تنظيم الدولة داخل المدينة.
واستند المراقبون إلى تجربة مدينة درنة شرق ليبيا، والتي استطاع فيها مجلس شورى مجاهدي درنة من إخراج عناصر تنظيم الدولة من المدينة إلى منطقة "الفتايح" شرق المدينة قرابة 20 كم، إلا أن المعارك بمختلف أنواع الأسلحة ما زالت مستمرة، رغم الخبرة القتالية لعناصر مجلس شورى المجاهدين، كما سقط عشرات القتلى والجرحى منهم بسبب الأساليب غير التقليدية التي يستخدمها مقاتلو تنظيم الدولة، كالعمليات الانتحارية والسيارات المفخخة، وتفخيخ الطرق والبيوت.
ويرى مراقبون أن المعركة مع عناصر التنظيم داخل مدينة سرت دون توخي الحذر قد تؤدي إلى سقوط عشرات القتلى بين صفوف مناوئيهم، وهو ما قد يؤثر في الأيام المقبلة على معنويات المقاتلين، إذ من الممكن أن تحجم كتائب في غرب ليبيا عن الاشتراك في أي عمل مسلح ضد التنظيم.