"من الترويج لإرهاب محتمل؛ إلى إرهاب لا يُحتمل".. هكذا لخص مراقبون المشهد
المصري في عهد الجنرال عبدالفتاح
السيسي، الذي انقلب على الشرعية بزعم إنهاء "حالة الصراع والانقسام وتحقيق الاستقرار"، مؤكدين أنه "عقب تفويضه للقضاء على
الإرهاب المحتمل؛ بدأت سلسلة مجازر دموية في ربوع مصر، ووصل
العنف إلى قلب العاصمة".
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة
السلفية، مصطفى البدري، إن "إرهاب الدولة الذي يمارسه السيسي وقواته من الجيش والشرطة، بغطاء من القضاء والإعلام؛ هو الخطر الحقيقي؛ لأنه يقتل آلاف الأبرياء، ويسجنهم ويعذبهم باسم الدولة".
ردود الفعل ليست إرهابا
وأضاف البدري لـ"
عربي21": "هذا الإرهاب الذي تمارسه الدولة؛ سيكون له مردوده الطبيعي من جنوح كل أصحاب المظالم إلى استعمال السلاح، وردود الفعل هذه لا يصح أن تسمى إرهابا، وإن جاز ذلك فلنا أن نقول إن مصر في عهد السيسي دخلت في دوامة من إرهاب الدولة، ويقابله إرهاب الجماعات والتنظيمات المسلحة، وهي في طريقها إلى المزيد".
وطالب السيسي الشعب المصري بالنزول إلى الشوارع يوم 26 تموز/ يوليو 2013، لمنحه تفويضا لمواجهة ما أسماه بـ"العنف والإرهاب المحتمل"، بينما يقول البعض إن الوضع في سيناء اليوم خرج عن السيطرة، في ظل قوة الجماعات المسلحة وتطور أسلحتها وتحركاتها.
فشل المنظومة الأمنية
بدوره؛ شدد الخبير الأمني، العميد محمود قطري، على أن الإرهاب لا تتم مواجهته بالشكل الصحيح، فهناك ثغرات أمنية كثيرة.
وقال لـ"
عربي21" إن الدولة تواجه "الإرهاب" بالملف الأمني فقط، "فليست هناك أي مواجهة فكرية أو ثقافية أو سياسية، ولهذا يشتد عود الإرهاب ويقوى ويتعاظم بشكل واضح للجميع، كما أنه لم يعد محصورا في سيناء فحسب، وإنما امتد إلى قلب العاصمة وبعض المحافظات".
وأرجع قطري انتشار ما يسمى بـ"الإرهاب" إلى عدم قدرة وزارة الداخلية على القيام بواجباتها في مواجهته، مبينا أن "ممارستها تساهم في استمرار واشتعال الإرهاب"، وأن "مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي ليس لديها منظومة للأمن الوقائي، التي تمنع الجريمة قبل وقوعها، سواء كانت هذه الجرائم جنائية أم سياسية".
وأوضح أن هناك قصورا شديدا جدا في الملف الأمني؛ يصل إلى حد الفشل والعجز عن مواجهة "الإرهاب"، "فالشرطة تترنح أمامه، والجيش أيضا متراخ جدا، ويُقتل جنوده في نفس الموقع أكثر من مرة، بينما هناك تطور نوعي وكبير في أسلحة الجماعات المسلحة".
وتوقع قطري ازدياد وتصاعد وتيرة العنف خلال الفترة المقبلة، "حيث سيشتد الإرهاب أكثر فأكثر بمرور الوقت، بل إنه سيوجه ضربات موجعة وقاسية جدا للدولة، في ظل الأوضاع الراهنة".
الانقلاب هو "الإرهاب"
من جهته؛ قال القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، إسلام الغمري، إن "الانقلاب هو الإرهاب ذاته، فالإرهابي هو من يقتل ويعتقل ويعذب ويطارد كل معارضيه".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "إرهاب الدولة هو الأكثر شراسة وبشاعة من إرهاب أي كيان أو أفراد"، مشيرا إلى أن ما يسمى بـ"الإرهاب لم يكن له وجود قبل الانقلاب العسكري، الذي جعله اليوم واقعا مريرا".
وأوضح الغمري أن السيسي يتخذ "الإرهاب الذي يدعي محاربته نيابة عن العالم؛ ذريعة للتغطية على فشله الذريع، وليضمن دعم الخارج له".
واكتفى رئيس حزب الفضيلة، المهندس محمود فتحي، بالقول لـ"
عربي21" إنه "لا يوجد أي إرهاب في مصر سوى إرهاب السيسي ونظامه، على الأقل حتى الآن".
"الإرهاب" ليس جديدا
أما عضو مجلس الشورى السابق، محمد محيي الدين؛ فرأى أن "الإرهاب" في مصر موجود قبل تفويض السيسي.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الإرهاب ستظل بذوره قائمة، ما دامت كتب وفتاوى وشيوخ وجماعات الخوارج موجودة، تشوه صحيح الإسلام، وعظيم رحمة رسوله عليه الصلاة والسلام" على حد قوله.
وبيّن أن "ساسة مصر في العصر الحديث؛ استغلوا الورقة الدينية سلبا بالمقاومة، وإيجابا بالتشجيع، لتحقيق مآرب سياسية ربما تبدو متعارضة طبقا للوضع السياسي في الدولة"، مشيرا إلى أن "كثيرا من قيادات الجماعات الدينية؛ سارت على نهج الساسة في توظيف الدين لأهداف سياسية متغيرة".
وقال إن المشكلة تتلخص في غياب الدولة ومؤسساتها، وفي مقدمتها الأزهر، عن تقدم مسيرة التعليم الديني، منتقدا "عدم قيام وسائل الإعلام بدورها التنويري القيمي والأخلاقي، وإصرارها في الأغلب الأعم على تقديم رسائل مبتذلة، أو منافية للدين".
وطالب بأن يواجَه "الإرهاب" من خلال العمل على ترسيخ الديمقراطية، ودولة العدل والدستور والقانون، وعودة الأزهر إلى مقدمة الصف الإسلامي، "وأن يكون جامعة إسلامية فقط، ويدَع العلوم غير الدينية للجامعات الأخرى"، داعيا إلى "حل كافة الجماعات والجمعيات الدينية التي لها أهداف سياسية؛ مهما كانت، ومهما صلحت" على حد تعبيره.