أثارت الفتوى التي أعلنها الشيخ محمد عبد المقصود، نائب رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، بعدم جواز إفطار الصائم في
رمضان مع أحد من مؤيدي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، جدلا شديدا في مصر.
وكثيرا ما أصابت
الفتاوى القوية التي يصدرها الشيخ عبد المقصود أنصار السيسي بالصدمة وجلبت له انتقادات عديدة، وكان من بينها فتواه بتحريم الصلاة خلف قيادات الدعوة السلفية أو حزب النور بسبب تأييدهم لقائد الانقلاب، وجواز تطليق المرأة المسلمة من زوجها إذا كان مؤيدا للانقلاب ومحاربا لشرع الله.
وكان عبد المقصود قد أكد، في معرض رده على سؤال لأحد مشاهدي قناة "رابعة" عن جواز قبول دعوة الإفطار مع أشخاص فرحوا بالدماء، أنه لا يجوز الإفطار معهم حتى ولو كانوا من الأقارب. وأضاف: "لا تذهب إليهم ولا تأكل عندهم، إعمالا لعقيدة الولاء والبراء وتطبيقا للآية الكريمة (قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح)".
أهل فتنة
ورداً على فتوى الشيخ محمد عبد المقصود، قالت دار الإفتاء المصرية إن مثل تلك الفتاوى تؤدي إلى الشقاق والانقسام والنزاع داخل البيت الواحد والوطن الواحد، وهو الأمر الذي حذرنا الله سبحانه وتعالى منه حيث قال: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب رِيحكم واصبروا إِن اللَّه مع الصابرين).
وأوضحت الدار في بيان أصدره مرصد التكفير والفتاوى المتطرفة التابع للإفتاء المصرية، أن شهر رمضان فرصة عظيمة لإشاعة روح المودة والتراحم بين الأهل والأقارب، وإصلاح ذات البين بين المتخاصمين، حيث تلين المشاعر لكي نصل ما انقطع من الأرحام، عملًا بقوله تعالى: (والذين يصلون ما أمر اللَّه به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب).
وأضاف البيان الذي تلقت "
عربي21" نسخة منه، أن الإسلام يهدف إلى بناء مجتمع متراحم متعاطف متلاحم، ولما كانت الأسرة هي وحدة هذا المجتمع، فقد اهتم الإسلام بتوثيق عراها، حتى قرن بين التوحيد بين وصلة الرحم لما له من أهمية كبيرة وعظيمة.
وقال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، إن هذا الشخص - في إشارة إلى الشيخ عبد المقصود - لا ينتمي للدين الإسلامي بصلة ولا لمؤسسة الأزهر، مشيرا إلى أن الجهة الوحيدة المنوط بها إصدار الفتاوى هي دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف فقط، ولا يجوز العمل بأي فتوى من مصادر أخرى.
وأضاف شومان في تصريحات صحفية، أن هذه الفتوى الضالة تنحرف عن الشريعة الإسلامية، مضيفًا أنه يهدف إلى بث الفتنة بين الناس وقطع الأرحام التي أوصى بها الدين.
واختتم تصريحاته بهجوم شخصي على الشيخ عبد المقصود قائلا: "لا يجب أن نلتفت لكلام ذلك الشخص الهارب من القضاء الخائن لوطنه، وما يفعله يعد جريمة في حق الوطن والإسلام".
تسييس فج للدين
بدوره، استنكر حزب النور السلفي، فتوى المقصود، وقال إنها نموذج في غاية الفجاجة للتسييس المرفوض للدين والعلم والفتوى.
وقال الدكتور عبد الغفار طه، عضو اللجنة الإعلامية للحزب في بيان له، وصل "
عربي21" نسخة منه، إن "الصحابة رضوان الله عليهم صلوا وراء الخوارج الذين انتهكوا الحرمات، وأعطوهم الزكوات إذ جمعوها، بينما الرجل (في إشارة إلى الشيخ محمد عبد المقصود) يمنع الصلاة خلف من يُخالفه في مجرد الرأي وعلى وجه العموم، مع كَوْنه لم يعلم عن آحادهم مباشرة معصية، بل ولا رضا بها".
وأشار إلى أن مشكلة هؤلاء أنهم لا يُدركون خطر جنايتهم على الدين ذاته، بل وعلى القضية التي يَدَّعون نصرتها وهي أسلمة السياسة، مضيفا أن العقلاء حينها سيدركون أن الأسلمة الإخوانية المدعاة ما هي إلا خيالات محضة نُسِبت للإسلام زوراً وبهتاناً.