يعقد
التحالف الدولي ضد
تنظيم الدولة اجتماعا في باريس الثلاثاء لمراجعة استراتيجيته بعد نكسات في
العراق وسوريا، وللتشديد على الحكومة العراقية بضرورة انتهاج سياسة جامعة للأطياف خاصة تجاه الأقلية العربية السنية.
وسيترأس الاجتماع الذي يشارك فيه 24 وزيرا أو ممثلا عن منظمات دولية، وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ونظيره الأمريكي جون كيري ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
لكن كيري الذي كسر عظم فخذه بعد أن سقط عن دراجة هوائية عند الحدود الفرنسية- السويسرية ونقل صباح الأحد إلى المستشفى في جنيف، لن يشارك في اللقاء وعاد إلى الولايات المتحدة.
وقال رومان نادال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية “العراق في صلب الاجتماع، لكن نظرا لتوسع نطاق عمل جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية وتداخل الأوضاع، سيناقش الملف السوري أيضا”.
وأضاف أن اللقاء سيسمح أولا للمشاركين بـ”مناقشة
استراتيجية التحالف، في حين أن الوضع على الأرض هش جدا”.
وفي العراق حقق جهادييو تنظيم الدولة انتصارا كبيرا في 17 أيار/ مايو مع الاستيلاء على الرمادي كبرى مدن محافظة الأنبار.
وفي
سوريا دخلوا في 21 أيار/ مايو مدينة تدمر الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونيسكو.
وأثارت هذه الانتصارات تساؤلات حول استراتيجية التحالف الدولي الذي شكلته واشنطن بعد الاختراقات التي حققها التنظيم المتطرف منتصف 2014.
وبسبب رفضه نشر قوات على الأرض، يقوم التحالف بشن غارات جوية، حوالي أربعة آلاف غارة خلال 10 أشهر، وتدريب جنود عراقيين للعمليات الميدانية، 10 آلاف رجل.
لكن الغارات لم توقف الشاحنات المحشوة بالمتفجرات التي يستخدمها الانتحاريون في التنظيم أكثر وأكثر. وعمليات التدريب لم تحل دون تراجع الجيش العراقي في الرمادي.
وشكك وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر في إرادة الجيش العراقي في القتال، لكن خبراء يرون أنه يعاني من قلة الأسلحة والتدريب وضعف الدعم اللوجيستي.
والنزاعات الطائفية في البلاد تؤثر كثيرا على فرض إنشاء جيش عراقي قوي. ومنذ الإطاحة بنظام صدام حسين في 2003 تسيطر الغالبية الشيعية على السلطة، وتهز البلاد بانتظام أعمال عنف بين السنة والشيعة.
ومنذ 2014 شدد التحالف المناهض لتنظيم الدولة على تدريب عسكريين سنة، ظنا منه بأنهم سيتمتعون بشرعية أكبر لمحاربة قوات تنظيم الدولة السنية أيضا، المنتشرة في المناطق ذات الغالبية السنية.
لكن الهزيمة في الرمادي دفعت برئيس الوزراء إلى الاستنجاد بمليشيا شيعية نافذة مدعومة من إيران، ما سمح باستعادة غرب المدينة، وهو قرار انتقده البنتاغون بشدة.
ويرمي اجتماع باريس أيضا إلى تمرير رسالة قوية للحكومة العراقية، بضرورة إشراك أوسع للسنة والأكراد في مراكز القرار والقوات الأمنية وفقا لوزارة الخارجية الفرنسية.
وقال فابيوس هذا الأسبوع “ربطنا الدعم العسكري للتحالف بتعهدات سياسية من الحكومة العراقية الجديدة، ما نسميه سياسة جمع الأطياف كافة”.
وأضاف “يجب أن يحترم هذا العقد بشكل أفضل الآن”.
وقالت ماغدالينا كيرشنر الخبيرة في القضايا الأمنية في الشرق الأوسط في مركز دي جي إي بي الألماني للأبحاث، إن سياسة الجمع “لا تعمل على الإطلاق بسبب انعدام الثقة بين السنة والشيعة”.
وأضافت “لدى الأقلية السنية ليس هناك موقف موحد حول ما إذا كانت إيران الشيعية أسوأ من تنظيم الدولة الإسلامية أو العكس، بالنسبة للعديد من السنة تنظيم الدولة الإسلامية يعد القوة الحامية”.
وقال غيدو شتاينبرغ الخبير في المؤسسة الاقتصادية والسياسية في برلين “التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية لن يكون ممكنا، إلا بعد مشاركة جزء من السكان السنة في المواجهة ضده.
وأضاف “نحتاج إلى مقاربة سياسية تتيح محاربة تنظيم الدولة الإسلامية بفعالية أفضل على الأرض؛ لهذا السبب لا تأتي الغارات الجوية التي يشنها الأمريكيون وحلفاؤهم بنتائج مهمة”.