كتب نوزت جيجك: ضَربت قوات
حفتر، السفينة التركية "Tuna-1" على سواحل مدنية درنة الليبية. وقال المتحدّث باسم الحكومة في
طبرق إنهم حذّروا السفينة من الاقتراب من السواحل الليبية قبل ضربها. لكن وزارة الخارجية في
تركيا أكّدت في تصريح لها، أن السفينة التركية خرجت من موانئ إسبانيا محمّلة بمواد الجبس لتوصلها إلى ميناء طبرق في
ليبيا. وأفادت الوزارة بأن السفينة ضُربت قبالة شاطئ طبرق بمسافة 13 ميلا بحريا في المياه الدولية، بعد أن تم استهداف السفينة من قبل قوات حفتر، وانتشرت شائعات توحي بأن السفينة كانت تحمل أسلحة، ولهذا السبب تم ضربها.
في زمان ليس ببعيد، ضَربت قوات حفتر سفينة يونانية كانت تنقل مواد نفطية إلى ليبيا. جُرح أربعة من طاقم السفينة، اثنان منهم من الفلبين، وواحد روماني والآخر يوناني. لكن على عكس السفينة التركية التي كانت تحمل مواد الجبس، فإنهم لم يتّهموا السفينة اليونانية بنقل الأسلحة وقتها. وهنا السؤال: لماذا تُتّهم السفن التركية بنقل الأسلحة؟
في الحقيقة، إن ليبيا تنقسم إلى ثلاث مناطق وهي: برقة في الشرق، وطرابلس في الغرب، وفزان في الجنوب. وبعد خلع القذافي، أخذ حفتر دعما من الدول الغربية، واتّخذ طبرق مركزا لحكومته ثم بدأ بمحاربة الثوار (فجر ليبيا).
في الاشتباكات المستمرّة بين ثوار ليبيا وقوات حفتر، استطاع ثوار درنة، الحفاظ على المدن الثلاث الكبرى، وهي مصراته وبنغازي وطرابلس، بالإضافة إلى المناطق الجنوبية والشرقية للبلاد، فكلّها بقيت في يد ثوار درنة. أما حفتر فقد استطاع الحفاظ على البيضاء وطبرق والمرج في الشرق والزنتان في الغرب.
وجهة السفينة التركية كانت إلى درنة البالغ تعداد سكانها 140 ألف نسمة. وهي مدينة يحاصرها حفتر منذ 6 أشهر، ويُذكر أن هذه المدنية كانت عصيّة على القوات الإيطالية سابقا، ولم تستطع القوات الإيطالية السيطرة عليها، بالإضافة إلى أنها اتّسمت بمعارضتها للقذافي أيّام حكمه.
تُدار المدنية الآن من قبل مجلسٍ للشورى، ولا يسمح حفتر بدخول الوقود أو المواد الغذائية إليها. بل إنه حتى لا يَسمح بخروج الجرحى من المدينة. ولم يكتف حفتر بذلك بل ذهب إلى تهديد العديد من الأطباء الذين يداوون الجرحى في المدنية.
حفتر يريد السيطرة على مدينة درنة، ولا يسمح بدخول أي شحنة مساعدات إليها. وهذا هو سبب استهداف أيّة سفينة تقترب من شواطئ درنة. لكن حفتر لم يتّهم السفينة اليونانية بأنها تنقل أسلحة، واختصّ السفينة التركية بذلك فقط!
وفي حين أن الطائرات الإماراتية والمصرية تضرب مواقع الثوار في ليبيا، فإن حفتر يريد إشغال الصحافة بخبر السفينة التركية، كي لا يتفرّغوا للضربات الإماراتية المصرية. من ناحية ثانية، فإن ثوار ليبيا عقدوا آمالهم على تركيا والدعم التركي لهم، خصوصا مصراتة. لذلك فقد أراد حفتر تشويه الصورة التركية أمام المجتمع الدولي. وقد كان القذافي وحفتر قد استبعدوا سكّان مصراته وحاولوا حرمانهم من حقوقهم بحجة أنهم ينتمون إلى أصول تركية سابقا.
ويحاول حفتر جاهدا إدخال القوات الغربية إلى ليبيا. فمن جهة، هو يستهدف السفن التركية، وبذلك يكون قد وضع عوائق أمام الشركات التركية للدخول إلى الأسواق الليبية. ومن جهة أخرى يحاول حفتر تبرير وشرعنة المادة عشرين من أصل 45 مادة تنصّ عليها مسودة ممثل الأمم المتحدة الدبلوماسي الإسباني "برناردينو ليون" في لقاءات المغرب، لإحلال السلام في ليبيا. هذا يعني أنه يريد تحويل ليبيا إلى عراق ثان. والمادة عشرون تنصّ على دخول القوات الأجنية إلى ليبيا للقضاء على داعش والقاعدة وجماعة أنصار الشريعة في ليبيا، إن لم تتمكن الحكومة من القضاء على تلك المجموعات.
فرنسا تدعم حفتر في ليبيا بشكل علني، وهذه هي دلالات التدخّل الأجنبي. والولايات المتحدة الأمريكية تريد حلا سياسيا أكثر مما تريده عسكريا، رغم دعمها العسكري لحفتر. لذلك، فإن حفتر يريد إبعاد تركيا عن لقاءات المغرب كي لا تنجح المشاورات السياسية. ولهذا السبب، فهو يستهدف كل سفينة تركية، ويتّهمها بنقل الأسلحة. ولهذا السبب يحذّر حفتر الخطوط الجوية التركية من النزول إلى مطارات ليبيا ويسعى لإخفاق الجهود التركية لإحلال السلام في ليبيا.
(عن "ديريليش بوستاسي- رسالة النهضة" التركية؛ ترجمة وتحرير: عربي21)