تواجه إفريقيا، التي تشكّل اليوم مستقبل الاقتصاد العالمي، تهديدات جدّية على مستوى تجارتها البحرية:
الفقر وانعدام الأمن؛ ثنائية قد تطيح بالآمال التي يبنيها العالم على هذه القارة التي تمثّل مصدر تزوّد للعديد من بلدانه، وتهدّد
الأمن البحري الإفريقي، وفقاً للخبير في الأمن البحري أوساينو غوي.
أنشطة
القرصنة والتهريب تشكّل الثنائية التي تنخر الاقتصاد الإفريقي، وتسلبه الكثير من الميزات التي رشّحته لأن يكون مستقبل الاقتصاد العالمي، بل إنّ من الخبراء من يعتبرونه صمّام الاقتصاد العالمي، في خضم الأزمات التي تطوّق الأخير من كلّ جانب.
وبالنسبة للخبير غوي، القائد السابق للبحرية التجارية في السنغال، فإنّ انعدام الأمن البحري والإرهاب هما عاملان "مرتبطان بشكل وثيق ومتكامل"، بمعنى أنّ أحدهما يعزّز الآخر والعكس صحيح، موضحاً أنّ "معظم الأسلحة التي يستخدمها الإرهابيون في كثير من الأحيان، تتدفّق من خلال الموانئ، وهذا هو عمل القراصنة."
وتابع الخبير "عموماً، فإنّ القراصنة يتحرّكون في شكل مجموعات تستهدف الحصول على مكاسب مادية بحتة، والأمر لا يتعلّق بأشخاص تحرّكهم دوافع إيديولوجية"، مضيفاً أن "أولئك الذين يهاجمون السفن وناقلات النفط في خليج غينيا، ليسوا إرهابيين، بالمعنى المتعارف عليه، ولكنهم قراصنة ينتمون إلى مجموعات منظمة بشكل جيّد، وفي الغالب، فإنّ أفرادها "يشعرون بأنّهم مستبعدون وغير متمتّعين بعائدات وفوائد الثروة النفطية، وهذا ما يدفعهم إلى القرصنة".
تهديدات جدّية تدفع، بحسب الخبير، إلى التساؤل عمّا إن كانت إفريقيا تمتلك الوسائل الملائمة لضمان أمنها البحري "الذي يكلّفها الكثير".
ولم يقدّم غوي أرقاما محددة بشأن كلفة الأمن البحري في إفريقيا، غير أنّ "المكتب البحري الدولي" سجّل، من جانبه، في تقريره السنوي لعام 2014، وقوع أكثر من 41 هجوماً استهدف خليج غينيا. كما أنّه، ومن جملة الـ 18 هجوماً المسجلة قبالة نيجيريا، فإنّ 14 منها استهدفت ناقلات نفط وسفناً ناىشطة لحساب الصناعة النفطية. وبهذا، يضاف خليج غينيا إلى جانب جنوب شرقي آسيا، إلى لائحة المناطق الأكثر خطراً في مجال الأمن البحري.
وتعقيباً على ذلك، أشار غوي إلى وجود "قانون دولي لأمن السفن ومنشآت المرافئ، وذلك منذ 2002"، قائلاً: "في اعتقادي أنّه ينبغي اعتماده وتطبيقه من عدد كبير من البلدان الإفريقية".
وأعرب الخبير السنغالي، وهو أحد المشاركين في تطبيق "القانون الدولي لسلامة السفن ومنشآت الموانئ" في السنغال، عن أسفه لعدم تطبيق بعض الدول مثل نيجيريا وكوت ديفوار لمقتضيات هذا القانون، الذي "ينص، من بين بنود أخرى، على بث الثقافة والمعارف الأمنية إلى جانب خطّة أمنية خاصة بكل مرفأ، بما يمكّن من إدارة والسيطرة على جميع التهديدات المحتملة"، لافتاً إلى أنّ هذه الطريقة "تسمح للبلدان الإفريقية بإرساء الأمن الأمثل في الموانئ بهدف احتواء – ولو جزئياً- إدفاق الأسلحة العابرة عبر مختلف هذه المحطات".
ولتحقيق هذا الهدف، أوصى الخبير "البلدان الإفريقية بضرورة الترفيع من مستوى تبادل المعلومات من أجل التصدّي بشكل أفضل لانعدام الأمن البحري وللقرصنة"، قائلاً: "ينبغي التركيز على التنظيم وتبادل المعلومات بما يسمح لكلّ طرف بأداء الدور المناط بعهدته وحده تبادل المعلومات ما يمكنه مساعدة البلدان الإفريقية على مواجهة جميع التهديدات".