قال سياسيون ونشطاء إن مؤتمر
مصر الاقتصادي الذي عقد بمنتجع
شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر الأسبوع الماضي؛ أماط اللثام عن توجهات النظام برفض مشاركة
الأحزاب السياسية لقراراته أو برامجه أو أجنداته، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الأمني.
استبعاد الأحزاب.. سمة النظام
وفي هذا السياق، تساءل أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، عن جدوى دعوة الأحزاب والقوى السياسية لمثل هذا
المؤتمر الاقتصادي إذا كانت هذه القوى مهمشة في القضايا السياسية.
وقال نافعة لـ"
عربي21": "الحكومة لم تدعُ الأحزاب للتشاور أو الحوار بشأن قوانين مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات البرلمانية، وهي من القضايا الأساسية، فهل تهتم بدعوتهم لمؤتمرها الاقتصادي؟".
وأشار نافعة إلى أن الحكومة المصرية تنظر إلى هذا المؤتمر على أنه خاص بها ولا دخل للسياسيين به من قريب أو بعيد. وأضاف: "الحكومة ارتأت عدم دعوة الأحزاب إلى المؤتمر لعدم اختصاصها بهذه المشروعات والعقود الاستثمارية والمذكرات التفاهيمة"، مشيرا إلى "أنه كان من الأفضل دعوتها وإشراكها".
تكريس فكرة حكم الفرد
من جهته، رأى القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب أحمد عامر أن "كل القرارات التي تتخذ في مصر كلها قرارات عسكرية، ولا دخل للأحزاب بها".
وقال لـ"
عربي21: "ما يوجد على الساحة السياسة مجرد أحزاب كرتونية، واتخاذ القرار يتم في المؤسسة العسكرية، وهي ليست معنية بمثل تلك الأحزاب من قريب أو بعيد".
وانتقد عامر انعقاد المؤتمر لـ"بيع" البلاد تحت ذريعة الاستثمار، قائلا: "من يحاسب الدولة على خططها أو مشاريعها؟ لا أحد.. فهي فوق المساءلة"، منوها إلى "أنه في جميع الدول المحترمة يتم طرح المشاريع على الشركات ومناقشتها، ولكن ليس بهذه الطريقة، فالعسكر يسعى لتكريس فكرة الحاكم الفرد مقابل تقديم جميع التنازلات للغرب".
غياب المؤسسات عن إدارة الدولة
أما المتحدث باسم حزب الأصالة السلفي، حاتم أبو زيد، فقد أكد أن عدم دعوة القوى السياسية للمؤتمر الاقتصادي يؤشر إلى غياب دولة المؤسسات.
وقال أبو زيد لـ"
عربي21": "ما حدث يؤكد للجميع أن هذا النظام الشمولي يفتقد لأدنى معايير المعرفة بالحكم، والمسألة لديه تدار كما تدار العزبة وليس بمفهوم الدولة".
وأعرب عن اعتقاده بأن النظام ينظر للحوار المجتمعي والنقاش مع الأحزاب على أنه من "ضروب العبث (..) فالبلاد تدار بدون أي نظام، وما يتم طرحه من قرارات وقوانين لا تقبل النقاش أو التحاور، وعلى الجميع الإصغاء والتنفيذ لسياسات الشخص الواحد".
واستنكر أبو زيد ما كرسته الدولة في أذهان الجميع خلال المؤتمر بأنها "تدار بفكر وحكمة رجل واحد ذي فكر وبصيرة نافذتين يشرق من خلالهما المستقبل والأمل".
بدوره انتقد محمد المهندس، العضو في حزب مصر القوية، استئثار السلطة بإصدار القوانين والتشريعات وعقد الصفقات وإبرام العقود، في غياب المشرعين، لتعزيز فكرة دولة النظام وليس دولة البرلمان.
وقال عضو المهندس لـ"
عربي21": "النظام الحالي يدير البلاد، ويخاطب الجماهير بصفته صاحب الرأي الذي لا يخطئ، والنظرية التي لا تتغير، فكل شيء يدار بعيدا عن القنوات الشرعية".
وأكد أن "تجاهل دعوة الأحزاب للمؤتمر هو تهميش متعمد من أجل إقصائها من المشهد، وتثبيت صورة واحدة في ذهن الناس أنهم (السلطة) هم من يحكمون ويديرون وينفذون".
ورأى المهندس أن "النظام استغنى حتى عن دور الأحزاب التكميلي أو الصوري في المشهد الذي قد يجمل صورتهم هم لا صورته هو".
الحكم بالأمر المباشر
وعزا المتحدث الإعلامي باسم "حركة 6 إبريل - الجبهة الديمقراطية" اتباع النظام لسياسة البطل الواحد طوال الفيلم، لتعزيز فكرة الرجل القائد.
وقال المتحدث حمدي قشطة لـ"
عربي21": "أتصور أن عدم دعوة الدولة للأحزاب المعارضة التي شاركت في مسار ثورة 25 يناير؛ يأتي على خلفية مقاطعتها الانتخابات البرلمانية"، مضيفا: "ولكن عدم دعوة الأحزاب المؤيدة له في قراراته وسياساته فليس له سوى معنى واحد، هو أنه ليس هناك مؤسسات تحكم وتدير، إنما هو نظام الفرد الواحد الذي يأمر ويطاع".
واستدرك: "كان على الحكومة دعوة القوى السياسية للمشاركة في الندوات والحوارات على هامش المؤتمر للاستفادة (من) رؤيتهم أو خبراتهم، ولكنه لم يحدث، وتجاهلتهم بشكل محرج".
لا معنى لدعوة الأحزاب
في المقابل، رأى المتحدث الإعلامي باسم حزب الوفد، المستشار بهجت الحسامي، أنه لا معنى لدعوتهم للمشاركة في أعمال مؤتمر اقتصادي ليس من اختصاصهم، واعتبره من أعمال الحكومة وحدها ولا دخل للقوى السياسية فيه.
وقال الحسامي لـ"
عربي21": "المؤتمر عمل تنفيذي اقتصادي من اختصاص الحكومة، وليس عملا سياسيا يستدعي إشراكنا فيه"، مشيرا إلى أن "بعضهم كان متواجدا بصفته الاقتصادية وليس الحزبية".
واستبعد الحسامي، في حال انتخاب مجلس النواب، أن يسعى البرلمانيون إلى مناقشة تلك المشاريع، وقال: "ما تم توقيعه على شكل عقود فهو خارج نطاق المساءلة، وسوف يتم احترامها أيا كانت النتائج، بسبب وجود التزام قانوني على الدولة بصفتها الموقعة على العقود"، حسب تعبيره.