كتب كمال أوزتورك: اختلطت الأوراق وتغيرت الموازين من جديد في
الشرق الأوسط.
ومع إعطاء المملكة العربية
السعودية إشارات إيقاف الدعم لمصر، تغيّرت جميع عيارات الميزان. فقد ذهب "
بوتين" إلى القاهرة مباشرة بعد موقف السعودية. وأوضحت إيران أنها مستعدة للتعاون مع السيسي. ولازالت الولايات المتحدة الأمريكية حائرة، ولم تعلن أوروبا عن سياسة معينة لها للتعامل مع الموقف.
سقطت اليمن، وأعلنت إيرانُ صنعاء عاصمة خامسة بعد طهران، ودمشق، وبغداد، وبيروت، كل هذا حدث في يوم!
في ذلك اليوم، حدث تغير في الشرق الأوسط بإمكانه أن يؤثر على العالم أجمع، وسيؤثر على
تركيا أيضا، فعلينا ألا نكتفي بالمشاهدة.
بعض الأمم لا تملك حق الشكوى
يجب أن يُنَاقَش موضوع تركيا الجديدة مع موضوع الشرق الأوسط الجديد، فتركيا لم يعد بإمكانها أن تفكر أو تتحرك وحيدة. وفي الشرق الأوسط لا توزن الحسابات دون تركيا، لذلك حين نفكر بمصطلح "تركيا جديدة" ونخطط لمستقبلها، علينا أن نضع الشرق الأوسط في حسابنا.
لم تعد تركيا التي تُشَن على حدودها حرب -التي كانت طرفا في الأزمات المزمنة- تملك رفاهية العيش، وأخذت القرار وحدها. فإن كان هناك حرب تؤثر على أرضكم وشعبكم، فهذا يعني أنكم جزء من هذه الحرب.
وفي الأصل لا يمكن استبعاد دولة كانت عاملا مؤثرا في المنطقة لمئات السنين، فليس بإمكانكم الابتعاد عن آثار أجدادكم الموجودة في كل مكان، وعن أقاربكم وأحبتكم الموجودين في الدول الأخرى.
لقد وضع القدر مسؤوليات ثقيلة على عاتق بعض الأمم، ولم يمنحهم حق الشكوى.
نحتاج إلى نظام جديد في الشرق الأوسط
نحتاج لرؤية جديدة لمستقبل تركيا.. هذا صحيح، ولكن العالم يحتاج لرؤية جديدة لمستقبل الشرق الأوسط أيضا، فلم يعد من الممكن استمرار الوضع الحالي، وموقف السعودية من
مصر ينبع من هذا الوضع الخانق.
لا تنظروا إلى التعليقات الفارغة في التلفاز والصحف التي لا تفهم الشرق الأوسط، فتقول: "ما الذي تفعله تركيا هناك؟" ما الذي يمكنكم أن تنتظروه من معارضين يشبهون نظام الوزارة بعمائم السلاطين وشارب "هتلر"؟! ويقولون إنهم سيجعلون من نقد قانون الأمن الجديد سلاحاً في يدهم؟
لذلك تزداد صعوبة عمل حزب "العدالة والتنمية"، و"أحمد داود أوغلو"، و"أردوغان". ولكن على المعارضة حين تفكر بمستقبل تركيا الجديدة، أن تضع في حسابها مطالب الأشخاص الذين لا يريدون أن يمنحوهم أصواتهم في الانتخابات.
لا يمكن أن يكون هذا دستوراً لدولة تمثل قوة إقليمية
يلزمنا الآن دستور جديد يناسب وضعنا كقوة إقليمية، وكأمل للشعوب التي تعيش في هذه المنطقة، فقد ضاقت الدولة واختنقت سياستها.
وأهم أسباب هذا هو أن الدستور وضعه العسكر، ويعود إلى زمن الحرب الباردة. فدستور الدولة -التي تعتبر أهم وأكبر قوة في الشرق الأوسط- يشرح بالتفصيل كيفية عمل محطات التلفاز، ويضع رقابة صارمة على الإعلام! وبمثل هذا الدستور لا يمكننا أن نواجه العالم.
الشرق الأوسط يتغير، ومع تغيره تتغير موازين العالم أجمع. لم يعد بإمكان تركيا أن تبقى خارج كل هذا. نحتاج لنظام جديد في الشرق الأوسط مثلما نحتاج إلى تركيا جديدة. ولهذا علينا أن نوسع وجهات نظرنا، ونتحرك ونحن نشعر بمسؤوليتنا التاريخة، ونضع دستوراً جديداً.
هذه المرة علينا ألا نضيع الفرصة.
(عن صحيفة "يني شفق" التركية، مترجما خصيصا لـ"عربي21"، 11 شباط/ فبراير 2015)