عاشت عاصمة بوركينافاسو "واغادوغو" خلال الأيام الثلاثة الماضية أوضاعا صعبة بعد الأحداث المتسارعة في البلاد منذ الانقلابيين العسكريين الذين عرفتهما في أقل من يومين.
هناك في واغادوغو أمضى السياسي ورجل الأعمال المخضرم المصطفى
ولد الإمام الشافعي المستشار الأول لرئيس البوركينابي المطاح به بليز
كمباوري، أيضا أياما صعبة بعد أن أطيح برفيق دربه خلال السنوات العشرين الماضية.
وتفيد مصادر عائلية أن ولد الشافعي الذي تصدر واجهة الصحافة الإفريقية خلال الأيام الماضية، قد غادر بالفعل عاصمة
بوركينا فاسو حيث وصل إلى ساحل العاج التي يحكمها حاليا الحسن وترا أقرب شخص له بعد رئيسه المطاح به بليز كمباوري.
المصطفى ولد الإمام الشافعي هو رجل أسرار إفريقيا، والهامس في أذن
القاعدة، مستشار الزعماء الأفارقة، رجل أعمال ودبلوماسي نافذ، صديق الرؤساء والمعارضين، ولد في النيجر من أب وأم موريتانيين، وأصبح ينظر إليه على أنه الأمهر في كواليس خلافات الأفارقة وأسرار حروبهم، وطرق المصالحة بينهم، لقبه بعضهم أيضا بـ"رجل القارة المثير المدهش".
يتقن المستشار الإفريقي لعدد من الرؤساء الأفارقة بعض العديد من اللهجات السائدة في إفريقيا، كما أنه صديق مقرب لعدد من القادة السياسيين لحوالي خمس عشرة دولة إفريقية، بما فيها بلده الأصلي
موريتانيا.
للرجل علاقات واسعة في إفريقيا وفي الصحراء، وتفاصيل عن أحداث إفريقية كبيرة، كان آخرها الخلاف الإفواري الذي حسم لصالح الرئيس الحالي الحسن وترا، صديق الرجل بل وأخوه الأكبر كما يفضل أن يلقبه. ويوصف الرجل بأنه صديق الرؤساء ومع ذلك يحتفظ بعلاقات ممتازة مع المعارضين.
عرف ولد الإمام الشافعي أوروبيا بأنه منقذ أرواح الرهائن الأوروبيين، بعد نجاحه عدة مرات في إطلاق العديد من الرهائن الأوربيين المحتجزين لدى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، من خلال نفوذه الكبيرة في القارة وعلاقته الوطيدة بالتنظيمات الجهادية في إفريقيا.
يشتهر رجل إفريقيا بعشقه للفن التشكيلي، ويقول عن نفسه في مقابلة صحفية سابقة إنه يحرص على زيارة معارضه في كل الدول التي يزورها، واقتناء بعض اللوحات الجميلة التي تنال إعجابه، كما أنه يحتفظ في بيته بلوحات تخلد مشاهد من كل الدول الإفريقية تقريبا.
تطالب الجزائر باعتقاله وتتهمه بالوقوف وراء النفوذ المغربي المتصاعد في القارة السمراء، ويصفه الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز برجل المخدرات ومخرب القارات ومشعل حرائق إفريقيا، ممنوع من دخول موريتانيا التي تطالب الإنتربول باعتقاله، مبجل في ساحل العاج والمغرب ونيجيريا وغينيا وحتى جمهورية مالي وإقليم أزواد.
جمعه للمال والسياسة وعلاقاته بالحكام والمعارضين مكنته من تعزيز نفوذه في القارة السمراء، غير أن هذا النفوذ تراجع خلال الأيام الماضية على الأقل في دولة بوركينا فاسو التي كان يشغل فيها منصب مستشار الرئيس.
ومنذ وصوله إلى ساحل العاج، بدأت التكهنات حول مستقبل الرجل ونفوذه في القارة الإفريقية، وما إذا كان سيخطط لإعادة رفيق دربه بليز كمباوري لسدة الحكم من جديد، أو أنه سيسعى لأن يتشكل النظام القادم ببوركينافاسو على مقاسه ومقاس رفيقه، أم أن تركيزه سيتحول إلى دولة إفريقية أخرى.
كل تلك التساؤلات طرحت بقوة في عدد من دول القارة، لكن كثيرين يعتقدون أن الرجل لن يعادي الحكام العسكريين الجدد في بوركينا فاسو، بل إنه سيستقطبهم ويعود في وقت قريب مع رفيقه ورئيسه كبماوري إلى "واغادوغو" بنفوذهم القديم وهيبتهم لدى العسكريين والسياسيين على الأقل.
في المقابل يرى آخرون أن موجة ربيع إفريقي آخر تلوح في الأفق تبعد الرجل عن الأضواء لفترة طويلة، كما أن تولي خصمه الرئيس محمد ولد عبد العزيز لرئاسة الاتحاد الإفريقي حاليا، قد تساهم وإن بشكل غير مباشر في إبعاده عن المشهد الإفريقي.