منحت السلطات
المصرية صفة
الضبطية القضائية لعدد من قيادات ومفتشي
وزارة الأوقاف ليمارسوا دور المخبرين الأمنيين بدلا من دور الواعظين، استمرارا لمحاولات النظام المصري محاصرة مؤسسات الدولة، وفق ناشطين.
ومن جهته، قال وكيل وزارة الأوقاف المصري، الدكتور صبري عبادة، لـ"عربي21" إنه "تم منح نحو عشرة مفتشين الضبطية القضائية من كل مديرية لتقليص الإجراءات القانونية في تقديم مرتكب الجريمة، باعتبار أن من يتصدر للخطابة بدون تصريح يعد مجرما إلى النيابة وتتم إحالته إلى المحاكمة".
وأصدر وزير العدل المصري، المستشار محفوظ صابر، قرار منح صفة الضبطية القضائية للدفعة الأولى من قيادات ومفتشي وزارة الأوقاف وعددهم مئة، وذلك لمتابعة ومراقبة تنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في
المساجد وما في حكمها.
إلا أن القرار كغيره من القرارات الكثيرة التي اتخذتها الوزارة لتصفيتها ما أسمتها "البؤر الإخوانية"، لاقى رفضا ومعارضة واسعة من قبل الكثيرين، معتبروين القرار تسلطا على الدين وأموره لحساب الدولة، وليس للصالح العام.
وبدوره، قال الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، سامح عيد، لـ"عربي21" إن "قرارات الدولة الأخيرة تندرج تحت الحل الأمني لكل أزمة أو مشكلة تواجهها، واتضح ذلك حتى في موضوع الجامعات والذي أثبت فشله".
وقالت وزارة الأوقاف إن الهدف الرئيسي من هذه الضبطية القضائية هو "ضبط شؤون الخطابة والدروس الدينية بالمساجد، ومنع الدخلاء وغير المؤهلين وغير المتخصصين من اقتحام
المنابر، كما كان يحدث في الماضي، وعدم السماح باستخدام المنابر أو المساجد لخدمة مصالح حزبية أو شخصية أو فصيل بعينه على حساب المصالح العليا للوطن"، على حد زعمها.
وأشار عباده إلى أن من مهام المفتش "المرور على المساجد والجوامع وتفقدها، وفي حال تم اكتشاف أي خطيب أو داعية ليس لديه تصريح سيتم تحرير محضر له على الفور".
وعند سؤاله حول إمكانية أن يتم استغلال تلك السلطة، أكد الوكيل الوزارة أنه "تم اختيار المفتشين بعناية فائقة، مستبعدا تماما تورطهم في خصومات شخصية، على حد قوله.
في المقابل، انتقد عضو المكتب الرئاسي لحزب النور، شعبان عبدالعليم، قرار منح الضبطية القضائية لمفتشي الأوقاف، وقال في حديث لـ"عربي21" إنها "إجراءات أمنية مبالغ فيها، وتزيد من حالة الاحتقان الموجودة في الشارع المصري"، مشيرا إلى أن تلك الإجراءات التقيدية غير مسبوقة، مطالبا بضرورة التواصل مع الآخرين بعيدا عن الفكر الأمني.
الضبطية القضائية.. وشبهة استغلال السلطة
وشددت وزارة الأوقاف على أنها ستأخذ الأمر "بمنتهى الحسم والجد" مع المخالفين لتعليماتها وتوجيهاتها في ضبط شؤون الدعوة والخطابة بالمساجد، أو مع من يحاول صعود المنابر دون تصريح منها، مؤكدة أن جميع التصاريح التي صدرت في الماضي لغير خريجي الأزهر لاغية ولا يعتد بها.
إلا أن الباحث المصري، سامح عيد، اعتبر أن لكل قاعدة شواذ، ولا يمكن استبعاد شبهة الاستغلال عن المفتشين لإنهم بشر، مؤكدا أنه قد يتم استغلال تلك السلطة جراء مشاحنات وخصومات كيدية، على حد تعبيره.
وشدد عيد على ضرورة النظر إلى المجتمع ومتطلباته، وألا يتم التعامل مع الأشخاص أمنيا إلا في حال وجود شكوات متكررة ضدهم، والتحقق منها، وعدم الاصطدام بالمجتمع.
وقال عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين المصريين، أسعد هيكل، لـ"عربي 21": "يحق لوزير العدل منح الضبطية القضائية لأي جهة أو شخص ما دام عملها يتطلب ضبط الجريمة ومرتكبها؛ إلا أن المشكلة أعمق من ذلك، فالتعامل الأمني مع المشكلات يزيد من تعقيدها ويؤجج الصراع، ويشعل فتيل الأزمات، ويجب ألا تقتصر على الحلول الأمنية".
وأشار هيكل إلى وجود قصور في الخطاب الديني بصفة عامة على جميع المستويات الأمر الذي يتطلب معالجته لدى وزارة الأوقاف والأزهر وكل المعنيين.
الأوقاف تعبر عن روح الدولة وليس روح الدين
وأصدرت الأوقاف عدة قرارات لضبط العمل بالمساجد، تضمنت قصر إقامة صلاة الجمعة على المساجد الجامعة فقط، وعدم إقامتها في الزوايا أو المصليات إلا عند الضرورة الملحة، وبإذن كتابي مسبق، وكذلك عدم جمع أي أموال داخل المسجد إلا في الإطار الذي ينظمه القانون وبموجب إيصالات رسمية معتمدة يتم تسليمها، وكذلك توحيد خطبة الجمعة على مستوى الجمهورية في جميع مساجد مصر، وقصر عمل محفظي القرآن بالمساجد على خريجي كلية القرآن الكريم.
ويرى ناشطون أن وزارة الأوقاف اقتربت من أن تكون هيئة أمنية لا دينية، حيث فقدت الكثير من دورها الدعوي ووجاهتها الدينية.