تأكيدا لما انفردت به صحيفة "عربي 21"، أكدت مصادر لوكالة أنباء "رويترز" بأن شركة "
يونيون فينوسا جاس" (يو أف جي) الإسبانية قد تسحب دعوى قانونية ضد
مصر إذا وافقت الأخيرة على اتفاق يسمح للشركة باستيراد
الغاز الإسرائيلي إلى محطتها لتصدير الغاز الطبيعي المسال المتوقفة عن العمل في مصر.
وكانت صحيفة "عربي21" نشرت في 13 أيار/ مايو الماضي تقريرا يفيد بأن الصحيفة علمت بأن شركة "يونيون فينوسا" العالمية لصناعات الغاز المسال، قد رفعت دعوى تحكيم دولي ضد الحكومة المصرية، وطالبتها بتعويضات تصل إلى 8 مليارات دولار، بسبب تعطيل أعمالها في محطة تسييل الغاز في مدينة دمياط المصرية.
وقالت مصادر خاصة، طلبت من "عربي21" عدم الكشف عن هويتها، إن شركة "يونيون فينوسا جاس" طالبت المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستثمارية، بإجبار مصر على دفع تعويضات قد تصل إلى 8 مليارات دولار.
ونقلت "رويترز" عن المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه نظرا لحساسية المسألة أنه: "لم يتم تعليق دعوى التحكيم، لكن يو أف جي ستكون مستعدة لاستكمال المحادثات التي بدأت في أيار/ مايو من العام الماضي في حالات معينة.. الأمر مطروح على طاولة المفاوضات".
وتحت عنوان "مصر لا تملك منع
استيراد الغاز الإسرائيلي"، نقلت "عربي 21" تصريحات لخبير مصري تؤكد أن "مصر لا تملك، أو لا تريد أن ترفض هذه الصفقة"، وأتت هذه التصريحات بعد ردود أفعال شديدة في صفوف النشطاء المصريين الرافضين لاستيراد الغاز من إسرائيل.
وقال المصدر الذي نقلت عنه "رويترز" إن "يو أف جي" واثقة من أن الحكومة المصرية لن تعرقل هذا المشروع، "لأنه مجدٍ اقتصاديا، ويجلب بعض الفوائد (الاقتصادية) الطويلة الأجل لمصر وشعبها"، من خلال استعادة ثقة المستثمرين، وتوفير مزيد من الغاز للاستهلاك المحلي.
ومصر مدينة بنحو 5.9 مليار دولار لشركات النفط والغاز الأجنبية العاملة لديها، ومنها "يو إف جي"، بعدما حوّلت الدولة إمدادات من الطاقة المخصصة للتصدير للاستهلاك المحلي.
وقال المصدر إن تقدما يتحقق في محادثات مع الشركاء في حقل "تمار" ومصر، بخصوص إبرام اتفاق لاستيراد 2.5 تريليون قدم مكعبة من الغاز على مدى 15 عاما.
لكنه أضاف أنه لا يزال يتعين تسوية قضايا فنية وتجارية وقانونية.
ويذكر أن مصادر إسرائيلية قالت وفق تقرير نقلته "عربي 21" عن موقع "غلوبز" الاقتصادي: "حتى في أكثر السيناريوهات تفاؤلا فلن يتمكن المصريون من التغلب على الشح في كميات الغاز المطلوبة محليا قبل عشرينيات هذا القرن، والحكومة المصرية شريك في مرافق تسييل الغاز، لذلك من المفروض أن يعود عليها ذلك بالربح".
ونشر موقع "غلوبز" الاقتصادي تقريرا قال فيه إن "شركة "بريتيش غاز" البريطانية تسعى أيضا لعقد صفقة مع الشركة المالكة لحقل ليفاثان الإسرائيلي لنقل الغاز من الحقل المذكور وتسييله على الأراضي المصرية في محطة "أدكو" التي تملكها شركة "برتيش غاز".
وقال الموقع إن الشركتين المالكتين لحقلي "تمار" و"ليفاثان" تتطلعان للانتهاء من إنجاز خط الغاز بين مصر وإسرائيل، حتى تتمكنان من نقل الغاز ليتم تسييله في محطات التسييل في مصر.
وأضاف أن أكثر ما يهم مجموعة "بريتيش غاز" وشركة "يونيون فينوسا"، هو ضمان مورد للغاز على المدى البعيد، وهذا ما تستغله بشكل جيد شركات الغاز الإسرائيلية.
وتجري شركة "بي جي" -التي تمتلك محطة أخرى لتصدير الغاز المسال في مصر في إدكو- محادثات لاستيراد الغاز من حقل لوثيان الإسرائيلي البحري العملاق من أجل إحياء صادراتها من محطتها التي تراجعت بشدة.
وكانت مصر قد فتحت الباب أمام القطاع الخاص لاستيراد الغاز الطبيعي لحسابه دون مناقصات لأول مرة في تاريخ مصر، وهو ما يعني "أن الاستيراد لم يعد شأنا سياديا، وأن السلطات المصرية عازمة على حل مشكلة نقص إنتاج الغاز المصري عبر البوابة الإسرائيلية"، وذلك ينفي تصريحات مسؤولين مصريين أكدوا أن "استيراد الغاز شأن سيادي".
وكانت مصادر مطلعة لـ"عربي 21" قالت إن الرئيس القبرصي بحث مع السلطات المصرية في زيارة له جرت في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2013 إمكانية نقل الغاز الإسرائيلي لمصر عبر قبرص التي ستكون واجهة للاتفاق.
وأشارت المصادر إلى أن نقل الغاز الإسرائيلي إلى مصر سيتم بوساطة قبرصية، تجنبا للحرج السياسي الذي قد يسببه تصدير الغاز الإسرائيلي مباشرة إلى مصر، خصوصا في ظل التوترات السياسية التي تشهدها مصر منذ الانقلاب.
ويذكر أن موقع "عربي 21" كان قد أجرى لقاء مع المتحدث الرسمي باسم وزارة البترول المصرية، نفى فيه وجود أي نية لاستيراد الغاز من قبرص أو "إسرائيل"، فيما يقول تقرير موقع "غلوبز" إن التصريحات المصرية التي تنفي التخطيط لاستيراد غاز "إسرائيلي" تأتي في إطار تجنب ردة الفعل الشعبية ضد مثل هذا الإجراء.
وتسعى "إسرائيل" حسب تصريحات لوزير البنى التحتية، الإسرائيلي سيلفان شالوم، إلى تصدير الغاز إلى الدول العربية القريبة التي تحتاج للطاقة، لأن ذلك سيعود بالفائدة القصوى على الاقتصاد الإسرائيلي، نظرا للتكلفة المتدنية للنقل وخصوصا في هذا الوقت الذي تشهد فيه الأسواق الآسيوية تنافسا شديدا على الطاقة.
الضغوط تتزايد على شركاء حقل "لوثيان" لإبرام صفقات غاز
وفي سياق متصل، تتصارع الشركات المطورة لحقل الغاز الإسرائيلي العملاق لوثيان الوقت للتوصل إلى اتفاقات توريد كبرى ملزمة مع مصر والأردن لضمان الدعم الحكومي لتطوير الحقل قبل انتهاء مهلة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وخسر الحقل تركيا كأحد أكبر عملائه المحتملين بسبب الآثار السياسية لحرب غزة التي استمرت 51 يوما.
وحددت "إسرائيل" مهلة تنتهي في تشرين الثاني/ نوفمبر للشركتين المطورتين لحقل لوثيان وهما "نوبل انرجي" الأمريكية، ومجموعة "ديليك" الإسرائيلية لتقديم خططهما الخاصة بالوصول بالحقل إلى مرحلة الإنتاج.
وإذا لم تقدم الشركتان قبل انتهاء المهلة خطة للتطوير تتضمن مبيعات غاز طويلة الأمد إلى مشترين كبار، فإن ذلك يفتح الباب أمام تأخر بدء الإنتاج عن التوقيت المتوقع حاليا في 2018، حيث تنذر مجموعة من مشروعات التصدير الجديدة في أنحاء العالم بتقليص الأرباح.
وتقدر احتياطات الغاز في لوثيان بواقع 622 مليار متر مكعب، وهي كميات تزيد كثيرا عن حجم الاستهلاك المحلي في إسرائيل بما يجعل صفقات التصدير ضرورية للجدوى من المشروع، إذ تقدر تكاليف المرحلة الأولى من التطوير بستة مليارات دولار.
وأتت خطط رامية لتصدير إنتاج "لوثيان" على ناقلات للغاز المسال إلى دول آسيوية بنتائج عكسية في آذار/ مارس الماضي، عندما تراجعت "وودسايد" عن شراء حصة نسبتها 25% في الحقل الإسرائيلي.
ووردت أنباء في مطلع أيلول/ سبتمبر عن اتفاق أولي لتوريد الغاز إلى شركة الكهرباء الوطنية بالأردن لمدة 15 عاما في صفقة قد تصل قيمتها إلى 15 مليار دولار، بما يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح.
غير أن هذه الخطوة لم تصل بعد إلى حد إبرام اتفاق توريد نهائي يساهم في دعم المشروع.
وكانت السلطة الفلسطينية هي الطرف الوحيد الذي التزم بشراء الغاز حتى الآن، إذ أبرمت اتفاقا لمدة 20 عاما بقيمة 1.2 مليار دولار.