كتب أليستر سلون لموقع مركز مراقبة الشرق الأوسط (ميمو) عن "أسباب وحيثيات الاضطهاد السياسي في
السعودية".
وتساءل في بداية المقال هل يمكن اعتبار الملك عبدالله من أكثر الملوك تقدمية وليبرالية من بين ملوك السعودية؟
يجيب: ممكن، مع أن هذا المجال محدود والتوقعات قليلة.
ويضيف "ومع ذلك فالشكر له، فهناك أكثر من 70 ألف طالب سعودي يدرسون في أوروبا الغربية وشمال أمريكيا وأستراليا مجانيا.
وأعلنت قوانين جديدة ضد العنف المنزلي والطلاق، ونسبة النساء في مجلس الشوري بواقع واحدة لكل خمسة رجال، فيما عينت أول امرأة كرئيسة تحرير لسعودي غازيت، وسمح للنساء أخيرا لاستخدام وثائقهن الشخصية الخاصة في المحاكم، وسيشاركن من بداية عام 2015 في الانتخابات المحلية".
و "في الحقيقة، يحظى الملك بدعم واسع من معظم السعوديين، وينظر إليه على أنه "في جانب الشعب"، ولكن ما هو الجانب الذي لم يفقد فيه نظام الملك عبدالله بعده في السياسة". حقوق الإنسان والموقف من الإصلاحيين.
ويعلق سلون على الحكم الذي صدر ضد الناشط في مجال حقوق الإنسان وليد أبو الخير، حيث حكمت عليه محكمة بالسجن لمدة 15 عاما بتهمة "الإساءة للرأي العام" و "تحريض الرأي العام ضد البلاد". وقبل شهرين من الحكم عليه صدر حكم على صهره رائف البدوي بالسجن لمدة 10 أعوام وألف جلدة وكانت جريمته هي إنشاء موقع على الإنترنت أسماه "السعوديين الليبراليين".
وفي آذار/ مارس 2013 تم الحكم على محمد القحطاني وعبدالله الحامد، وكلاهما من قادة الإصلاح والناشطين في مجال حقوق الإنسان بالسجن لمدة 10 و 11 عاما على التوالي. وعلى مستوى المؤسسات، تم تشويه سمعة حركة الإخوان المسلمين، وهي جماعة سياسية تثير قلق الملك عبدالله والعائلة الحاكمة وصنفت "منظمة إرهابية" وحظرت نشاطاتها".
وعليه ففي الوقت الذي "أظهر فيه الملك عبدالله علامات من التعاطف والرعاية مع جزء من رعيته، فإن عائلة
آل سعود لا تعاني من معارضة سياسية لوقت طويل.
وفي الحقيقة هناك في السعودية سجناء سياسيون عشرة أضعاف ما لدى إيران من سجناء سياسيين حيث يعتقلون في ظروف مزرية، ويقال إنهم يتعرضون للتعذيب بشكل مستمر".
و"يستخدم الملك عبدالله أساليب أخرى من أجل الحفاظ على عائلة آل سعود في الحكم بالإضافة للقمع، واستخدام أحكام السجن، وإجراء محاكمات سياسية وقيام قوات الأمن بالضرب".
ويرى الكاتب أن "سياسة "الجزرة" تأتي من خلال برامج رفاه كريمة للمواطنين السعوديين وهو ما يمكن للسعودية تحقيقه بسبب الثروة النفطية. ويهتم الملك بمشكلة البطالة خاصة بين الشباب ومن خلال ترحيل أعداد كبيرة من العمال الأجانب."
و"عليه وفي محاولة لمنع انتشار قصص الرعب التي يقدمها أبو الخير وزملاءه، يمارس آل سعود رقابة شديدة على الصحافة والتلفزيون في السعودية. وهي سياسة ناجحة فقد وضعت السعودية في مرتبة 160 من 180 دولة في مؤشر الحرية الدولي الذي تعده منظمة "صحافيين بلا حدود". فيما تضع لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك السعودية في قائمة 10 دول مثيرة للقلق. ونتيجة لذلك لا يرشح الكثير عن الأحداث في السعودية بسبب القمع السياسي الذي يمارسه الملك عبدالله".
ويعتقد أن "غياب الحرية الإعلامية تغلب عليها إدمان السعوديين على استخدام إعلام التواصل الاجتماعي. وكانت القاعدة الحكومية غير المكتوبة تقول إن المعارضة من خلال الفيسبوك والتويتر مقبولة طالما لم تؤد إلى تظاهرات في الشوارع. ولكن هذا يتغير، فقوانين مكافحة "الإرهاب" مصممة لمحاربة المعارضة البارزة في وسائل التواصل الاجتماعي. فقد تم اعتقال الكثيرين ممن احتجوا عبر يوتيوب أو أرسلوا تغريدات عبر التويتر اعتبرها آل سعود شرسة، ولهذا يقومون بتضييق الخناق على المعارضين".
ويقول الكاتب "يمكن للملك عبدالله إسعاد السعوديين في الوقت الحالي، فيما تتواصل جرائمه السياسية بدون ملاحظة أو تجاهل من قبل السكان بشكل عام".
ويضيف "مع أن السعودية تتمتع بالاستقرار إلا أن سلطة قوى السوق التي بني عليها الاقتصاد السعودي، أي التجارة في الطاقة والعولمة، تدفع وبشكل تدريجي لرفع تكاليف الحياة اليومية. وعليه فملوك المستقبل قد لا يكونوا قادرين على دفع وإرضاء من هم غير راضين عن الحكم الملكي، ويمكن أن يتحول رموز مثل أبو الخير إلى تشي غيفارا الجزيرة العربية".
و"هناك أيضا مفاجآت على الملك أن يتعامل معها: في عام 2012 مثلا، بدأ حساب على التويتر من داخل العائلة السعودية بنشر قصص عن العقود السرية والفاسدة. وإذا أخذنا الأحداث الأخيرة في الكويت، فستكون العائلة المالكة في السعودية واعية من أن كثيرا من المحسوبية والفساد قد يؤدي لنهايتها. علاوة على ذلك، فالربيع العربي الذي جاء مفاجئا والذي استطاع الملك عبدالله التهرب منه برفع مستوى الحياة قد يزور السعودية بشكل مفاجئ".
"وفي حالة انهار النظام (ونحن نتحدث عن 10 أعوام أو أكثر) فسيكون هذا متأخرا لحوالي 80.000 أو اكثر من السجناء السياسيين الذي سجنتهم قوات الملك عبدالله الأمنية. فهم يعانون اليوم من تعذيب دائم وسجون مزدحمة وأحكام سجن ظالمة لمطالبتهم بالإصلاح السياسي ومحاولتهم اعتاق السعوديين العاديين من الرق السياسي الذي يعيشونه، أو لأنهم تحدثوا ببساطة عن انتهاكات حقوق الإنسان".
و"عندها فلن يكون لآل سعود أي ملجأ يهربون إليه، ومع الإفراج عن أبو الخير في عام 2029 وزملاءه في عام 2025 فالبلد قد يكون مكانا مختلفا".