مانجيتا شاوداري كانت في سن التاسعة ولم تكن قد أمضت أي ليلة بعيدا عن والديها قبل أن يبيعها والدها الشرطي
النيبالي بسعر 2500 روبية (25 دولارا).عندها غادرت شاوداري عائلتها المقيمة في غرب نيبال للإنضمام إلى منزل مخدومها الواقع على بعد 200 كيلومتر بالقرب من الحدود الهندية.
حياتها الجديدة تبدأ عند الساعة الرابعة صباحا بتنظيف المنزل ومن ثم غسل الأواني وترتيب المطبخ قبل الإنتقال إلى أقارب مخدومها للقيام بالشيء نفسه.
وهي تخلد إلى النوم منهارة قبيل منتصف الليل.وتروي شاوداري البالغة اليوم 22 عاما لوكالة فرانس برس "لم أكن اقوى على كل ذلك فكانت زوجة مخدومي تضربني بالأواني والاقدار وكانت تهدد ببيعي الى رجل اخر".
وتضيف "كنت خائفة الى درجة أني لم أكن أبكي أمامهم كنت أبكي بهدوء في الحمام".بعد سنة على ذلك التقت بوالدها ورجته أن يعيدها الى المنزل العائلي لكنه قال لها إنه غير قادر على تربيتها مع شقيقتها التي باعها ايضا.وتتعرض الفتيات النيباليات اللواتي يبعن كعبيد ويسمين "كاملاري" بانتظام للضرب وللعنف الجنسي وهن سجينات لدى اصحاب عملهن.
ففي شهر كانون الثاني/يناير من كل سنة عندما تحتفل أقلية ثارو بمهرجان ماغي في نهاية فصل الشتاء توقع العائلات الفقيرة عقودا "لايجار" بناتهن بسعر 25 دولارا في السنة احيانا.وقبل قرن من الزمن كانت أقلية ثارو تملك مزارعها الخاصة وتعيش في اكتفاء ذاتي نسبي في منطقة تيراي التي كان ينتشر فيها مرض الملاريا كثيرا وهم محصنون ضده بشكل طبيعي.
لكن عندما تم القضاء على الملاريا في المنطقة في الستينات استولى مزارعون من طبقات اعلى على هذه الاراضي الخصبة واصبح افراد اتنية ثارو تحت امرتهم ويرزحون تحت عبء الديون في اراض كانت ملكهم.
وقد اضطر الكثير منهم الى بيع بناتهن كخادمات عبدات في ظاهرة تدعى "كاملاري" المحظورة منذ العام 2006 الا انها مستمرة في البلاد.
عملت شاوداري لمدة ثلاث سنوات ك"كاملاري" تعرضت خلالها للعنف والتحرش الجنسي قبل ان تتحدث منظمة "نيبال يوث فاونديشن" غير الحكومية الاميركية مع والدها وتقترح عليه دعمه في تربيته ابنتيه شرط ان يلغي العقدين.
وفي سن الثانية عشرة تعلمت شاوداري الكتابة والقراءة. وباتت الان تدرس ادارة الاعمال وتتقن ثلاث لغات.الا أن اثار ما عانته في طفولتها لا تزال حية وقررت ان تلتزم قضية الكاملاري.وتقول "لقد سلبت طفولتي مني.
كانت فترة رهيبة وسأبذل قصارى جهدي لوضع حد لهذه الممارسة وتحرير الفتيات".وبحسب المنظمات غير الحكومية التي تكافح هذه
العبودية، فهذه الممارسة التي ولدت في جنوب غرب نيبال تتواصل خصوصا في العاصمة حيث تلجأ اليها العائلات الميسورة.
ولا تزال ما لا يقل عن الف كاملاري يعملن تحت امرة ارباب
عمل نصفهن على الاقل في كاتماندو على ما يقول كمال غوراغاين المحامي في المنظمة غير الحكومية النيبالية "تشيلدرن-ويمن إن سوشال سيرفيس اند هيومن رايتس".
ولم يحكم على أي من اصحاب العمل هؤلاء على توظيف الكاملاري او سوء معاملتهن رغم الشكاوى الكثيرة للمنظمات غير الحكومية.
ويقول المحامي "الكاملاري لا يزلن موجودات لان اصحاب العمل لا يلاحقون او يسجنون".في اذار/مارس 2013 توفيت واحدة منهن وهي في الثانية عشرة من العمر جراء حروق لدى صاحب العمل مما اثار موجة من الاحتجاجات.
ووعدت الحكومة بوضع حد لهذه الممارسة لكن بعد سنة على ذلك لم يتغير شيء تقريبا.ويقول رام براشاد باتاراي الناطق باسم وزارة المرأة والطفولة والشؤون الاجتماعية ان المحتجين "بدر عنهم تصرف استفزازي كبير".
ويضيف "نجهد لجعل الكاملاري مستقلات من خلال التعليم ومن خلال اقتراح تدريبات لكي يصبحن خياطات او خبيرات تجميل.
لكن لا ننوي مداهمة كل منزل في كاتماندو".وخلال مداهمة قام بها ناشطون تم انقاذ الشابة جاياراني ثارو التي كانت تعمل منذ فترة طويلة ككاملاري بحيث لم تعد تذكر متى غادرت عائلتها.
وكان صاحب العمل الذي يملك مطعما ويدير شركة للاثاث يدفع لوالدها ستة الاف روبية في السنة.وفيما كانت كاملاري سابقات يساعدن الشابة على توضيب اغراضها اجهشت زوجة مخدومها بالبكاء قائلة لوكالة فرانس برس"اعاملها مثل طفل من اطفالي.
وأظن أني لم أقم بأي سوء".وتقر الشابة ان اصحاب العمل لم يسيئوا معاملتها ابدا. الا انها كانت تشعر باسى كبير لان مدرسين خاصين كانوا يأتون الى المنزل لتعليم نجلي صاحب العمل بينما كانت هي تهتم بالاعمال المنزلية.
وتوضح "كنت اكره عدم تمكني من الذهاب الى المدرسة الا اني اعتدت على ذلك (..) فهم كانوا يدفعون لي لكي اعمل وليس لادرس. واتسأل ان كنت ساتمكن من تحقيق شيء في حياتي فقد خسرت الكثير من السنين".