مقالات مختارة

الصين والأزمة الأوكرانية

باسكال بونيفاس
 لا تريد الصين انهيار روسيا لترى الغرب يزداد قوة على الصعيد العالمي- جيتي
لا تريد الصين انهيار روسيا لترى الغرب يزداد قوة على الصعيد العالمي- جيتي
تابعت السلطات الصينية باهتمام محاولة التمرد الفاشلة التي قادها إيفغيني بريغوجين. وأغلب الظن أنها لم تشعر بالاطمئنان صباح يوم السبت 24 يونيو حين رأوا القيادة الروسية تندد بطعنة في الظهر وتدعو الروس للتوحد والالتفاف من حوله. في تلك اللحظة، كانت هناك محاذير من مواجهة بين الميليشيا والجيش في روسيا، تفضي إلى فوضى، وهذا سيناريو اعتبره البعض مخيفاً في بكين كما في العواصم الغربية الأخرى!

فعلى الرغم من تنافسهم، إلا أن الصينيين والغربيين لا يريدون ارتباك الأمور في بلد كبير جداً يضم 11 منطقة زمنية ويمتلك 6000 سلاح نووي. ثم إن الأسوأ من ذلك بالنسبة لبكين هو أن ذلك سيعني انتصار «الغرب العالمي»، وفقدان شريك في معركتها من أجل «مكافحة غربنة» العالم.
الصين رأت ميزان القوى الذي بينها وبين روسيا يميل لصالحها أكثر بسبب المشكلات التي تتعرض لها روسيا، لكنها لا تريد انهيار روسيا لترى الغرب يزداد قوة على الصعيد العالمي وتنتشر الفوضى على حدودهما. ولهذا، أعادت الصين تأكيد دعمها لفلاديمير بوتين ولكنها ما تزال قلقة. فبعيداً عن تصريحات الصداقة «المتينة متانة الصخر»، إلا أن الصينيين قلقون بعض الشيء. إنهم حلفاء بحكم المصلحة لمواجهة الهيمنة الغربية أو الأميركية على العالم، لكن الصينيين يريدون عالماً مستقراً، حيث تتأكد فيه قوتهم بهدوء ولكن بثبات، وحيث تصبح الصين «بشكل طبيعي» القوةَ العالمية الأولى.

والحال أن الحرب في أوكرانيا وطّدت الروابط داخل العالم الغربي، تحت القيادة الأميركية، وأدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الغذائية، وهو ما لا يخدم مصلحة الصين. لقد تعلّم الصينيون درساً من الإطاحة بميخائيل غورباتشوف مفاده أنه لم يكن ينبغي تقليص سلطة الحزب الشيوعي على المجتمع حتى لا يؤدي ذلك إلى سقوطٍ لا يمكن السيطرة عليه.

وأغلب الظن أنهم يقولون في أنفسهم إن روسيا غامرت حين سمحت لميليشيا خاصة بالنمو والتطور جنباً إلى جنب مع الجيش الرسمي. ففي الصين لا يمكن تصور تطور ميليشيا خاصة إلى هذا الحد، ناهيك عن إقدام زعيمها على انتقاد رئيس هيئة الأركان المشتركة أو وزير الدفاع علانية. ففي الصين، ما يزال المبدأ الماوي «الحزب يقود بالبنادق»، سارياً وقد امتد ليشمل حتى شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة «باتكس» (بايدو وعلي بابا وتانسنت وشاومي).

والواقع أن معضلات روسيا، إذا لم تتعمق، يمكن أن تخدم مصلحة الصين. فهما شريكان ولكنهما أيضا متنافسان في ما يتعلق بالجنوب العالمي. فقبل الحرب، كان يمكن القول إن روسيا كانت اللاعب المركزي في الشرق الأوسط، اللاعب الوحيد الذي يتحدث إلى كل الأطراف، إلى «حماس» مثلما يتحدث إلى إسرائيل، وإلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مثلما يتحدث إلى إيران.

ولكن في الآونة الأخيرة، حدثت المصالحة بين الرياض وطهران تحت رعاية الصين، مما أظهر اختراقاً استراتيجياً مذهلاً للصين، جاء ليصاحب الانفراج الاقتصادي. اليوم في أفريقيا، قد يثير التمرد الذي أقدم عليه «بريجوجين» بعض التساؤلات حول شركة «فاغنر» كشريك عسكري للأنظمة الأفريقية التي تعتبرها كذلك.

فأمام روسيا التي بات من الصعب على نحو متزايد التنبؤ بتصرفاتها، وأمام الغرب الذي ما زال لا يتوانى عن إعطاء الدروس وممارسة ازدواجية المعايير، تظهر الصين كشريك يمكننا الاعتماد عليه حقاً. وتأتي التطورات المتلاحقة في روسيا لتؤكد بالنسبة للصين فكرة مؤداها أن هذا بكل تأكيد ليس هو الوقت المناسب لتخفيف قبضة الحزب الشيوعي على البلاد والمجتمع.

(الاتحاد الإماراتية)
التعليقات (1)
أبو فهمي
الخميس، 13-07-2023 05:53 ص
"""""""""" الصين """""""""" قوة اقتصادية خلقت نفسها بسرعة لم يتوقعها الغرب أو """"" غفل عنها """"" حيث كان اهتمام الغرب هو فقط بالأرباح الهائلة التي يجنيها من وراء عمالتها الرخيصة وأرباحه العالية بعد أن أقر انشاء شركات """" الأوف شور """" فكانت النتيجة أن انقلب السحر على الساحر فأصبحت الصين دولة عظمى منافسة و """" طورت """" جيشها بدون أن يشعر أحد وكل هذا - شئنا أم أبينا - نتيجة """"""" الثورة الثقافية """"""" التي أعلنها ماوتسي تونغ والتي بدأتها اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وأصبحت اليابان دولة اقتصادية كبيرة ولكن """""" مستعمرة """""" أمريكيا بينما الصين كانت """"" حرة """"" وتعلمت الكثير من """"""" حرب الأفيون """"""" عليها. روسيا هي خط الدفاع الأول عن الصين لما تملكه من رؤوس نووية ولن تستغن عن روسيا مطلقا وكذلك الحال مع روسيا التي اقتصادها """" محدود """" وفي حرب ضروس مع الغرب كله الذي سيشن عليها حربا نووية وعلى الصين أيضا لأن """"" الوقت يداهمه """"" فحساباتهم التوراتية يعلمها الروس والصينيون وهم لها بالمرصاد ويعرفون أن السلاح النووي سيدمر الطرفين وطبعا العالم أجارنا الله تعالى من شرور أعمالهم.