صحافة دولية

إعلام فرنسي: الاستفتاء بتونس سيقضي على سراب الديمقراطية

يعطي مشروع الدستور الجديد صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية عكس الدستور السابق - جيتي
يعطي مشروع الدستور الجديد صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية عكس الدستور السابق - جيتي

أعربت وسائل إعلام فرنسية عن تخوفها عن مآل الديمقراطية في تونس على ضوء الاستفتاء الشعبي الذي يُجرى في 25 تموز/ يوليو الجاري، للتصويت على مسودة دستور جديد قدّمها رئيس البلاد قيس سعيّد.


يتوجه التونسيون الاثنين إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الاستفتاء الشعبي على مشروع الدستور الجديد الذي دعا إليه رئيس البلاد قيس سعيّد.


وانطلقت عملية الاقتراع في تمام الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي (05:00 بتوقيت غرينيتش) على أن تتواصل إلى حدود الساعة العاشرة ليلا بالتوقيت المحلي (21:00 بتوقيت غرينيتش)، باستثناء بعض مراكز الاقتراع ببعض الدوائر الانتخابية ذات الخصوصية الأمنية بحسب هيئة الانتخابات.


وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات، أن عدد المسجلين الذين يمكنهم المشاركة في الاستفتاء بلغ 9ملايين و278 ألفا و541 ناخبا، من ضمنهم 342 ألفا و876 ناخبا مسجلا بالخارج.

 

"نهاية الربيع العربي؟"

وقالت إذاعة "فرانس أنفو" عبر موقعها الرسمي إن الاستفتاء في تونس يثير العديد من المخاوف، حيث سيقضي نهائياً على سراب الديمقراطية، وتساءلت: "هل ستكون هذه نهاية الربيع العربي، الذي بدأ في البلاد قبل أحد عشر عامًا؟".


وبحسب الإذاعة، سيسمح الدستور، الذي اقترحه قيس سعيّد، للرئيس التونسي بالتمتع بصلاحيات واسعة دون رقابة، مما يمثل قطيعة مع النظام البرلماني الهجين الذي تأسس في عام 2014.


وقالت "فرانس أنفو" إن تونس تقع في قبضة أزمة سياسية خطيرة منذ أن منح الرئيس قيس سعيّد نفسه جميع السلطات قبل عام ويوجهها بمرسوم. 

 

"الانجراف الاستبدادي"


أما صحيفة "لوباريزيان"، فاعتبرت أن الاستفتاء في تونس مهم في ظل خطر "الانجراف الاستبدادي" الذي يطرح مشروع الدستور الجديد الذي اقترحه سعيّد.


وقالت إن التونسيين مدعوين للتصويت الاثنين لإقرار دستور جديد، في وقت تدعو فيه المعارضة للمقاطعة، معتبرة أن الدستور الجديد سيعيد هذه الديمقراطية الفتية إلى نظام رئاسي متطرف.


وأضافت: "ما هو على المحك في الاستفتاء الذي سيجري الاثنين في تونس ليس النتيجة، حيث يشير مراقبون إلى التصويت بـ "نعم" على نطاق واسع، بل نسب الإقبال، حيث يبدو أن الناخبين غير مهتمين بالاقتراع".


ومع ذلك، يعد هذا تصويتًا حاسمًا لهذه الديمقراطية الفتية التي فتحت الباب أمام الربيع العربي في عام 2011، وأطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي من السلطة، بحسب الصحيفة.


حوالي 9.3 مليون ناخب (لعدد سكان يبلغ 12 مليون تونسي) مدعوون بالفعل للتصويت على الدستور الجديد ، المصمم خصيصًا للرئيس قيس سعيد ، 64 عامًا.

كما اعتبرت أن الدستور الجديد يمكن أن "يفتح الطريق أمام نظام ديكتاتوري"، حيث يسمح هذا المشروع، الذي صاغته لجنة من الحقوقيين والخبراء، لكن أشرف عليه في النهاية قيس سعيّد نفسه، لأن تكون السلطة التنفيذية منوطة بالكامل بالرئيس، الذي يعين بالتأكيد رئيسًا للحكومة، لكنه يعينه ويمكنه الإلغاء دون المرور عبر البرلمان .

 

أزمة اقتصادية


وسابقًا، وفقا لقوس الديمقراطية منذ عام 2011، يتم اختيار رئيس الوزراء بالاتفاق مع الأحزاب الأكثرية أو الأكثر نفوذاً في المجلس، كما هو معتاد في النظام البرلماني.


يشعر البعض الآن بالقلق من عودة نظام رئاسي متطرف، أو حتى "ديكتاتورية" عهد بن علي، حيث سيكون هناك انجراف استبدادي باعتبار أن كل السلطات ستكون في أيدي الرئيس الذي يعين الحكومة.

كما أشارت الصحيفة إلى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس، وقالت إن سعيّد منح نفسه سلطات كاملة، حيث كان هذا الشعبوي بلهجات وطنية، قد شرع بمرسوم، وأطلق خطة واسعة لمكافحة الفساد، وقوض استقلالية القضاء وهيئات الدفاع عن الحريات العامة، قبل حل مجلس النواب في آذار/ مارس الماضي. وعلى الرغم من أنه عيّن امرأة، نجلاء بودن، كرئيسة للوزراء لأول مرة، إلا أنه ترك مساحة صغيرة لها للمناورة.


وقالت إن حملة الاستفتاء، التي كانت سرية إلى حد ما، بالكاد حشدت التونسيين، الذين واجهوا أزمة اقتصادية خطيرة لا نهاية لها، حيث تؤثر البطالة على 40٪ من الشباب، ويوجد في البلاد 4 ملايين فقير، بمعدل واحد من كل ثلاثة سكان.


وختمت بالقول: "في عام 2011، بدأت الثورة بإحراق بائع فواكه وخضروات شاب من مدينة سيدي بوزيد. ليس الاستفتاء الدستوري اليوم هو الذي سيخرج البلاد من الركود الاقتصادي".

 

تحول سلطوي

وقالت صحيفة "تلغرام" إن الاستفتاء في تونس سيكون حاسما لمستقبل هذه الديمقراطية الفتية، حيث يجب على الشعب التونسي أن يقرر الاثنين، في نهاية حملة لم تحدث ضجة كبيرة، بشأن دستور جديد يمنح المزيد من الصلاحيات لرئيس الجمهورية، فيما يخشى العديد من الخبراء حدوث تحول سلطوي.


واعتبرت أن الاستفتاء، الذي يحظى بفرصة جيدة لاعتماده، سيشكل نقطة تحول لهذه الديمقراطية الفتية من خلال إعادتها إلى نظام رئاسي متطرف، مع خطر الانجراف الديكتاتوري.

 

اقرأ أيضا: بدء الاقتراع بتونس على الدستور الجديد.. ترقب لنسب المشاركة

وأضافت: "يشعر المعارضون والخبراء بالقلق من العودة المخطط لها إلى نظام رئاسي متطرف، مما يخالف النظام البرلماني الذي تأسس بعد سقوط الدكتاتور بن علي في عام 2011، والذي جعل البلاد الديمقراطية الوحيدة الناتجة عن الربيع العربي.

 

نظام رئاسي

 

وقالت صحيفة "لا كروا" إن تونس شهدت عامًا من تركيز السلطات والتحضير لهذا الاستفتاء من خلال استشارة وطنية عبر الإنترنت، والتي جمعت 5 بالمئة فقط من الناخبين. 


بالنسبة للعديد من المحللين، تمثل هذه الانتخابات خطرًا، لأن اعتماد هذا الدستور الذي يريده قيس سعيد من شأنه دفع تونس إلى نظام رئاسي، خلافًا للنظام شبه البرلماني الذي تأسس بعد ثورة 2011، بحسب الصحيفة.


وأشارت إلى أن الاستفتاء الذي يتم خلال العطلة الصيفية، في فترات الحرارة الشديدة، والذي يستبعد الكثير من الأصوات، قد يؤدي إلى امتناع كبير عن التصويت.

 

فرعون تونس

 

وفي تقرير لها بعنوان "فرعون قرطاج" أشارت صحيفة "لوبوان" الفرنسية إلى أنه خلال عام واحد سيكون  قيس سعيد قد قام  بتدمير كل الضوابط  والتوازنات وصاغ دستورا وأقام جدرانا تحمل حكما استبداديا جديدا.


أضاف التقرير أنه في الخامس والعشرين من الشهر الجاري تم استدعاء التونسيين إلى صناديق الاقتراع من أجل المصادقة على الدستور الذي يريده والذي أكد بالنص على أن النظام سيكون رئاسيا بالكامل.


أضاف التقرير أنه بعد ثلاث سنوات من انتخابه ، وبعد عام واحد من انقلابه، لا يزال  سعيد يحتفظ بالدعم ، لكن السجل الاقتصادي والاجتماعي غير موجود لأن   مكافحة الفساد لم تقدم ذرة واحدة عندما كان من المفترض أن تجلب "المليارات". 


وأوضح  أنه في غضون 48 ساعة، سيكون للرئيس سلطات كاملة مطلقة ، وسوف تسود "النعم" للدستور الجديد، بعد أن دعت المعارضة إلى مقاطعته لذا يمكن أن تكون المشاركة منخفضة للغاية وبناء عليه  سينتقل سعيد من أستاذ جامعي الي إلى  فرعون.


وفي تقرير لصحيفة "موند أفريك" بعنوان "الاستفتاء التونسي على الدستور الجديد بين السلطوية والشريعة"، أدان جزء كبير من المجتمع المدني والأحزاب السياسية على الفور نصا مناهضا للديمقراطية ينهي الفصل بين السلطات، مما يجعل الدولة ضامنا لاحترام مبادئ الإسلام.


في هذا السياق، يحتج جميل صياح، أستاذ العلوم السياسية والخبير في القانون الدستوري التونسي، الذي لطالما كانت العلمنة أساسا له، مشيرا إلى أن هذا الدستور  يمحو تماما تاريخ الشعب التونسي والتقاليد السياسية للبلاد.


وأشار التقرير إلى أن الصياغة الجديدة للدستور لها آثار ملموسة، لا سيما عدم التوافق بين تطبيق النظام الأخلاقي الديني وحماية الحريات الفردية. كما أكد العديد من المفكرين على الطبيعة الغامضة للصياغة المعتمدة، مما يترك مجالا لعهد التعسف.

وفي مقال نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية بعنوان "قيس سعيد يضع الأساس لتوجه أيديولوجي من النوع القومي العربي" يرى المحلل السياسي ميشيل كاماو أن قيس سعيد دستوري يقطع عن الدستورية وأنه من المؤكد أنها تغذت إلى حد كبير من التقاليد الدستورية الفرنسية، لكنها كانت دائما تتجه نحو الشرق، حيث ستدفعه رؤيته إلى تفسير بعض الأحكام التي تبنتها الدول العربية والإسلامية على أنها نتاج للإمبريالية.


بالنسبة له، يضع قيس سعيد، بدستوره، الأساس لتوجه أيديولوجي من النوع القومي العربي، حيث يتم أخيرا تقديم الدستورية بالمعنى الدقيق للكلمة على أنها منتج غربي غير ملائم للمجتمعات العربية.


التعليقات (2)
غزاوي
الثلاثاء، 26-07-2022 06:15 ص
مجرد تساؤل. ما أوقح الغرب !!!؟؟؟ افتتح المقال بما نصه: "أعربت وسائل إعلام فرنسية عن تخوفها عن مآل الديمقراطية في تونس..." انتهى الاقتباس. الإعلام نسي الارتباط الوثيق وتأييد حكومات بلاده للأنظمة العربية الغير ديمقراطية. وأنه غداة انتفاضة الشعب التونسي أرسلت حكومته وزيرة الخارجية ميشال آليو ماري آنذاك إلى بن علي لدعمه بما يشتهي من تصريحات سياسية وأسلحة قمعية. واضطرت بعدها للاستقالة بسبب تلك الزيارة التي حاولت أن تدعي أنها كانت "خاصة".
أبو فهمي
الثلاثاء، 26-07-2022 05:00 ص
يتكلمون وكأنهم بعيدين جدا عما يجري في تونس أو الجزائر أو المغرب أو ليبيا مثلا!!!!!!!!!!!!!!!!. منذ متى يريدون للعرب والمسلمين خاصة الحرية والديمقراطية وهم الذين اجتمعوا عليهم في 1907؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ز اضحكوا على أنفسكم والرعاع أمثالكم . طبعا سيسقطون الربيع العربي - الذي لم يخططونه - ليبقى """ الجربانين """ عبيدا لهم.