أفكَار

التصوّف والتشيّع: أي علاقة بينهما.. وهل الأول قنطرة للثاني؟

هل يشكل التصوف بوابة للتشيع فعلا؟ آراء باحثين وخبراء
هل يشكل التصوف بوابة للتشيع فعلا؟ آراء باحثين وخبراء

يشيع في أوساط دينية تنتمي للسلفية المعاصرة اعتبار التصوف قنطرة للتشيع، وبابا يلج منه دعاة التشيع إلى أوساط أهل السنة، وهو ما يؤكده مشايخ ودعاة سلفيون في كتاباتهم وأحاديثهم ودروسهم على سبيل التحذير من التشيع والتصوف معا. 

وفي هذا الإطار حذر الداعية السلفي الأردني مشهور حسن سلمان، في أحد دروسه السابقة من التشيع والتصوف بوصفهما وجهين لعملة واحدة، "ولا يستطيع الشيعة الدخول إلى بلد من بلاد المسلمين (يقصد أهل السنة) حتى يشيع فيها التصوف، فأكبر قنطرة لدخول الشيعة التصوف" على حد قوله. 

 



وأشار إلى أن أحد الباحثين العراقيين، واسمه محمد كمال الشيبي، أثبت في رسالته للدكتوراه، في خمسينيات القرن الماضي، "بأدلة قاطعة أن التشيع والتصوف وجهان لعملة واحدة، كما ذكر سلمان أن الباحث السلفي الكويتي الدكتور فلاح مندكار، كانت رسالته لنيل درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية عام 1990م، بعنوان "العلاقة بين التشيع والتصوف"، ونُشرت لاحقا في كتاب بالعنوان ذاته. 

في رسالته المذكورة، خصص الباحث الكويتي مندكار فصولا وأبوابا لإظهار أوجه الشبه بين التشيع والتصوف، "فالتشيع والتصوف قد اشتركا في التستر والتظاهر والعمل تحت مظلات أصول دينية شرعية عظيمة المحبة في نفوس المسلمين عامة، فتستر الشيعة وتظاهروا بحبهم آل البيت، وتستر الصوفية وتظاهروا بالزهد والورع، ولكن وكما أن الفرق بين التشيع الأول والتشيع كما استقر في أواخر العصر الأموي، وأوائل العباسي عظيم، فكذلك الفرق بين الزهد والتصوف، وإن ادعى كل فريق منهم ما ادعاه من الأصالة والتاريخ". 

ومن وجوه التشابه الأخرى بين التشيع والتصوف، حسب الكتاب أنه "يشترك التشيع والتصوف في كثير من المناهج التعليمية، والطرق التربوية المتبعة، في تربية أفرادهم وأتباعهم وتضليلهم عن الحق وأهله، فقد اعتمد كل فريق منهم على الدعاوى، وجعلوا منها أدلة ونصوصا يستدلون بها على أنها وقائع تاريخية وأدلة شرعية تؤيد مزاعمهم في النشأة والأصالة، وصحة المناهج والمبادئ العلمية والعملية، كما أنهم اعتمدوا جميعا على التزوير والكذب، فكم زوروا في الوقائع التاريخية، وكم كذبوا على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم.." وفق عباراته.

 



ويرى الباحث الكويتي السلفي مندكار أن الشيعة والصوفية "زعموا أن النصوص الشرعية لها ظاهر وباطن، وجعلوها نظرية مسلمة يلجأون إليها عند تعارض بعض النصوص الشرعية الثابتة ببعض مذاهبهم وعقائدهم، فيزعمون أن لها تفسيرا غير ظاهرها المتبادر إلى الأذهان والعقول، تفسيرا باطنا لا يدركه إلا أهله ممن وقع في أوحال الرفض والتصوف، وشرب من نتن منابعها..". 

وتابع: "وأضافوا إلى بدعتهم هذه ما يتأيد به باطلهم بزعمهم، فأعلنوا نظرية العلم اللدني، فقالوا بأن الله تعالى قد خصهم بعلم لا يكتسب، ولا يؤخذ بالتعلم والتلقي، وإنما هو من لدن المولى تبارك وتعالى يخص به من يشاء من عباده من أهل الرفض أو التصوف بزعمهم، وقد جعل المنحرفون من هذه النظرية مأوى لجميع مخالفاتهم الشرعية في العقائد والعبادات، بما زعموه لأنفسهم من مصادر تشريعية خاصة كالأخذ عن الله تعالى مباشرة يقظة ومناما، وحيا أو هتافا أو إلهاما، وكذلك الأخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم..". 

في مناقشته لتلك المقولات التي تشيع في أوساط سلفية، ويرددها مشايخ ودعاة سلفيون بكثرة، وصف الداعية والباحث في العلوم الشرعية، الدكتور معاذ سعيد حوّى مقولة "التصوف قنطرة للتشيع" بـ"الكاذبة، وهي ناشئة عن تصديق الاستعمار والمستشرقين الذين روجوا بعض الكتب التي لا تمثل التصوف السنّي، وزوروا بعض المخطوطات الصوفية، وأشاعوا بعض العبارات المرفوضة سنيا وبالتالي صوفيا". 

 

                    معاذ سعيد حوّى.. باحث في العلوم الشرعية

وأضاف: "ويكفي كنموذج للتدليل على أن الصوفية غير الشيعة، أن الغزالي والنووي صوفيان، وعقائدهما عقائد الأشاعرة وهم من أهل السنة، والغزالي فضح الباطنية التي تفرخت من الشيعة، ومثال آخر: الدولة العثمانية وهي صوفية ماتريدية، وهم من أهل السنة، ومعلوم حرب الصفويين الشيعة عليهم، وما زالت مئات كتب مناهج الدولة العثمانية المدرسية موجودة، وهي واضحة التباين عن التشيع، وهي مطابقة لعقائد أهل السنة". 

وتابع لـ"عربي21": "ومثال ثالث: والدي (الشيخ سعيد حوّى) أشعري حنفي، وكتبه تشهد بذلك، وكان أول من حذر من تشيع دولة الخميني، وحذر من عقائدهم في رسالته (الخمينية شذوذ في العقائد والمواقف)، والصوفية مكون أساسي من مكونات أهل السنة، فالسني له عقيدة وفقه وسلوك، وهو التصوف، فكل سني صوفي، وكل صوفي سني، ومن خرج عن ذلك إلى التشيع فلا يحسب على التصوف أصلا". 

واستدرك: "لكن من أراد أن يتلقط كلمات من هنا وهناك، فسيجد، لكنها لا تمثل التصوف السني، وهي قليلة، وليست من الكتب المعتمدة في التصوف، كما أن الشيعة يحملون دين الإسلام بحسب زعمهم، ولديهم تصوف، والتقاء بعض تصوفهم ببعض تصوفنا، هو كالتقاء بعض عقائدنا أو فقهنا، بعقائدهم وفقههم، ولا يدل على الوحدة بيننا". 

وعن كون الصوفية يرون أن طريق الولاية لا يمر إلا عبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهو ما يجعل التصوف قنطرة وبابا للتشيع تحت ذريعة حب آل البيت، واقتصار التسلسل الصوفي عبر ذلك المسار، وصف حوّى ما يستغله "بعض الطاعنين بالتصوف كون الصوفية يرجعون في أسانيدهم إلى علي رضي الله عنه، للادعاء بأن التصوف شيعي" بأنه "قلة حياء منهم، وانحراف في نفوسهم عن حب آل البيت وعلي والحسنين، وكأن عليا ليس إماما لأهل السنة". 

وأردف الباحث حوّى، المهتم بالتصوف نظرا وعملا "ثم إن بعض طرق الصوفية ترجع إلى أبي يكر، وطرق الصوفية الواصلة إلى علي تمر بأئمة أهل السنة كالحسن البصري، وأبي حنيفة والجنيد، والرفاعي الشافعي الأشعري، والجيلاني الحنبلي فقها وعقيدة، والشاذلي المالكي الأشعري، والنقشبندي الحنفي الماتريدي". 

من جهته قال الباحث والمحقق التونسي، نزار حمادي: "من المعروف أن السلفية مذهب مخالف لأهل السنة الأشاعرة، وهم يبحثون عن أي شيء ضدهم، ومن هنا ظهرت هذه التهمة (التصوف قنطرة للتشيع)، فإذا استطاع السلفيون الربط بين التشيع والتصوف فهذا يسهل عليهم التنفير من التصوف والتشيع معا". 

 

                          نزار حمادي.. باحث ومحقق تونسي

 

وأردف: "وكذلك فإنه يصدر عن أهل التصوف ما يُعرف بالتفسير الإشاري، وهذا بينه وبين التفسير الباطني عند الشيعة شعرة رقيقة، ولهذا فإن علماء أهل السنة تباحثوا في حدود التفسير الإشاري، متى يقبل ومتى يُرد، ووضعوا لذلك قواعد للتمييز، وأهل السنة لا يسلكون مسلك الشيعة في تفسيراتهم الباطنية، وهناك تباين كلي بين التفسير الإشاري عند المتصوفة والتفسير الباطني عند الشيعة". 

وردا على سؤال "عربي21" حول ما يقال عن وجوه التشابه والالتقاء بين الصوفية والشيعة، أكدّ حمادي أن "التصوف السني مشروط بشروط صارمة، إذ لا بد أن تكون عقيدة التصوف عقيدة صحيحة، ولا يمكن أن يجتمع التصوف والتشيع، لأن التصوف مشروط بصحة الاعتقاد". 

وأضاف: "التصوف السنّي جار على عقائد أهل السنة، ففي المفاضلة بين الصحابة الكرام، هم ينهجون منهج أهل السنة في ذلك، فأبو بكر ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وعلى هذا أئمة التصوف الكبار وسائر الطرق الصوفية، ولا يمكن أن يكون التصوف المنحرف حجة على التصوف السني الصحيح". 

وشدد حمادي في ختام حديثه على أن "التصوف السني مشروط بصحة الاعتقاد، ولا يمكن لمن كان اعتقاده فاسدا أن يشم رائحة الولاية، فالولاية والتصوف مشروطان بذلك، وأقوال أئمة التصوف ومواقفهم معروفة ومشهورة في رفض عقائد الشيعة، والتحذير من أفكارهم ومقولاتهم". 


التعليقات (4)
.
الإثنين، 04-09-2023 11:48 ص
عجيب!! الصوفية منسوبين لأهل السنة والجماعة، وجعلتم منهم شيعة.. رغم انهُ ليس هنالك اوجه تشابه واختلاف كما زعمتم.... كما ان هنالك اوجه تشابه بين الشيعة والسنة ايضاً مثلاً انتم بنيتم مراقداً للصحابة ك عمر وابا بكر والخ.. مثلنا... ورممتموها... وامر لخر اذا كنتم تكرهون الصوفيين لماذا تقدسون الشيخ عبد القادر الجيلاني، واحببت ان اذكركم بان فرقة داعش الارهابية كانت تدعي انها من اهل السنة والجامعة وكانوا يقتلون الشيعة بشكل مباشر وبدون اي تريث حينما كانوا يعلمون انهم شيعة.. واحببت ان اذكركم ان الشيعة هي من حررت الموصل والذي هم اغلب اهلها من اهل السنة، لم تحررها السعودية، لاحول ولا قوة الا بالله.
ثابت
الثلاثاء، 19-07-2022 05:43 ص
التشيع والتصوف يختبآن خلف """ أل البيت النبوي الشريف """ وكل هذه الملل والنحل أصلها """ الخوارج """, والخوارج أتباع """ ابن سبأ """ أو التحفو به ليشقوا عصا الطاعة للخليفة والتاريخ موجود لمن أراد المعرفة. الموضوع الأساسي هو """"" الاسلام """"" خاتم الأديان والمصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين هو آخر النبيين والحمد لله. القرآن لا يستطيع أحد الخوض فيه - حاول اليهود منذ ظهر الاسلام ووجود المصطفى ولم يستطيعوا فعل شيء ولكن خبثهم المشهورون به أنتج ابن سبأ والى ما وصل اليه المسلمون الآن. لقد خلق رب العالمين الجن والانس """ لعبادته """ وليس لعبادة انسان أو غيره ووضع الشريعة - القوانين - التي أمر بها ونفذها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ونفذها البعض من بعده وشذ آخرين وكله بأمر رب العالمين فاصبحوا يتبعون مللا ونحلا أوجدها """ انسان """ وأصبحوا يؤمنون به لأنه الفقيه بينهم وهم جهلة لا يقرؤون. ومنذ اللحظة الأولى للخوارج وابن سبأ """ تمسحوا """ بآل البيت الشريف لاستغلال الجهلة وألفوا أحاديث عن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين دفعوا أرواحهم - بالغدر بهم - وكان آخرهم الملك فيصل في العراق. آل البيت الشريف لا علاقة لهم بهذه الملل والنحل على الاطلاق ومن """ يتمسح """ بهم وندعو المسلمون بالعودة الى كتاب الله وسنة رسوله التي هي من كتاب الله جل جلاله فهو الذي لا ينطق عن الهوى.
احمد
الإثنين، 18-07-2022 06:11 م
(( تبدأ قصة ظهور الدولة الصفوية مع التصوف الذي انتشر على الأراضي الإيرانية بعد الغزو المغولي لها في القرن الثالث عشر الميلادي، هذا التصوف الذي مزج بين التسنن الشافعي وحب آل بيت النبي الكريم وخاصة سيدنا "علي"، والذي سهّل التعامل بين المذاهب السنية والشيعية المختلفة، فالمتصوف يرى لقاء الله هو الهدف الأسمى وليس في اختلاف المذاهب والطرق أثرًا في هذا، ولكن رغم ذلك فغالبية تلك المناطق من أهل السنة الشافعية وكان المتشيعة قلة يتركزون في بعض المدن مثل "إقليم خراسان" و"قم"، و"قزوين"، و"هراة". )) انتشرت الطرق الصوفية وكان من بينها الطريقة التي أسسها الشيخ "صفي الدين الإردبيلي" (1252-1334) التركماني السني الشافعي والتي عُرفت بالطريقة الصفوية نسبة إليه، واستطاعت الطريقة خلافًا لغيرها من الطرق أن تتحول إلى حركة ثم إلى تأسيس دولة وسلالة حكم امتدت من عام 1501 حتى 1736، واستطاع أبناؤه وأحفاده من بعده تأسيس بنية هرمية للحركة وقفوا فيها على منصب شيخ الطريقة الأكبر. تطورت الطريقة الصفوية وجذبت أتباعا كُثر، حتى أضحت قوة سياسية نافذة في شمالي غرب إيران وشرقي الأناضول في القرن الخامس عشر، خاصة مع تحول الطريقة من الوعظ إلى الجهاد والتشيع مع أحد أحفاد الشيخ صفي الدين وهو "الجنيد" (ت 1460) الذي مثّل نقلة في تاريخ الحركة؛ أدت إلى إعلان حفيده إسماعيل الأول المعروف باسم "الشاه إسماعيل" (1487-1524) قيام الدولة الصفوية الشيعية وتعيين نفسه كأول ملك لها، والقيام بتجميع جنود الحركة الذين عرفوا بعد ذلك باسم "القزلباش" في جيش تحت قيادته، ولعل الدافع القوي الذي دفع إسماعيل لإعلان دولته على التشيع هو تمييزها عن الدول السنية المجاورة لها، وكان فرض التشيع بكل الوسائل المتاحة -كما سنرى- يهدف لإيجاد انسجام ديني ومذهبي داخل المجتمع الإيراني الذي تحكمه الدولة الجديدة ....)) منقول .... و بعباره اخرى ان ايران ما كانت لتتشيع لولا غلبه الصوفيه عليها اما شتم الوهابيه بحجه تمييزهم عن اهل السنه فهو اسلوب باطني شيعي خبيث من عايش الشيعه يعرفه جيدا ... الوهابيه مهما اخطأوا فهم من اهل السنه و الجماعه في حين الشيعي ليس ولن يكون من اهل السنه بعقيدته الفاسده و بأستباحتهم لدماء اهل السنه منذ ظهورهم كحركه و لعل تحالفهم مع الامريكان في العراق خير دليل و بعدها استباحوا مناطق اهل السنه بالقتل و التهجير و نشر الخراب ومن عاش بالعراق و شاهد جرائم الشيعه لا يقول الا بكفرهم ..
محمد
الإثنين، 18-07-2022 04:01 م
اهل السلف الوهابية ليسوا من اهل السنة بل خوارج يفرضون انفسهم على اهل السنة ويخطئون ويكفرون السنة والشيعة. لا اعرف لماذا تمنح الموقع لانسان مريض كهذا يعيش على اقصاء الاخرين منصة للخطاب مع ان مذهبه المريض المنحرف يحرم اعطاء الاخرين حق التفكير او تبني راي مخالف لما يفرضه على الناس كامر واقع