ملفات وتقارير

ما هي فرص استمرار الهدنة "الهشة" في اليمن؟

الشجاع: بدلا من الحديث عن جوهر المشكلة أصبح الحديث عن التفاصيل والجزئيات الصغيرة كفتح معبر أو طريق- جيتي
الشجاع: بدلا من الحديث عن جوهر المشكلة أصبح الحديث عن التفاصيل والجزئيات الصغيرة كفتح معبر أو طريق- جيتي

تتسارع الأحداث في اليمن، وتتشابك خيوطها، في ظل تصاعد العمليات القتالية رغم الهدنة السارية، وفشل مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ في إقناع جماعة الحوثي بمقترحاته بشأن فتح طرقات تعز، جنوبا، وهو ما يثير أسئلة عن إمكانية استمرار الهدنة التي جرى تمديدها في وقت سابق من الشهر الجاري.

وكان غروندبرغ قد وصل صنعاء في 8 من حزيران/ يونيو الجاري، لإجراء مباحثات مع قيادات جماعة الحوثي بشأن الاتفاق على مقترحاته المقدمة حول فتح الطرق والمعابر في مدينة تعز، إلا أنه غادرها بعد 24 ساعة من زيارته، من دون الإعلان عن أي نتائج.

واعترف المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، بأن الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في اليمن هشة، لكن يمكن البناء عليها.

وقال المبعوث الأمريكي في حديث له خلال مناقشة الجهود الإقليمية والأمريكية في اليمن ضمن جدول أعمال منتدى اليمن الدولي الذي ينعقد في العاصمة السويدية ستوكهولم، في الأيام الماضية: "إن الجميع يتفق بشدة على أن الهدنة لا تعالج الأسباب الجذرية للحرب في اليمن"، معربا عن قلقه من إمكانية التراجع عن الهدنة الهشة.

"هدنة وليست سلاما"

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع، إنه من المؤسف أن يتحول الحديث من إنهاء الانقلاب إلى إقناع الحوثي بالهدنة، واعتبار ذلك نصرا عظيما للأمم المتحدة وأمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات والمجلس الرئاسي.

وأضاف الشجاع في حديث لـ"عربي21": "بدلا من الحديث عن جوهر المشكلة، أصبح الحديث عن التفاصيل والجزئيات الصغيرة كفتح معبر أو طريق".

وأشار إلى أن المبعوث الأممي "لم يفشل في إقناع الحوثيين، لأنه لا يريد إقناعهم، مؤكدا أن الهدنة لم تصنع لأجل المضي نحو السلام، بل صنعت لكي يأخذ الحوثي نفسه ويحشد مقاتلين جددا ليلقي بهم في تهلكة مأرب وتعز".

وبحسب الأكاديمي اليمني، "لو أن الأمم المتحدة جادة في صناعة الهدنة، لأرسلت فريق مراقبة يرصد الخروقات ويسجلها على الطرف الخارق لها".

ومضى قائلا: "لا توجد هدنة بين طرفين متحاربين عبر التاريخ دون فريق أممي يراقب وقف إطلاق النار، ويكون على التماس، إلا في اليمن ومع الحوثي تحديدا".

وأردف: "ولو كانت الأمم المتحدة جادة في ذلك، لأوضح مبعوثها من الذي يعرقل ويمنع جهود السلام".

كما بيّن أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء أن المجلس الرئاسي كبل اقتصاديا، وفخخ بالمليشيات المتصارعة والمتنافسة والمختلفة على المشروع الوطني، وأعطي مهمة واحدة هي تقديم التنازلات للحوثي.

وقال الشجاع إن الحرب مستمرة، والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية غير جادتين بتحقيق السلام؛ لأنهما تسعيان إلى سلام يثبت الأمر الواقع، وليس السلام الدائم والعادل والشراكة الوطنية.

 

اقرأ أيضا: مقتل 4 جنود بمواجهات بين الجيش و"الحوثي".. وغضب في تعز

"فرص قليلة جدا"

من جانبه، يؤكد أستاذ إدارة الأزمات والصراعات بجامعة الحديدة، غربي اليمن، نبيل الشرجبي، أن فرص تثبيت الهدنة قليلة جدا في المراحل القادمة، خاصة إذا لم يتم تحقيق اختراق جوهري في حل القضايا الشائكة.

وقال الشرجبي في حديثه لـ"عربي21": "جماعة الحوثي كانت قد أعطت موافقة سابقة على تثبيت الهدنة السابقة بشروط، منها القضايا الإنسانية، وهو ما لم يتم عمل أي شيء بخصوصها، وهذا قد يدفع الحوثيين إلى رفض تمديد الهدنة إلا بشروطهم".

وفيما يتعلق بموقف المبعوث الأممي، فأشار الأكاديمي اليمني إلى أن الرجل يقود مساعي حميدة أكثر منها إجراء عمليات تفاوض صعبة، خاصة أنه يقوم بنقل أفكار الطرفين لبعضهم لمحاولة إيجاد ثغرة يستطيع منها أن يتقبل كل طرف ما يطرحه الطرف الآخر".

وتابع: "هذا الأسلوب في التفاوض يطغى على العاملين في المنظمات الدولية؛ لأنه يزيد في المدى الزمني لبقاء المبعوثين في مناصبهم".

وما يؤكد هذه الجزئية، وفقا للمتحدث ذاته، هو "قيام المبعوث الأممي بمحاولات متكررة بالاستعانة ببعض الأطراف المنظمة لإجراء عمليات عصف ذهني لمختلف الأطراف اليمنية، لعل وعسى أن ينتج منها شيء ما لصالح العملية التفاوضية".

وقال أستاذ إدارة الأزمات بجامعة الحديدة: "كان من المتوقع أن يفشل المبعوث الأممي في مسعاه تجاه الحوثيين، وذلك لقناعة الجماعة التامة بأنه لم يعد لدي كل الأطراف أي إمكانية لممارسة أي ضغوط عليها، ولو في حدها الأدنى".

وأكمل: "كما أن قراءة الحوثيين لمخرجات العملية التفاوضية تعطي مؤشرات هامة لهم، تتمثل في أن المجتمع الدولي -بما فيه الأطراف المؤيدة للشرعية- لن تذهب في حال فشل التفاوض إلى اتخاذ مواقف أشد مما سبق".

وحول موقف المجلس الرئاسي من كل ذلك، يرجع الأكاديمي الشرجبي ذلك بأنه نتاج حالات الفشل والعجز العام والشامل الذي يتسم به موقف الشرعية وشرعية حكومته.

ولفت إلى أن الرئاسي اليمني بلا موقف موحد، ولا يمتلك قرارات الحرب والسلام، إضافة إلى تخليه عن أهم أدواته الإكراهية المتمثلة في "الجانب العسكري" بكل أبعاده.

كما قال إن المجلس أيضا يفتقر لخطة استراتيجية ضاغطة للعملية التفاوضية أو حتى لتغيير المعادلات السياسية والاقتصادية، فضلا عن افتقاره لفريق مؤهل لإدارة المفاوضات من الناحية الصراعية.

ويكفى أن نشير إلى "عدم تواجد أي من القيادات الميدانية، سواء كانت عسكرية أو سياسية، في لجان التفاوض، ناهيك عن التغيير المستمر بين جولة وأخرى للفريق المفاوض، وكأن تشكيل ذلك الفريق أصبح خاضعا لعملية التقاسم بين أجنحة الشرعية"، وفق ما ذكره الشرجبي.

وبعد نحو أسبوعين من المحادثات في العاصمة الأردنية عمّان بين الأطراف اليمنية بشأن فتح الطرق في مدينة تعز ومناطق أخرى، وصلت هذه المحادثات إلى طريق مسدودة، وفشلت في تحقيق أي اختراق سوى طرح مقترح المبعوث الأممي، وافقت عليه الحكومة المعترف بها، ورفضه الحوثيون.

وفي مؤشر على اتجاه الحوثيين إلى المزيد من التصعيد، اتهمت قوات الجيش التابعة للحكومة المعترف بها، الجماعة بإرسال المزيد من الحشود العسكرية إلى محافظتي مأرب وتعز، بالتوازي مع رفع وتيرة الانتهاك للهدنة الأممية على الأرض.

والجمعة، أعلن الجيش اليمني مقتل 4 من جنوده وإصابة 17 آخرين خلال 3 أيام، في حصيلة للاشتباكات مع جماعة الحوثي في مختلف جبهات القتال، رغم سريان الهدنة بين الطرفين.

ومطلع حزيران/ يونيو الجاري، وافقت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي على تمديد هدنة إنسانية في البلاد لمدة شهرين، بعد انتهاء سابقة لها مماثلة بدأت في 2 نيسان/ أبريل الماضي.

ومن أبرز بنود الهدنة؛ إعادة تشغيل الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء، وفتح الطرق في مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون منذ 7 سنوات.

ومنذ أكثر من 7 سنوات، يشهد اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات، بينها صنعاء منذ أيلول/ سبتمبر 2014.

التعليقات (0)