صحافة دولية

صحيفة: أمريكا تضحي بالديمقراطية لمحاربة نفط روسيا

السلطات الأمريكية منحت شركة النفط الأمريكية "شيفرون" ترخيصًا للتفاوض بشأن الأنشطة المستقبلية المحتملة في فنزويلا- أ ف ب/أرشيفية
السلطات الأمريكية منحت شركة النفط الأمريكية "شيفرون" ترخيصًا للتفاوض بشأن الأنشطة المستقبلية المحتملة في فنزويلا- أ ف ب/أرشيفية

نشرت صحيفة "فيزغلياد" الروسية تقريرًا قالت فيه، إن فنزويلا -التي تعتبرها واشنطن أحد الأنظمة المناهضة للديمقراطية في أمريكا اللاتينية- قد تصبح شريكًا للولايات المتحدة، والسبب في ذلك هو الأزمة الاقتصادية وأزمة الوقود في الولايات المتحدة نفسها، والتي أعادت الاهتمام الأمريكي بالودائع النفطية الفنزويلية.

وتساءلت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، هل يغفر الرئيس مادورو مظالم الأمريكيين الماضية وماذا يمكن أن يعني هذا بالنسبة لروسيا؟

وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن وافقت على استئناف العمليات في فنزويلا من قبل شركات النفط الأمريكية والأوروبية، وذلك حسب تصريح لنائبة الرئيس الفنزويلي ديلسي رودريغيز، والتي قالت: "لقد تحققت الحكومة الفنزويلية ويمكن أن تؤكد أن الولايات المتحدة سمحت لشركاتها والشركات الأوروبية بالتفاوض واستئناف العمليات في فنزويلا"، وأشارت أيضًا إلى أن "فنزويلا تأمل في أن تبدأ الولايات المتحدة بعد هذا القرار في التحرك نحو الرفع الكامل للعقوبات غير القانونية"، وعلى هذه الخلفية؛ أفاد رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية، خورخي رودريغيز، أن السلطات الفنزويلية استأنفت المفاوضات مع المعارضة.

وقالت الصحيفة إنه عُرِفَ لاحقًا أن خورخي رودريغيز، الذي ترأس الوفد الحكومي في المفاوضات مع المعارضة، عقد أول اجتماع منذ أكتوبر مع جيراردو بلايد، ممثل المعارضين، في العاصمة المكسيكية.

وبحسب رودريغيز، فقد حدد الاجتماع "خططًا للمستقبل"، ونقلت عنه ريا نوفوستي قوله: "إننا نحافظ على روح مدينة مكسيكو".

 

اقرأ أيضا: بايدن قد يلتقي ابن سلمان لأول مرة الشهر المقبل

وأوضحت الصحيفة أن المفاوضات بين السلطات الفنزويلية والمعارضة في مكسيكو سيتي توقفت في أكتوبر 2021، بعد عدة جولات بسبب تسليم الدبلوماسي الفنزويلي، أليكس صعب، إلى الولايات المتحدة.

وتلفت الصحيفة إلى أن السلطات الأمريكية منحت شركة النفط الأمريكية "شيفرون" ترخيصًا للتفاوض بشأن الأنشطة المستقبلية المحتملة في فنزويلا، لكنها لا تتضمن العمل مع شركة النفط الفنزويلية الحكومية (PDVSA)، كما ذكرت صحيفة "الإيكونوميست البريطانية" أن البيت الأبيض يعتزم تعويض الخسائر الناجمة عن الحظر المفروض على النفط الروسي بفضل إمدادات الوقود من فنزويلا. وللقيام بذلك؛ ستحتاج الولايات المتحدة إلى رفع الحظر الشامل الحالي على واردات النفط الفنزويلي.

ونوهت الصحيفة إلى أنها كتبت سابقًا أن الولايات المتحدة تحاول بأي وسيلة خفض أسعار النفط العالمية. ولهذا، يتم استخدام أدوات مختلفة، من بينها محاولة للضغط على أوبك، مبينة أنه في وقت ليس ببعيد، على سبيل المثال، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع قانون يسمح باتهام "أوبك" بالتواطؤ والتلاعب في الأسعار. 

ومن ناحية أخرى؛ تتزامن مصالح روسيا في السوق مع العديد من الدول الأخرى المنتجة للنفط والغاز، وهو ما تم تأكيده بشكل منفصل خلال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف للجزائر وسلطنة عمان.

أما فنزويلا؛ التي تعتبر سياستها الخارجية ودية تجاه روسيا، فلديها احتياطيات نفطية كبيرة، لكن "بسبب أخطاء قيادة البلاد ونظام العقوبات الأمريكي، انخفض استخراج الموارد هناك بشكل خطير، وحتى مع التطور المثالي للأحداث، لن يتمكنوا من زيادة حجم المبيعات بأكثر من نصف مليون برميل يوميًا في المستقبل القريب"، حسب تصريح لستانيسلاف ميتراخوفيتش، الباحث البارز في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية والخبير البارز في الصندوق الوطني لأمن الطاقة. 

وأضاف ميتراخوفيتش أنه سيتعين على كاراكاس إعادة التكنولوجيا إلى البلاد، وإصلاح البنية التحتية بالكامل تقريبًا، وكذلك القضاء على التسربات النفطية الحالية، بحيث يبدو أن الشفاء التام ممكن في موعد لن يكون قبل خمس سنوات، موضحًا أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيتم رفع جميع العقوبات عن فنزويلا؟

وتتابع الصحيفة مع الخبير الروسي الذي يؤكد أن الأمريكيين يحاولون بنشاط استبدال 7.5 ملايين برميل من النفط الروسي يوميًا، ولذا فإن كاراكاس سوف تساوم مقابل كل تساهل، وفي الوقت نفسه؛ فإن التنازلات المحتملة التي قد يوافق عليها بايدن ستسبب استياءً داخل مجلس الشيوخ ولدى الجمهوريين، الذين أصروا على القيود، ويعارضون دعم اقتصاد مادورو. 

واستمر الخبير قائلًا إن الحظر المفروض على النفط الفنزويلي لا زال ساري المفعول، ومن السابق لأوانه الحديث عن إصدار التراخيص العامة، حيث إن فنزويلا نفسها - في السنوات الأخيرة - شهدت انخفاضًا حادًّا في صناعة النفط بأكملها، كما أنه ليس من الواضح عدد السنوات التي ستستغرقها كاراكاس لترميم مجمع إنتاج النفط بالكامل، لذلك سوف يحتاجون إلى استثمارات جادة للغاية، ولهذا فإن الواقع الحالي ينبئ عن أن واشنطن مستعدة للتنازل عن جزء من مصالحها في مجال "القيم الديمقراطية" من أجل التخلي بسرعة عن النفط الروسي، بحسب ميتراخوفيتش.

 

اقرأ أيضا: WP: ميزان القوى الجديد بين صعود أمريكا وحلفائها وتقهقر روسيا

ونقلت الصحيفة عن إيغور يوشكوف، الخبير في أمن الطاقة الوطني، قوله إن "الأمريكيين يريدون خفض تكلفة النفط في السوق العالمية، لذلك يبذلون قصارى جهدهم لزيادة إنتاج الموارد في البلدان الأخرى. وقد حاولوا أن يفعلوا ذلك بأنفسهم، واتفقوا مع دول أخرى على بيع الاحتياطيات الإستراتيجية، لكن أسعار النفط ارتفعت فقط. وإذا دخلت الصين اللعبة مرة أخرى في المستقبل القريب، فإن الأسعار سترتفع أكثر من ذلك"، لافتًا إلى قضية رفع العقوبات عن فنزويلا؛ حيث ستحاول الولايات المتحدة فهم، مدى استعدادات كاراكاس للذهاب إليه، لإزالة القيود.

وأشار يوشكوف، بحسب الصحيفة، إلى حالة إيران؛ حيث هدأت المفاوضات الآن، لكن دوافع واشنطن عند مخاطبة طهران واضحة، فهم يريدون زيادة إنتاج النفط بسرعة بنحو 1.5 مليون برميل يوميًّا. 

واستمرت الصحيفة مع رأي الخبراء؛ حيث نقلت عن عالم السياسة، مالك دوداكوف، قوله الذي نشره في قناته على تيليغرام: "لأول مرة؛ تمت مناقشة إعادة العلاقات مع كاراكاس مرة أخرى في آذار/مارس، ولكن بعد ذلك فشل بايدن في الاتفاق على أي شيء"، مضيفًا: "علاوة على ذلك؛ فإن الولايات المتحدة مستعدة لغض الطرف عن التعاون الوثيق بين كاراكاس وموسكو، والذي لن يؤثر عليه هذا الاتفاق، حتى أن مادورو عيّن مؤخرًا السفير السابق لدى روسيا كرئيس لوزارة الخارجية الفنزويلية"، وفي المقابل؛ ستسمح واشنطن للشركات الفنزويلية بالوصول إلى الأسواق المالية الأمريكية ورفع الحظر النفطي، وذلك في الوقت الذي ترفض فيه وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على تفاصيل الصفقة، مدركة كيف أنها تضر بسمعة الولايات المتحدة، لكن عليها أن تفعل ذلك، فقط لإنقاذ الاقتصاد. 

وقال دوداكوف إن "بايدن يريد دعوة فنزويلا لحضور قمة للأمريكتين في حزيران/ يونيو؛ حيث يعتمد نجاح إدارته في المحاولة الثانية لإقناع مادورو على التعاون إلى حد كبير على ضغط اللوبي الإسباني في واشنطن، والذي كان رد فعله سلبيًّا بشكل حاد على المفاوضات المقبلة مع كاراكاس، مضيفًا بقوله، إن هناك شيئا واحدا واضحا: "قد لا يكون لدى بايدن فرصة أخرى من هذا القبيل لتخفيف أزمة الوقود".


التعليقات (0)