صحافة دولية

FP: كيف يمكن لبايدن إعادة بناء العلاقات مع دول الخليج؟

دول خليجية رفضت طلب أمريكا زيادة إمدادات النفط العالمي- تويتر
دول خليجية رفضت طلب أمريكا زيادة إمدادات النفط العالمي- تويتر

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لمدير برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط، بلال صعب، ومديرة برنامج الاقتصاد والطاقة في المعهد ذاته، كارين يونغ، قالا فيه إنه مع ظهور التوترات بين الولايات المتحدة ودول الخليج في الأسابيع الأخيرة على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا، وتصاعد أسعار الطاقة، وهجمات الحوثيين على الأراضي السعودية والإماراتية، فإن من الواضح أنه لن تكون هناك عودة إلى شراكة أمريكية خليجية كما كانت في الماضي.

 

ولكنهما أوضحا في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أنه يمكن أن يكون هناك تفاهم جديد بين الجانبين.


وقالا إنه يمكن لواشنطن أن تتراجع عن لهجة الكفاح البيئي، وتقر بمطالب المنتج الخليجي العربي، وأعضاء "أوبك+"، لإدراجها في المناقشات حول التكيف مع المناخ، ولتحديد دور للهيدروكربونات. في المقابل، فإنه سيتعين على الحكومة الأمريكية معالجة المخاوف الأمنية الخليجية، وتقديم حماية أكثر فعالية ضد هجمات إيران ووكلائها في المنطقة.

وأوضحا أن "هذا التراجع في العلاقة، التي يمكن القول إنها وصلت إلى الحضيض، لم يحدث بين عشية وضحاها. فقد تصاعدت التوترات على الأقل منذ الانتفاضات العربية عام 2011، عندما اعتقد ملوك الخليج أن واشنطن تتخلى عنهم، وتتحالف مع القوى الإسلامية التي سعت إلى الإطاحة بهم".

 

وبعد أربع سنوات، تعزز هذا الشعور بالإهمال عندما وقعت إدارة أوباما على اتفاق نووي مع إيران، معتبرين أنه فشل في مراعاة مصالحهم الأمنية.

 

اقرأ أيضا: بلومبيرغ: دول خليجية تسعى لاتفاق أمني مع الولايات المتحدة

وأعلنت إدارة بايدن في 12 شباط/ فبراير 2021، أنها عكست تصنيف الحوثيين اليمنيين كمنظمة إرهابية أجنبية، معتبرة أن ذلك ضروري لتمكين المساعدة الإنسانية الدولية في اليمن.

 

فرأت دول الخليج، والسعودية على وجه الخصوص، في قرار الرئيس جو بايدن، إشارة إلى أنه يتجاهل المخططات التوسعية والعسكرية لإيران في اليمن.

ومع ذلك، فإن ما يبدو أنه القشة التي قصمت ظهر البعير، على الأقل بالنسبة للسعوديين والإماراتيين، ما هو إلا رد الولايات المتحدة على هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية والحوثية على أهداف مدنية في السعودية والإمارات، وفق قولها.

 

ورأى كلاهما أن رد الولايات المتحدة بطيء وغير كافٍ. ومع ذلك، فقد اعتقدت واشنطن أنها فعلت أكثر مما يكفي مؤخرا من خلال إرسال كبار المسؤولين الأمريكيين إلى المنطقة، للقاء القادة السعوديين والإماراتيين، وتفعيل الدفاعات الصاروخية الأمريكية المتمركزة في مسرح العمليات، ونشر معدات عسكرية أمريكية إضافية وتزويدها السعوديين بالمزيد من الصواريخ الاعتراضية.

وبغض النظر عن مدى جدية المسؤولين الأمريكيين في محاولة تبديد الفكرة القائلة بأن واشنطن تسترضي إيران، فإن شكوك دول الخليج العربية في نوايا الولايات المتحدة لا تزال عالية، وهذا أحد أسباب تردد السعودية والإمارات في الاستجابة لدعوات الولايات المتحدة لزيادة إمدادات النفط العالمي، وهو بند على رأس جدول أعمال الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لخفض تكاليف الوقود في الداخل، والضغط على روسيا، حيث تساعد أسعار النفط المرتفعة في عزلها عن تأثير العقوبات.

وإذا كان هناك أي دروس مبكرة مستفادة للعلاقة بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي في الحرب الروسية ضد أوكرانيا، فمن الواضح أن أحدها هو قوة العزلة المالية العالمية. وتخاطر روسيا بفقدان عمليات ميزان المدفوعات الطبيعي لأن احتياطياتها المحتفظ بها في الخارج محظورة، وصادراتها النفطية غير مرحب بها أو معاقبة، وقطاعها المصرفي مستبعد من المعاملات العادية.

 

وعلاوة على ذلك، تخرج آلاف الشركات الدولية من روسيا، من قطاع النفط والغاز إلى التكنولوجيا والمنتجات الاستهلاكية والخدمات المهنية. ومن غير المرجح أن يعودوا بسرعة، حتى لو توقف الغزو الروسي لأوكرانيا وتراجعت العقوبات.

وبالنسبة لدول الخليج، فإن قصة نموها الهائل خلال العشرين عاما الماضية، كانت نتاج فترة من ارتفاع أسعار النفط بين عامي 2003 و2014 (مع لمحة في الأزمة المالية العالمية 2008- 2009) ثم فترة من الإصلاح المالي والإصدار الاستثنائي [لسندات] الديون السيادية بين عامي 2015 و2022.

 

وتريد بعض دول الخليج العربية ضمانات أمنية أكثر رسمية من الولايات المتحدة، على غرار ما تتمتع به الولايات المتحدة مع الناتو وحلفاء آخرين في المعاهدة. لكن اتباع نهج من أعلى إلى أسفل فقط لترتيب دفاعي أمريكي أكثر استراتيجية مع أي دولة خليجية عربية ليس فعالا من الناحية العملية، ولا مجديا من الناحية السياسية. ولا يعتمد هذا على موافقة الكونغرس الأمريكي فحسب، بل يعتمد أيضا على بنية شاملة للتعاون الأمني، وكلاهما غير متاح، وفق ما أكده الكاتبان.


وقالا إن البديل الأكثر واقعية ولكنه لا يزال جديرا، هو إطار دفاع استراتيجي جديد مع دول الخليج العربية، أو على الأقل أولئك الذين يؤيدون واحدا -ليس تحالفا رسميا، ولكن آلية موثوقة للارتقاء بالشراكة الأمنية بطرق تعيد تأكيد المبادئ الأساسية، ووضع أهداف واضحة وقابلة للتحقيق للعلاقة الدفاعية الثنائية أو متعددة الأطراف.


وأضافا أنه "يمكن أن يتضمن هذا الإطار نتيجتين فوريتين وهدفين طويلي المدى لإنشاء خلية اندماج بناء على تهديد الصواريخ والمسيرات الحوثية لتزويد الشركاء العرب في الخليج بمعلومات عن الأنشطة التي قد تكون مقدمة لهجمات مستقبلية إلى جانب توفير المعلومات في وقتها الحقيقي".


وأشارا إلى أن النتيجة الثانية هي التخطيط المشترك للطوارئ مع الشركاء العرب في الخليج الأكثر استعدادا وقدرة في ما يتعلق بإيران. ولم يحدث هذا في الماضي لأسباب مشروعة. أولا، لم يكن لدى دول الخليج العربية الكثير للمساهمة من حيث القدرة العسكرية. ثانيا، لطالما انقسمت دول الخليج حول قضية إيران، وفي 2017- 2021 قطع السعوديون والإماراتيون والبحرينيون العلاقات مع قطر جزئيا، لأنهم اتهموها بالتقرب من طهران. لكن الخلاف تلاشى الآن، ولدى القيادة المركزية الأمريكية فرصة لإشراك شركاء الخليج العرب، إلى جانب إسرائيل، على الأقل في بعض عمليات التخطيط الاستراتيجي لدمج أسلحتهم الأكثر قوة والاستفادة منها، بحسب قولهما.

 

اقرأ أيضا: مناورة خليجية أمريكية بالسعودية.. "لضمان أمن المنطقة"

ولفتا إلى أن للولايات المتحدة مصلحة أساسية في الاستقرار في طرق التجارة العالمية، بما في ذلك تلك التي تحيط بشبه الجزيرة العربية، من قناة السويس إلى باب المندب عبر المحيط الهندي وبحر عمان، حتى مضيق هرمز.

 

وأنه يجب أن يتحد التعاون الأمني والتدريب، إلى جانب إزالة الألغام والدوريات، مع جهود السياسة لفرض السلامة البيئية للمياه الدولية، بما في ذلك المخاوف من التلوث المحتمل من محطات الطاقة النووية والنفايات الصناعية.


وهناك طلب عالمي متزايد على التمويل المتعلق بالمناخ، والاستثمارات الخضراء الجديدة، وإنشاء اقتصادات دائرية فعالة. وستتضرر منطقة الخليج والشرق الأوسط بشكل كبير من تغير المناخ.

 

وقالا إنه من الممكن تصور تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وشركائها العرب في الخليج. لكن ستحتاج واشنطن إلى الاعتراف بالتهديدات الأمنية الحقيقية التي تواجه الخليج من إيران ووكلائها، وستحتاج ممالك الخليج العربية إلى الاستمرار في تبني الفوائد والمخاطر السياسية المحلية المحتملة لاقتصاد سياسي عالمي مفتوح.

 

وفقط من خلال حوار أكثر فاعلية وشفافية وشمولية، بدعم من القيادة على كلا الجانبين، يمكن وضع هذه الشراكة التي دامت ثمانية عقود تقريبا على مسار جديد، وفق قولهما.

التعليقات (0)