قضايا وآراء

الإخوان وحلفاؤهم والفشل في الرئاسة

عصام تليمة
1300x600
1300x600

عاد الجدال والنقاش مرة أخرى حول الإخوان وتجربتهم في الرئاسة، بعد حوار جريدة "القبس" الكويتية مع الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر السابق، والذي قال فيه: إنه التقى مجموعة من الإخوان مع الأمريكيين حول الاقتصاد، ورأى أن من أتوا لا يصلحون لإدارة دكان، وليس دولة. وأن الرئيس محمد مرسي كان صادقا ومخلصا، ولا يستطيع أن يحكم عليه بالذكاء، أو الدخول في صراعات.

وثار النقاش ما بين شامت في الإخوان، ورافض له، أو محايد يرى أن الكلام صحيح، ولكنه كان يمكن أن يقال بطريقة أفضل، وبين مشكك في النوايا والتوقيت للكلام، وكأن المشتغل بالسياسة لا بد من تفسير توقيت كلامه، وبغض النظر عن ردود الأفعال حول الحوار، إلا أن أصحاب الشأن الأصلاء بالموضوع لم يصدر عنهم أي رد، أو تعقيب، كشأن الأمور المهمة المتعلقة بهذه الفترة، فترى عموم الإخوان، والمهتمين بدراستهم، يدلون بدلوهم في القضايا المتعلقة بهم، بينما نرى قيادتها التنظيمية والإعلامية لا يصدر عنها ما يعبر تعبيرا حقيقيا عن الأمر.

الكلام صدر عن شاهد مشارك في الأحداث، وهو من الشخصيات البارزة سياسيا في العقود الثلاثة الأخيرة، سواء على مستوى الخليج، أو العالم العربي، ومعروف بصراحة حديثه الذي قد يكون صادما للبعض، سواء اتفقت معه أو اختلفت، فهو حديث شاهد ومشارك فيما يتحدث فيه. بقيت الأطراف الأخرى لتدلي بدلوها في الأمر، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

منذ ثلاثة أعوام قامت قناة "الجزيرة مباشر" بتسجيل حلقات بعنوان: الشهادة، قام بإجراء الحوار فيها الأستاذ سليم عزوز، سجل فيها مع عدد من الرموز تجربة الترشح للرئاسة وفترة رئاسة الدكتور الشهيد محمد مرسي، وقبل بالتسجيل من لا يحسبون رسميا على التنظيم، بينما رفض المسؤولون الإخوان، بل أطلقوا لجانهم الإلكترونية على البرنامج والمحاور والشهود.
 
وهذه أولى أخطاء الإخوان التاريخية المتكررة، تترك تاريخها دون تدوين، وعندما يقترب أحد منه تخرج رافضة شاجبة مستنكرة لما قاله أو كتبه، ولم تتعلم الدرس منذ أيام عبد الناصر، فقد خرج الإخوان من السجون، ليجدوا روايات وكتب عن تاريخهم، كتب معظمه بيد خصومهم الأيديولوجيين والتاريخيين، واكتفت فقط بالتعليق بكلمة: هذا كذب، فما الصدق إذن؟ لا جواب، وقامت جهود فردية من البعض بالكتابة، ونفس الخطأ يتكرر، وهو ما قلناه مرارا: اكتبوا تاريخكم، قبل أن يموت أصحابه، وتبقى الرواية التي يكتبها الخصوم.

أما بخصوص موضوع الحوار مع رئيس وزراء قطر السابق، وهو ما لا جديد فيه، من حيث النتيجة، وهو: فشل الإخوان في تجربة الحكم، وسواء فشلوا بتعبير الجميع، أو أُفشلوا بتعبير القيادات، فالنتيجة واحدة، والعاقل من يقف ليعرف لماذا فشل أو أفشل، ولا يكتفي بالحديث عن المظلومية والمؤامرة.

 

ميزان العدل له كفتان، وفي السياسة القرار هنا له وجهان، وجه يقوم به الفاعل الحقيقي، ووجه آخر يعاونه فيه الحلفاء، صحيح أن القدر الأكبر يتحمله متخذ القرار، لكن هناك قدر ما يتحمله الحلفاء، نعم نشهد أن الحلفاء قدموا نصائح لا تعد، وهو ما يقتضي منا الإنصاف، وسوف أذكر ما علمته في هذا المجال، وبخاصة في التحذير من الانقلاب وغيره.

 



لكن ينبغي الآن أن تكون النظرة كاملة وكلية لموضوع تجربة الإخوان، فهل فشل الإخوان وحدهم؟ وهل معنى فشل الإخوان أن يُحكم عليهم بأنهم لا يصلحون بتاتا للحكم الآن وفيما بعد؟ وهل ينسب الفشل لهم وحدهم أم لحلفائهم معهم؟ وهل قرر الإخوان الترشح للرئاسة من أنفسهم؟ أم هناك عوامل دفعتهم لذلك؟ وماذا عن ترشح الآخرين من غير الإخوان من تيارات أيضا لم تمارس الحكم؟ وأسئلة أخرى من المهم جدا أن تناقش ويجاب عنها من كل الفصائل السياسية، ومن الحلفاء السياسيين كذلك، فقد كانت هناك قرارات مفصلية تتعلق بالإخوان وتجربتها لم تكن تعبر عن رؤيتها وحدها، بل من الواضح أنه كانت بمعونة حلفائها سواء من القوى السياسية المتحالفة معها، أو أنظمة متحالفة.

لست هنا بصدد الدفاع عن الإخوان، لكني بصدد الحديث عن الاستفادة من الأخطاء، حتى نتلافاها في المستقبل، سواء كيانات أم دول كانت داعمة للثورة المصرية، فمحاولة تعليق الفأس في رأس الإخوان وحدهم، لن يكون الحل الأمثل للاستفادة من التجربة، وقد تم بالفعل أن ألقيت المسؤولية والتبعة وحدها على الإخوان، ولكن هل هذا صحيح؟ الإنصاف يقول: لا، ليس الإخوان وحدهم مسؤولين عن التجربة، الكل مسؤول، كل بقدر الواجب الملقى عليه، حتى لو وضعنا المسؤولية الكبرى على الجماعة، لكن هذا لا يعفي بقية الشركاء والحلفاء.

أخطاء الإخوان عرفناها، وأصبحنا على يقين منها، بقي فيها مجموعة تفاصيل فقط، لكن ماذا عن أخطاء الحلفاء؟ الحقيقة لقد منيت ثورتنا المصرية بحلفاء أصابوا وأخطأوا أيضا، سواء بعد الثورة، أو بعد الانقلاب، ومن الأمانة الحديث عن هذه الأخطاء ليتعلموا ونتعلم للمستقبل، لقد كانت الثورة المضادة أكثر شجاعة وعملا ودعما لانقلاباتها، أكثر من حلفاء الثورات العربية، وبخاصة المصرية، كان دعم الدول التي تدعم الأنظمة المستبدة والثورة المضادة مركزا وكبيرا وشاملا وموحدا وصريحا، بينما كان حلفاء الثورة المصرية يعملون على استحياء، وكأن على رؤوسهم بطحة.

يكفي أن نعود إلى نموذج واحد، يبين بجلاء هذه المقارنة، بعد ثورة يناير خرجت قنوات في مصر وخارج مصر كلها كانت ضد الربيع العربي، من دول داعمة للثورة المضادة، ولم يكن هناك قناة واحدة واضحة وصريحة في الموقف الآخر الداعم للثورة، حتى قناة "الجزيرة مباشر مصر"، والتي قامت بفضل ثورة يناير، كانت لها مواقف محيرة، حتى تكاد تشعر وقت انتخابات الرئاسة أنها أقرب للفريق أحمد شفيق من مرشحي الثورة، ووقت حكم مرسي كنت ترى مواقف لها ضد التجربة، وأقرب لخصوم الثورة، وذلك بدعوى: الحياد الإعلامي.

كان خصوم الثورة عارفين بهدفهم، يعملون له بوضوح، وكأنهم أصحاب حق، بينما كان حلفاء الثورة على عكس ذلك، أو يعملون بدرجة غير كافية لمساندة ثورة في بلدان عربية لم يكن لأهلها أي خبرة سابقة بالعمل بدولاب الدولة، وهو أمر طبيعي.
 
كان دعم الدول الكارهة للثورة المصرية واضحا، يكفي أن تقف على حجم المعونات التي قدمت شخصيا للانقلاب قبله وبعده مباشرة، سواء كان دعما سياسيا أو اقتصاديا، حتى الآن، لم يُترك وحده رغم الإخفاقات المستمرة، بينما أكبر عون مادي قدم للثورة كان على سبيل القرض.

ميزان العدل له كفتان، وفي السياسة القرار هنا له وجهان، وجه يقوم به الفاعل الحقيقي، ووجه آخر يعاونه فيه الحلفاء، صحيح أن القدر الأكبر يتحمله متخذ القرار، لكن هناك قدر ما يتحمله الحلفاء، نعم نشهد أن الحلفاء قدموا نصائح لا تعد، وهو ما يقتضي منا الإنصاف، وسوف أذكر ما علمته في هذا المجال، وبخاصة في التحذير من الانقلاب وغيره.

حتى تكتمل الصورة علينا أن ننظر إلى بقية التفاصيل التي استدعت الإخوان للترشح للرئاسة، ونحن ضد قرارهم بلا شك، وكنا ضده وقتها، لكن الإنصاف التاريخي يقتضي أن يحاكم الشخص على الموقف في إطار ظروفه وملابساته، وهذا حقهم، سواء صوبنا فعلهم، أم خطأناه، فما أسباب ترشح الإخوان للرئاسة؟  


التعليقات (3)
فراس فاضل مهدي
السبت، 12-03-2022 02:37 ص
كان على الاخوان ان يكون لهم قوة داخل الجيش او يؤسسو قوة عسكرية حال استلامهم السلطة ليحموا وجودهم واستمرارهم في ادارة الدولة00 ثانيا : الابتعاد عن الخطابات والطروحات السياسية عن تدخلهم في سوريا والعراق لاجل نصرتهم عبر المؤتمر الاسلامي العالمي مما اثار حفيظة اسرائيل والغرب0
التغيير واجب
الخميس، 10-03-2022 03:15 م
الخلاصة أن الشعوب العربية كانت تعتقد أن طبيب أعشاب يمكن أن يقوم بعملية جراحية و هذا خطأ. يجب إنخراط الإخوان بحزب جديد و إسم جديد و منهج جديد قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ