كتاب عربي 21

روسيا التي تمسك زمام المبادرة

منير شفيق
1300x600
1300x600

لا بدّ أن تُدهشَ عندما تسمع الهجوم الذي تشنّه الإدارة الأمريكية على روسيا بسبب الحرب التي شنتها على أوكرانيا، وقد لا تصدق أذناك أو عيناك أو عقلك، كيف يخرج هذا الكلام على لسان أمريكا، وهي التي، كما في ذاكرة الجميع، شنت الحرب على العراق وأفغانستان واحتلتهما واستباحتهما.
 
ويجب أن تستغرب وتُدهش أكثر عندما تقارن ذلك المنطق بموقفها من كل حروب الغزو والإبادة البشرية التي شنّها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني وقطاع غزة، ومصر 1956، ومصر وسوريا والأردن 1967. والأنكى لو حاولتَ أن تعدّد الحروب التي شنتها أمريكا في تاريخها من الفلبين وعدد من دول أمريكا اللاتينية، وصولاً إلى كوريا وفييتنام. لذهلت لعددها الذي يزيد عن 150 حرباً.
 
وخلاصة كل كلمة تهاجم أمريكا فيها روسيا اليوم، يجب أن تتذكر بأنها تنطبق على ما فعلته ضدّ عشرات شعوب العالم، والدول ذات السيادة.
 
هذا ويجب أن تخرج بالانطباع نفسه، عندما تسمع ما تقوله وتفعله بريطانيا، ليس في مراجعة تاريخها الاستعماري فحسب، وإنما أيضاً، في دعمها لكل حروب أمريكا، كما تفعل الآن. وطبعاً هذا ينطبق على دول الغرب عموماً.
 
ولكن لندع كل هذا جانباً، ونتوقف عند الأزمة الأوكرانية الراهنة وعلاقة ما تقوله أمريكا وبريطانيا عنها، على الخصوص، فيما يتعلق بالقانون الدولي. وذلك باعتبار ما تفعله روسيا، فعلته بالضبط، أمريكا وإلى حد، مائة بالمائة.
 
تقول أمريكا إنه ليس من حق روسيا الاعتراض على الناتو أو أوكرانيا في موضوع ضمّها إلى الناتو، باعتبار أن ذلك يتماشى مع القانون الدولي إذ من حق كل من الدولتين السيدتين أن تعقدا بينهما الاتفاقات بما في ذلك العسكرية، ونقل الأسلحة والصواريخ إلى حدودهما.
 
في العام 1962 اتفق الاتحاد السوفييتي (خروتشوف) وكوبا (كاسترو) على توضيع صواريخ سوفييتية في الأراضي الكوبية. وذلك استناداً إلى ما يسمح به القانون الدولي الذي يعطي لدولتين سيدتين أن تعقدا اتفاقات عسكرية بينهما، وتتبادلا الأسلحة.

 

ما تفعله روسيا اليوم هو بالضبط ما فعلته أمريكا في مسألة الصواريخ السوفييتية في كوبا. وهو عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو وعدم زرع صواريخ على حدود روسيا، بما يمسّ الأمن القومي لروسيا بلا جدال، أو نقاش

 


هنا طار صواب الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي الديمقراطي كينيدي، وأعلن أن ذلك يهدّد الأمن القومي الأمريكي. وهذا يعلو على أيّ قانون دولي. ولهذا فإن على الاتحاد السوفييتي التراجع فوراً. وإلاّ فإن أمريكا سوف تدمّر أيّة بارجة تحمل قطعاً من هذه الصواريخ، إلى كوبا (الدولة ذات السيادة)، ولو أدّى ذلك إلى اندلاع الحرب النووية التي لا تبقي ولا تذر. ولم يترك أحداً في العالم بأن يشك بجديته التي لن تتردد بإشعال الحرب العالمية الثالثة. أُشيع في حينه أن شخصاً قال لآخر، في الغد نلتقي أجابه إن كان هناك غد.
 
وهنا تراجع خروتشوف عن قرار نصب صواريخ في كوبا مقابل تعهّد أمريكا بعدم غزو كوبا واحتلالها. (كشف بعد 58 سنة أن صواريخ كانت مزروعة في تركيا تقرّر سحبها أيضاً).
 
بكلمة: ما تفعله روسيا اليوم هو بالضبط ما فعلته أمريكا في مسألة الصواريخ السوفييتية في كوبا. وهو عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو وعدم زرع صواريخ على حدود روسيا، بما يمسّ الأمن القومي لروسيا بلا جدال، أو نقاش.
 
ولهذا كان يجب على أمريكا أن تعتبر بأن الأمن القومي للدولة الروسية يقع في المقدمة، ولا يُسمح بالمساس به، إلى الحد الذي لا يُحتمل، وإلاّ فتحت أبواب الحرب.
 
فهذا هو العُرف الذي سنّته أمريكا والغرب في حينه، وأصبح حقاً لكل دولة أن تمارسه، إذا استطاعت إلى ذلك سبيلا. هذا يوجب على أمريكا أن تحترم هذا العُرف. وتنسى القانون الدولي، حين يتعلق الأمر بالتهديد الجدّي للأمن القومي. فمن هنا فإن أمريكا هي المسؤولة عن إجبار روسيا على شنّ الحرب. وذلك عندما أمعنت في تطويقها بدول الناتو عبر دول أوروبا الشرقية، أو دول الاتحاد السوفييتي السابقة، وخصوصاً الأخيرة، وخصوصاً أوكرانيا بالذات.
 
ميزة القانون الدولي أنه حقٌ للجميع، وبالقدر نفسه، وإن كانت الدول الغربية هي التي أمعنت في انتهاكه. وراحت تعتدي وتتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ذات السيادة. فالعُرف الذي كرسته أمريكا لا يسمح لها بأن تعتبره حقاً حصرياً لها. ومن ثم بأيّ حق تأتي اليوم لتُدخل العالم في خطر، قد يتعدى حدود أوكرانيا، إذا ما تمّ تجاهل الأمن القومي لروسيا، أو لم يُستجب للرئيسي منه.
 
ولهذا يتوجب على حكومة كييف أن تتحلى بالحكمة، وأن تذهب للتراضي مع روسيا، على حلٍّ يُخرج أوكرانيا وأوروبا والعالم، من خطر لا تحمد عقباه.
 
ثم على أوكرانيا أن تتذكر حقيقتين تاريخيتين، وهما أن أراضيَ روسية، غير شبه جزيرة القرم، أعطيت لأوكرانيا، لتصبح دولة ذات شأن، في المرحلة السوفييتية (منذ عهد ستالين). الأمر الذي يوجب على أوكرانيا أن تبقى صديقة، وألاّ تنقلب إلى الضد، في الأقل، وتُستَخدَم لتهديد الأمن القومي الروسي. وهذا البُعد يجب أن يحسب حسابه، ولو من الناحية الأدبية.

 

العُرف الذي كرسته أمريكا لا يسمح لها بأن تعتبره حقاً حصرياً لها. ومن ثم بأيّ حق تأتي اليوم لتُدخل العالم في خطر، قد يتعدى حدود أوكرانيا، إذا ما تمّ تجاهل الأمن القومي لروسيا، أو لم يُستجب للرئيسي منه.

 



إن أمريكا وبريطانيا وبعض الغرب، يعتقدون أن من مصلحتهم، توريط روسيا في حرب روسية-أوكرانية طويلة الأمد والاستنزاف. ويحسبون أن روسيا لم تستعد بتفاهم مع الصين في مواجهة العقوبات والحصار والمخاسر الاقتصادية. وهو ما تأكد منذ سبعة أيام من الحرب؛ كما أثبتت الوقائع، وليس، وفق تقديرات مسبقة، أو أمانٍ. فمجريات هذه الحرب، حتى الآن، تدل على أن بوتين هو الذي يمسك زمام المبادرة سواء أكان من الناحية العسكرية، أم كان من ناحية مواجهة الأوضاع الاقتصادية، ومدى فعالية العقوبات على مجرى الحرب.
 
طبعاً الخاسر الأول حتى الآن هو الشعب الأوكراني، وحكومة كييف التي تنتظر تعليمات الخارج. أما الخاسرون الآخرون فأمرهم لاحق، وليس الآن.
 
وباختصار نحن الفلسطينيون والعرب والمسلمون وأحرار العالم: أين تقف أمريكا يجب أن نقف ضدها، ومن لم يقتنع فليراجِع التاريخ.     


التعليقات (3)
ناصحو أمتهم
السبت، 05-03-2022 06:27 ص
إن هذه الحرب هي أحد تعابير الصراع العنصري/الديني بين عناصر نفس الحضارة الدنيوية البيضاء المهيمنة اليوم. بأكثر دقة إنها صراع بين العرق الصقلبي (السلاف) المسيحي الأرثوذكسي الشرقي وبقية الأعراق البيضاء الغربية بمسيحيّاتها المخالفة (كاثوليك، بروتستانت، أنجلكن) المجتمعة في منظمة اتفاق شمال الأطلسي (ماشا)؛ وإن المتسبب فيها هو الطرف الأخير. كانت النخبة السياسية التي أدارت روسيا بعد الانهيار، وحتى بعد أن أصبح بوتن أبرز وجوهها، شديدة الرغبة في الاندماج في نمط الدنيوية الرأسمالية (القطاع الخاص والفردانية، اقتصاد السوق ومجتمع الاستهلاك، ديمقراطية التعددية الحزبية) بما في ذلك الاندماج العسكري (عجت وزارات روسيا بخبراء دول ماشا، بل أن الوزير الأول بوتن في لقائه الرئيس كلنتون يوم 17 رجب 1431 بموسكو استطلع عن موقف أمريكا من عضوية روسيا لماشا). إن سياسة ماشا في إقصاء ومحاصرة روسيا بالتوسّع شرقا لم تبق لبوتن سوى خيارين: القبول بتحوّل روسيا نهائيا إلى مجرّد دولة اقليمية أو إثبات أنها قوة عظمى موازية لماشا وهو خيار يقتضي إيقاف التوسّع الشرقي لماشا، الذي لم يعد بينه وبين باب موسكو سوى إعلانه قبول عضوية أوكرانيا، للمحافظة على مسافة أمان ثابت لموسكو. وهوما لا ينجز إلا بوضع اليد على أوكرانيا (ابتلاعا أو تدجينا مثل بلاروسيا). ولأن بوتن أراد لروسيا موقع القوة العظمى الموازية لماشا المتكبّر عليها، كان الهجوم على أوكرانيا حتميا كما ظهر في كل أقوال بوتن التي سبقته. هل يبتلع\يدجن بوتن أوكرانيا ثم يوسّع روسيا إلى حدود الاتحاد السوفياتي فيثبّتها قوة عظمى بيضاء شرقية صقلبية مسيحية أرثدوكسية موازية لماشا فيسرّع ظهور نظام دُوَلي قائم على التوازن بين بضعة أقطاب؟ أو تكون أوكرانيا ورطة مزمنة يجني بها على روسيا التقسيم الذي سينفذه ماشا عن بعد بالعقوبات القاسية ودعم مقاومة أوكرانيا بالسلاح والمرتزقة ودفع الشعوب المضطهدة في روسيا إلى الثورة والاستقلال (لقد بدأ العمل لتشغيل هذه الوسائل) ؟ أيّا يكن الاحتمال الذي سيقع، فإننا الآن نسجّل: أ) كان الأوكرانيون ضحية نفاق دول ماشا التي كانت في سرّها تعتبرهم والروس (عرقا ودينا) شيئا واحدا أدنى منها؛ وكانت في علنها تستخدمهم شوكة في حلق روسيا مقابل وعود زائفة بالحماية والإدماج (كشف زيفها تكرار مسؤوليها عدم تدخل ماشا ضد بوتن في أوكرانيا). كما كانوا ضحية سذاجة نخبتهم السياسية التي كانت تصدّق تلك الوعود(قبولها مبكرا التخلي عن التركة النووية وفق اتفاق 3 رجب 1415 في بودابست، عدم تطوير الصناعة الموروثة بنفس الوتيرة التي كانت روسيا بوتن تعيد بها بناء كل صناعاتها) وأضاعت زمنا ثمينا دون بناء جيش محترف يمكنه ردع روسيا. لم تنتبه هذه النخبة إلى غبائها إلا بعد فوات الأوان لمّا ضم بوتن شبه جزيرة القرم يوم 17 جمادى الأولى 1435. وها هي الحرب تكشف منذ يومها الأول افتقاد اوكرانيا لسلاح جو ولدفاع جوي ولبحرية عسكرية (رغم امتلاك عدد مواني يقارب ما عند روسيا) ولأي سلاح قادر على الضرب داخل التراب الروسي الملاصق. ب) إن هذه الحرب هي صراع بين عناصر نفس الحضارة الدّهرية البيضاء المهيمنة اليوم (أكثرية العنصر الصقلبي الأرثودوكسي الشرقي ضد بقية عناصرها العرقية والدينية الغربية التي ترى نفسها الأرقى). إنها، بالمنهج السُّنني الإسلامي لفهم حركة الإنسان فوق الأرض عبر الزمن، رحمة لبقية الإنسانية؛ لأنها قد تكون المدخل إلى نظام دُوَلي جديد يقوم على التوازن بين بضعة أقطاب بعد نظام أحادي طاحن. لقد أرشد الله المسلمين في موضعين من القرءان المجيد (الآيات 244 –251 من سورة البقرة والآيات 38 – 41 من سورة الحج) إلى أن الحرب، على ما فيها من سفك للدّماء ودمار وتشريد، من أهم وسائل تغيير مجتمعات البشر. وأنها تكون أحيانا ضرورية لأجل عدل أكبر. في الموضعين، بعد أن يحدّد الخالق عز وجل القتال الضروري، يخلص إلى قانون التدافع الإنساني الحاكم لحركة جماعات البشر فوق الأرض عبر الزمن(... وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) و(... وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز) ثم يختم هذا الموضع الثاني بالتذكير بـأهداف قتال الضرورة الشرعية (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ41 الحج)؛ أي لأجل بشرية عارفة بخالقها وعابدة له وحده كما أمرها، متصرفة في الثروة بالقسط ، ومُنكِرة على كل ظالم. ت) رغم أن كلاهما مشروع قطب في نظام دُوَلي يقوم على توازن بضعة أقطاب، ظهر الصقالبة البيض أجرأ من التنين الأصفر على ماشا. رغم أن جزيرة تايوان على 100 ميل من يابستها، ورغم أن دول ماشا تعترف بها ولا تعترف بتايوان دولة سيّدة، ورغم أنه (عكس الخبط العشوائي على الشاشات لوجوه عربية محسوبة على المعرفة) ليس لأمريكا أي التزام قانوني دولي موثّق بحماية تايوان وليس لها فيها حتى قنصلية وأن علاقتها الإدارية مع حكومة الجزيرة تتم عبر مؤسسة أمريكية خاصة هناك (المعهد الأمريكي في تايوان)؛ فإن الصين، حتى بعد أن غدت قوة اقتصادية وعسكرية مُحدِّدَة، لم تجرؤ على استرداد الجزيرة (قد يكون ذلك لطبع الصيني المبالغ في الحذر وقد يكون صبرا محسوبا). بينما نجد روسيا؛ رغم افتقادها نحو أوكرانيا لكل ما تملكه الصين نحو تايوان (روسيا لا تملك أي مسوّغ قانوني لمهاجمة أوكرانيا وعلى النقيض هي معترفة بها مرتين دولة سيّدة على حدود ما قبل ضم القرم: الأولى في 15 جمادى الآخرة 1412 والثانية في اتفاق بودابست المبرم في 3 رجب 1415 برعاية وشهادة وضمانة أقطاب ماشا. كما أن بقية دول العالم معترفة بأوكرانيا دولة سيّدة على نفس الحدود)؛ فقد تجرّأت على ماشا وفعلتها. ث) مرة أخرى يظهر التّكبّر العنصري لماشا في التضحية بالأوكرانيين لمجرّد أن غالبيتهم صقالبة أرثدوكس. ومرة أخرى ينكشف نفاق دوله وتنفضح كذبة كونية القيم التي تروّجها عبر خداع بقية الشعوب واستخدامها وقود حروب وكالة ضد روسيا الصقلبية الأرثدوكسية. ج) كشفت مواقف مختلف الدُوَل في مجلس الأمن والجمعية العامة غياب الاصطفاف الحاسم بين كل من روسيا وماشا. فالذين ساندو روسيا ساندوها في حدود ما تسمح به خططهم وطموحاتهم الخاصة (الصين عماد هؤلاء وهي لم تعترف لبوتن حتى بالسيادة على القرم ولم تعده بدخول الحرب معه في حالة دخول ماشا الحرب رغم تكرار اعترافه لها بالسيادة الكاملة على تايوان. وذلك لأن مصالحها الآنية مع دول ماشا ما تزال أكبر بكثير منها مع روسيا ولأنها على المدى المتوسط ترشّح نفسها قوّة أولى ترث كلاهما). كما أن الذين وقفوا مع ماشا كان وقوفهم محدود السقف. ح) في الوقت الذي مثّل هجوم بوتن على أوكرانيا درسا جديدا لكل عاقل عن خرافة الاحتماء بالقانون الدولي وشرعيته وبأنه لا مكان مستقبلا للدويلات المصطنعة الكسيحة وللتراب الضيّق، نجد حكّام دويلات الوطن العربي (وكلها اصطناع أوروبي كسيح) ماضون في التآمر ضد بعضهم وتدمير عناصر وحدة الأمة والتنافس المحموم على خدمة ماشا والمجرم صهيون. خ) على مستوى بقية عالم المسلمين؛ عكس تركيا التي رغم التزاماتها كعضو في ماشا تحسن حكومتها اللعب المنفلت من كل مرجعية لصالح بلدها؛ لدينا خشية كبيرة من أن تلقي باكستان نفسها في تهلكة لا داعي لها من خلال التأييد المتسرّع الذي أبداه أخيرا عمران خان لروسيا ربما لأجل بعض المنافع المادية الآنية (وقود، حبوب، بعض السلاح...). د) أيها العرب، أيها المسلمون، يا بني جلدتنا من أتباع الفكر الدّهري الأبيض بجميع مدارسه ؛ كفاكم حمقا وانخداعا بكذبة القيم الكونية للحضارة المهيمنة اليوم. إنهم جميعا لا يرونكم إلاّ سوقا ووقودا لحروبهم وعصفا مأكولا: من ماشا إلى المهاجم (بوتن) إلى الضحية (أوكرانيا). أمَا رأيتم أن هذه الأخيرة وهي منذ بداية الهجوم تضرب الآليات الروسية بالمسيّرات التركية قد ظنّت بذكر ذلك في إعلامها طيلة الأيام الثلاثة الأولى ولم تتحدّث عن فعاليتها إلاّ بعد احتجاج أردوغان لمّا هاتفه زيلينسكي طالبا مزيد العون؟ بهذا الجحود لا تريد أوكرانيا لأي سلاح غير أبيض (صانعه غير أبيض) كسب شهرة دولية. تيقّنوا أن القيم الكونية الوحيدة هي الصادرة عن خالق الكل في خطابه الأخير(القرءان المجيد) إلى الثّقلين (المخلوقات العاقلة المكلّفة بمهمة الاستخلاف في الكون والمُحاسَبة على أدائها يوم القيامة من جن وإنس) عبر أوسع وأوجز وأدق لسان بشري؛ إنها وحدها الإطار الأمثل لإقامة حضارة إنسانية جديدة أعدل وأرحم على قاعدة التعارف الحر(التبادل الأفقي المتكافئ للأفكار والبضائع والخدمات). وأخيرا؛ لأن دول النواة الصلبة لماشا متّفقة منذ فك الاتحاد السوفياتي على أن أوكرانيا الصقلبية الأرثدوكسية حيّز إثني ثقافي أمني روسي، ولأنها ما انفكت تؤكد أنها لن تحارب روسيا فيها، ولأن قلقها الحقيقي هو من تعثّر بوتن في اتمام افتراس سريع، ولأنها فقط في حالة عجزه (استمرار مقاومة أوكرانية) ستنظم حروب وكالة (العقوبات، المرتزقة، الشعوب المضطهدة داخل روسيا) حتى تسقط روسيا ذاتيا من موقع القوة العظمى الموازية؛ فلا ينبغي لأي حكومة عربية ومسلمة الاصطفاف الفعلي مع أي طرف حتى لو اندلعت الحرب بين روسيا وماشا. وإن تطورت إلى حرب عالمية شاملة، فليكن العرب والمسلمون(دولا، تشكيلات أدنى، أفرادا) آخر داخليها أي بعد أن يدمّر مفجّروها بعضهم بعضا. ولله غالب على أمره.
محمد
الجمعة، 04-03-2022 11:59 ص
أوهام القوميين العرب واليسار. تحالف مع الدكتاتوريات، تجاهل لدماء الشعوب، الوقوف ضد طموحات الشعوب.. الخ، وكل هذا بحجة معارضة أمريكا وتحرير فلسطين! والمقال أيضا قراءة خاطئة للواقع وخريطة التحالفات الدولية
الكاتب المقدام
الخميس، 03-03-2022 06:29 م
*** تتبنى مقالة الكاتب وتكرر كل الحجج التي تسوقها آلة الدعاية الروسية في تبريراتها لقرارات شن حرب إبادة شاملة لاحتلال كامل أراضي وشعب جارتها الأصغر أوكرانيا، والأصوب القول بأنها قرارات بوتين المنفردة وليست قرارات روسيا، التي همشت بعد أن قزم بوتين روسيا كلها كبلد ودولة وشعب واختزلها في ذاته المتضخمة، ضارباُ بذلك نموذجاُ جديداُ في القيادة الدكتاتورية الشمولية لم نشهد مثيلاُ له منذ عصر شيوعية لينين وستالين ونازية هتلر وفاشية موسوليني، والدكتاتوريات الإجرامية للقومية المتطرفة لناصر وبورقيبة وصدام والقذافي والأسد، وبوتين يورط يلاده وشعبه في حرب عبثية لا تحقق أي مصالح استراتيجية أو سياسية أو اقتصادية لروسيا، ولا تهدف إلا إلى ضمان بقاء بوتين شخصياُ على كرسي الحكم، بتحقيق انتصارات وهمية تمكنه من سحق المعارضة الداخلية لحكمه الاستبدادي الفاسد في روسيا، ولإلصاق تهم العمالة والخيانة لرافضي استبداده وفساده لسحقهم بادعاء أنه "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، ويريد الكاتب أن يجندنا ويحشدنا وراء بوتين لخدمة إجرامه، بدعوى مغرضة بأن " أين تقف أمريكا يجب أن نقف ضدها"، حتى ولو كان ذلك الوقوف بتأييد مجرم الحرب بوتين الذي أمعن في قتل السوريين السنة بأيدي عصابة المرتزقة الروس فاجنر وتسبب في تشرد الملايين من شعبها، لدعم بقاء المجرم بشار النصيري العلوي على كرسي حكم سوريا واقفاُ على جثث أبناء بلده وفوق اطلالها. وأسباب ذلك التأييد الأعمى للكاتب وانجرافه المفضوح المنحاز وراء المجرم بوتين، قد يكمن وراءه كونه قد تربى في حضن الحزب الشيوعي الأردني وكان منظره المدافع عن ماركسيته في شبابه (يبلغ الكاتب اليوم 88 سنة، فكتاباته الأخيرة تعتبر بمثابة كلمته ووصيته الأخيرة)، والكاتب قد تقلب من المسيحية إلى الإسلام متأثراُ بالخميني الشيعي الإثنى عشري، وهو يكتب منذ ذلك الحين بصفة المفكر القومي الإسلامي، والله أعلم بما في نفوس عبيده.