صحافة إسرائيلية

تقدير إسرائيلي: صفقة نتنياهو "عار" ولا أساس أخلاقيا لها

 نتنياهو سيواصل التحريض على المنظومة القانونية رغم نجاحه في إحباط المعارضة داخل النيابة لإبرام الصفقة- الأناضول
نتنياهو سيواصل التحريض على المنظومة القانونية رغم نجاحه في إحباط المعارضة داخل النيابة لإبرام الصفقة- الأناضول
ما زال الحديث عن صفقة محتملة سوف يبرمها الطاقم القانوني لبنيامين نتنياهو زعيم المعارضة الإسرائيلية مع المنظومة القضائية تشغل الرأي العام الإسرائيلي، وسط موقف عام رافض لها، لأنها "تشرعن" لاحقا أي فساد سوف يرتكبه رؤساء حكومات قادمون، بزعم أن هناك سابقة في صفقات الإقرار بالذنب، وبالتالي فهم لا يخشون قضاء سنوات في السجن.

في الوقت ذاته، تعتقد الآراء المعارضة لإبرام الصفقة مع نتنياهو أنه فقد حقه في أن يُنظر إليه بعين الرحمة بعد الحملة التي شنها ضد الشرطة والنيابة، والأفضل أن تفصل المحكمة في الخلاف القانوني القائم بعيدا عن الصفقات المحبوكة في الخفاء، رغم أن مساومات إقرار نتنياهو بالذنب تبدو ضرورة مؤسفة، لأنهم يبررون ذلك بتوفير أموال الدولة، وتخفيف الأعباء عن المحاكم، وتقصير مدى المحاكمة.

ناحوم بارنيع كبير المحللين الإسرائيليين ذكر في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمته "عربي21" أنه "في حالة بنيامين نتنياهو، تظهر حجة أخرى قوية لصالح صفقة الإقرار بالذنب، لأنها ستؤدي إلى وضع حد للحملة السيئة التي يشنها أنصاره ضد سلطات إنفاذ القانون، وهذا هو العيب الأساسي في الصفقة المطروحة على الطاولة، مع وجود ضرر عرضي آخر، يتمثل في أن يتسبب ذلك لرئيس المحكمة العليا السابق القاضي أهارون باراك في إساءة لإرثه القانوني بموافقته على الصفقة".

وأضاف: "إننا أمام صفقة أشبه ما تكون بالمقامرة، لأنه لا أحد يعرف أبدًا كيف سينتهي الأمر، وما هي المخاطر الكامنة، لأنه منذ أن بدأت تصدر الاتهامات ضد نتنياهو بالفساد والاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة، تغير الوضع السياسي في إسرائيل، وحاول المتهم أربع مرات تشكيل تحالف يخرجه من المحاكمة، لكنه في النهاية فشل في كل محاولاته هذه، حتى إن استطلاعات الرأي لا تعده بأي فرص حقيقية، سوى قضاء بضع سنوات أخرى في المعارضة، وبقائه يمثل دور الصمغ الذي يبقي تحالف بينيت-لابيد على قيد الحياة".

يدرك الإسرائيليون عموما، والعاملون في سلك القضاء خصوصا، نقاط قوة نتنياهو وضعفه، والأهم من ذلك كيف أن صفقة من هذا النوع ستحقق "كارثة" في إسرائيل، التي ستكون بحاجة ماسة إلى الإنقاذ، خاصة بعد فضح تدخل عدد من أقطاب المنظومة القانونية والقضائية في إبرام هذه الصفقة، رغم أن عددا من كبارهم، لاسيما المستشار القضائي للحكومة أفيخاي مانديلبليت الذي يمتلك جبهة داخلية يحتاج للعناية بها، ويخشى أنه إن لم يقم بهذه الصفقة، فقد يفوت الأوان، رغم علمه اليقيني أن الصفقة خلقت واقعا تحرم كل أطرافها من الأساس الأخلاقي لتوقيعها.

تتحدث المحافل السياسية والحزبية الإسرائيلية اليوم عن السبب الحقيقي الذي دفع نتنياهو والجهات القانونية للحديث عن صفقة الإقرار بالذنب، وفي هذا الوقت بالذات، رغم وجود قناعة سائدة في معظم السنوات الماضية أكدت أنه في مثل هذا النزاع القانوني فإن المحكمة هي التي ستقرر مآلاته، وليس صفقة محبوكة تم وضعها سراً.

الغريب أن تقدم الجهات القانونية الإسرائيلية على إبرام صفقة مع نتنياهو الذي حقق لنفسه سابقة لم تعرفها إسرائيل سابقا بأن يوجه اتهامات قاسية لجهاز إنفاذ القانون، زاعما أنه يمارس عليه اضطهادا سياسيا، ويتهمه باتهامات مختلقة، وينفذ ضده انقلابا، ولم يتروع نتنياهو وفريقه عن اتهام أشخاص بعينهم في الشرطة والنيابة، بمن فيهم شخصيات عامة، وصولا إلى اتهام المؤسسة بأكملها بالتآمر الإجرامي..

مع العلم أن العديد من الإسرائيليين يتوقون إلى اللحظة التي سيدخل فيها نتنياهو إلى السجن، رغم أن الأفعال التي سيُطلب منه الاعتراف بها من خلال الصفقة الموعودة يجب أن تمنعه من العودة إلى العمل السياسي، وفي الوقت ذاته فإن هذه الصفقة تفتقر للمطالبة بإعادة الأموال والمزايا التي حصل عليها هو وزوجته، وتفتقر إلى التزامه القاطع بالتغيب عن الساحة العامة لسنوات سبع مقبلة، وهي سنوات العار، رغم أن نتنياهو سيفعل كل ما بوسعه حتى لا يعترف بالجرائم التي سيدان بها.

في النهاية يمكن القول أن نتنياهو سيواصل التحريض على المنظومة القانونية، رغم نجاحه في إحباط المعارضة داخل النيابة لإبرام الصفقة، والأهم من ذلك تليين الرأي العام الإسرائيلي في الخارج، رغم أنه في النهاية تسبب بأضرار جسيمة للدولة، لأنه في هذه الحالة سيدفع رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت للدعوة لحذف سجله الإجرامي، وبالتالي محو وصمة العار.
0
التعليقات (0)