ملفات وتقارير

مخاوف إسرائيلية من تضارب مصالح القوى العظمى في أوكرانيا

لا تتردد تل أبيب في الإعراب عن قلقها من اتخاذ أي موقف تجاه الأزمة الأوكرانية الروسية- جيتي
لا تتردد تل أبيب في الإعراب عن قلقها من اتخاذ أي موقف تجاه الأزمة الأوكرانية الروسية- جيتي

تراقب المحافل السياسية والأمنية الإسرائيلية عن كثب تصاعد الموقف بين روسيا والولايات المتحدة والغرب على خلفية أزمة أوكرانيا، مما قد يحرم إسرائيل من الاستمرار في سياستها القائمة على التحالف مع الغرب، وتجنب المواجهة مع الكرملين، وفي هذه الحالة من المتوقع أن تقرر تل أبيب في أي مجالات تتعاون مع موسكو، رغم بعدهما الجغرافي.

في الوقت ذاته، تجري محافل صنع القرار الإسرائيلي نقاشات ساخنة داخلية حول كيفية التصرف بشكل صحيح حول احتمال سلوكها إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا، وكيف، ومتى سيحدث هذا، رغم أن السنوات الأخيرة شهدت تمكن تل أبيب من صياغة مسار مختلف في سياستها الخارجية، فهي لا تواجه موسكو علنًا بشأن القضية الأوكرانية، وامتنعت عن الانضمام للإجراءات العقابية الجماعية الغربية ضد روسيا، من عقوبات وعزل سياسي وطرد جواسيس.

دانيئل راكوب خبير الشؤون الروسية في معهد القدس للاستراتيجية والأمن "JISS"، ذكر في مقاله بموقع "نيوز ون"، وترجمته "عربي21" أن "إسرائيل تسعى للحصول على فهم نسبي لحاجتها للتحدث مع الكرملين، لا سيما في ظل علاقات الجوار التي نشأت بينهما عقب تدخل روسيا العسكري في الدولة السورية منذ عام 2015، ما يؤكد أن العلاقات بين إسرائيل وروسيا في أعلى مستوياتها على الإطلاق، مقارنة بشكل كبير بالفترة السوفيتية".

وأضاف أن "روسيا تسمح لإسرائيل بحرية العمل العسكري ضد إيران في سوريا، وتقوم بإيماءات مثل إعادة رفات الجندي المفقود من معركة السلطان يعقوب، زخاريا باومل، وتتوقع روسيا أن تساعدها إسرائيل في التوصل لاتفاقيات سياسية بشأن الشرق الأوسط بالتعاون مع الولايات المتحدة، حيث يشكل مليون ناطق بالروسية في إسرائيل جسراً ثقافياً بين الدولتين، وهناك علاقات تجارية مزدهرة قيمتها 3 مليارات دولار في السنة".

في هذا الصدد، يُنظر إلى إسرائيل في روسيا بأنها شريك على نطاق عالمي، ومن ناحية أخرى هناك العديد من تضارب المصالح، التي يحاول الطرفان ترسيمها، وفي حال تصاعدت الأزمة الروسية الغربية الأوكرانية، فسوف تجبر تل أبيب على إعادة النظر في سياستها الحالية، وقد تطلب إدارة بايدن منها مواقف أكثر صرامة مما كانت عليه في الماضي، والانضمام علنًا للمعسكر الغربي في إدانة روسيا، وصولا لقطع العلاقات معها.

وفي حال رفض تل أبيب القيام بهذه الخطوات فإنها ستضاف لسلسلة خلافاتها مع واشنطن حول النووي الإيراني، والقضية الفلسطينية، والصادرات السيبرانية الهجومية، وغيرها، وفي الوقت نفسه، قد يتعين على تل أبيب أن تدرس باستمرار قراءة سياساتها، في ضوء تركيز الولايات المتحدة على المواجهة مع الصين، وانسحابها من الشرق الأوسط، وتعاني اليوم من صورة ضعف نسبي بين لاعبي المنطقة، حيث تعمل روسيا والصين على تعزيز دورهما هناك.

في الوقت نفسه، فإن الاستجابة الإسرائيلية للمطالب الأمريكية فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، قد يؤثر سلباً على علاقتها مع روسيا، التي تمنح تل أبيب حرية العمل في استراتيجيتها "المعركة بين الحروب" في الساحة الشمالية، خاصة على جبهات سوريا ولبنان وإيران، وفي هذه الحالة فإن الحدود الشمالية ستكون نقطة اختبار عن كثب لكيفية تكييف سياساتها مع سيناريوهات التصعيد في المنافسة بين القوى.

لا تتردد تل أبيب في الإعراب عن قلقها من اتخاذ أي موقف تجاه الأزمة الأوكرانية الروسية، لأنه سيؤدي لتآكل الثقة مع حلفائها، خاصة موسكو، ولذلك تبدو مطالبة باتخاذ خطوة للأمام نحو صياغة استراتيجية لإدارة عصر المنافسة الشرسة بين القوى، خاصة في حال قرار روسيا غزو أوكرانيا في المستقبل القريب، مما قد يستدعي منها صياغة آليات تشاور وثيق مع الحلفاء الغربيين، لوضع نفسها كجسر محتمل بينهم وبين روسيا.

تحذر المستويات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية من أن يؤدي الفشل في صياغة مثل هذه الاستراتيجية إلى وضع تل أبيب في مرمى نيران بين القوى، مما يضعها في سلسلة من مكافحة الحرائق، بطريقة تقلل من قدرتها الاستراتيجية على المناورة، وتؤثر سلبًا على القضايا الأساسية لأمنها القومي.

 

0
التعليقات (0)